تستمتع الأستاذة حمروش وفاء وهي تلقي دروس التاريخ على تلاميذها، ويزداد هذا الاستماع كلما بدت على التلاميذ علامات الاهتمام والتركيز، في أحيان أخرى، تشعر الأستاذة بنفور تلاميذها وتدرك أنهم لايعيرون اهتماما لهذا الجانب، مما دفعها للبحث عن وسائل أخرى بديلة، توصل إليهم التاريخ في أشكال سلسلة وجذابة.
السيدة حمروش وفاء، أستاذة مادة التاريخ والجغرافيا في الطور المتوسط باكمالية ''محمد بوراس'' بالعاصمة، تزاول مهنة التعليم منذ 1986 التي لا تعتبرها مجرد وظيفة ونشاط روتيني، بقدر ما تعتبرها رسالة سامية، خاصة إذا ما ارتبطت بجانب تاريخ الجزائر الذي هو أحد دعائم تكوين شخصية وهوية الأجيال الصاعدة.
كي تقرّب هذا التاريخ من تلاميذها، خاصة بصف الرابعة متوسط، قامت السيدة وفاء بتأليف مقالات من 15 صفحة، وزعتها على تلاميذها، وتصب كلها في موضوع تاريخ الجزائر إبان الاستعمار الفرنسي وما يمثله من تدمير للهوية، والاستعباد للإنسان والأرض، وتحطيم لقدرات شعب كامل طيلة 132 سنة، وكيف استطاع هذا الشعب الأعزل، الجريح أن ينتصر بمقومات وإمكانياته، هذا الإستعمار القوي والفتاك.
بالمقابل، استعرضت الأستاذة وضعية الجزائر وشعبها قبل الاستعمار، وبالضبط إبان العهد العثماني، كي تقارن الحالة الاجتماعية، السياسية والثقافية قبل الاحتلال وبعده.
في حديثها لـ''المساء''، أشارت السيدة وفاء إلى أنها اعتمدت أسلوبا بيداغوجيا، تربويا بسيطا ومباشرا، هو في متناول التلاميذ، مما يمكّنهم من سهولة الإدراك ويخلق عندهم الشوق لمعرفة أحداث تاريخية مهمة، عوض عرضها بشكل جاف وسردي.
كما خصصت الأستاذة حيّزا في مقالاتها خاصا بـ ''ذكريات تاريخية خالدة''، رصدت فيها نماذج من كفاح الشعب الجزائر، وهي عبارة عن قصص إنسانية مؤثرة، وأقل قصة فيها بـ 3 صفحات، علما أن هؤلاء الأشخاص الأبطال هم من عامة الشعب ومن البسطاء، لكنهم حفروا مجدهم في ذاكرة التاريخ.
للإشارة، فقد اعتمدت الأستاذة على عدة مراجع تاريخية، منها ''جزائر ماقبل الاحتلال'' لمبارك الميلي، و''الجزائر في عهد الاستعمار'' لصالح بوكردوس، وتقول: ''أطلب فقط تحويل مقالاتي التي اجتهدت فيها منذ 3 سنوات، إلى كتيبات صغيرة (75ص)، لتعم الفائدة جميع التلاميذ، وتتعزز معارفهم العلمية التاريخية، علما أنني توجهت إلى دار النشر ''كاتب وكتاب'' بساحة أودان، لكن لم أتلق إلى حد اليوم، ولا أدري ما السبب''.
للتذكير، فإن حمروش وفاء، حائزة أيضا على شهادة الكفاءة ومرسمة، ظلت طول مشوارها التعليمي تعتمد على الإلقاء وإشراك التلاميذ في الدرس، عوض التلقين أو الإملاء، وتحاول قدر المستطاع أن تستحضر التاريخ بكل تجلياته في كل قسم تدخله.
يعطي الفنان عبد الرحمن بختي فضاء معرضه التشكيلي المقام حاليا بمركز التسلية العلمية للمرأة محاولا في ذلك تخصيص الحيز الكامل للتعبير عن حياتها وآلامها وآمالها نحو آفاق مستقبل أفضل وأجمل.
يطبع لوحات الفنان بختي الأسلوب السريالي بوجه عام، كما يعتمد أيضا على أسلوب التشخيص فهو شديد التركيز على الملامح، خاصة ملامح وجه المرأة.
على امتداد ثلاث وعشرين لوحة يعطي الفنان الظهور كاملا للمرأة، ففي لوحة »الوجوه الثلاثة للمرأة« يرسم الفنان الوجه بأبعاد وحالات مختلفة للمرأة في هدوئها وحركتها الضاحكة ولون عيونها وهكذا... وهو تعبير عن تنوع جمال هذا الكائن الرقيق ذي الإحساس المرهف. في لوحة ''النظرة'' تحاول ريشة الفنان اللعب على تقاسيم الوجه ليبدو في أشكال هندسية تكعيبية تظهر المرأة في حالة سكون وأحيانا في حالات تذمر.
لوحة أخرى تربط المرأة ببعض الرموز التي تنسب إليها كالبيضة التي ترمز للحياة والإنجاب وأدوات الطبخ وأصل الشجرة الذي هو رمز لكل أنثى ولود.
في لوحات أخرى، تظهر المرأة أكثر راحة وانسجاما سواء مع الطبيعة او مع الرجل، تظهر مثلا في حالة صفاء تجعلها مع أمواج البحر وهي جالسة في استرخاء على أحد الصخور متأملة جمالا لايقل فتنة عن جمالها، ونفس الانسجام تعيشه هذه المرأة في لوحة أخرى مع رجل تحبه ''العشاق'' تبادله النظرات والهمسات.
تتواصل حالات الصفاء لتظهر ''الابتسامة'' وهي لوحة كبيرة بمساحة زرقاء شاغرة مرسوم في وسطها فم امرأة ضاحك، وفي ''الشابة الضاحكة'' تدخل المرأة عالما من الهدوء تعيشه في ظلمة الليل ذات الاضاءة الحمراء الداكنة لتتجلى صفة الحكمة فيها اكثر من صفة الجمال.
بالمقابل تحاول المرأة الشابة في لوحة أخرى إبراز جمالها الأصيل وهي تجلس في بيئة صحراوية تقليدية جميلة إلا أن عينا شريرة غاضبة يبعثها رجل تحاول إفساد نشوتها.
تحضر ضمن المعرض لوحة ''المرأة ذات الوردة'' وهي عبارة عن بورتريه رسمه بختي لابنته الشابة والتي تبدو وكأنها صورة فوتوغرافية حية.
''المرأة الجرة'' ابراز لمدى تشبث المرأة بالعادات والتقاليد لتبدو الجرة فوقها وكأنها امتداد طبيعي لرأسها الجميل المشرق.
وتتوالى اللوحات منها ''حب في مهب الريح'' التي يظهر فيها وجه امرأة ممسوكا على حبل غسيل تتقاذفه الرياح، ولوحة ''المرأة عند الولي'' تبرز فيها المرأة مطمئنة تتأمل ضاحكة مقام الولي الصالح وهي تحلم بغد أفضل. قدسية المرأة في عقلها وأمومتها، ينعكس في ''المرأة المتأملة'' و''الأمومة''، وكل ما يرتبط بالمرأة حاضر في المعرض حتى الثقافة التي ترمز لتفاحة آدم وحواء في الجنة والتي هي أساس الصراع بينهما، والمرأة تعني ايضا الزمن لذلك صورها الفنان في فرس قوية تجري بسرعة الزمن نحو المستقبل.
ألوان اللوحات كلها داكنة تقريبا يطبعها الأحمر والأزرق والاخضر والبرتقالي والأسود والبني كما أن هناك لوحات قليلة منجزة بتقنية الحبر الصيني وكلها عبارة عن شخوص لوجوه رجال او نساء.
بالمناسبة إلتقت »المساء« بالسيد مساعدية المكلف بالفنون التشكيلة على مستوى المركز الذي أشاد برقي الفنان بختي ذي الشهرة المكتسبة عبر 25 سنة من العطاء والذي يحمل في كل معرض الجديد والمتمكن من مزج الواقع بالخيال.
يقول مساعدية »طلب منا بختي معرضا فرديا فلبينا طلبه لأننا نعرف مقامه«.
للإشارة فإن عبد الرحمن بختي منسق بالاتحاد الوطني للفنون الثقافية بولاية تيبازة وسبق وأن اقام معارض عبر التراب الوطني وذلك منذ 1986 إضافة الى معارضه في الخارج، وتستمر فعاليات هذا المعرض الى غاية 10 أفريل الجاري.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/04/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : مريم .ن
المصدر : www.el-massa.com