معرض الشارقة الدولي للكتاب.. البعد الإنساني

ما أن تصل إلى مركز الإكسبو، الذي يحتضن أجنحة وفعاليات وإدارة "معرض الشارقة الدولي للكتاب" حتى تواجهك لوحة أنيقة من الصّعب ألا تلفت انتباهك، كتب عليها: "مواقف لأصحاب الهمم"، ووضع فوق الجملة الرّمز العالمي لذوي الاحتياجات الخاصّة، الذين يسمّيهم قطاع واسع من العرب بالمعوّقين. إنها التفاتة إنسانية وحضارية جديرة بالتثمين والتقليد أيضًا. لماذا لا نجد حرجًا في أن نقلّد الغربيين في أمور كثيرة، حتى أننا أخذنا معظم قوانيننا ودساتيرنا من عندهم، ونقول ذلك بنبرة عالية من التفاخر، بينما نجد حرجًا من تقليد بعضنا نحن العرب، في أمور جديرة بذلك.لا يجد ذوو الاحتياجات الخاصة، أو "أصحاب الهمّة" بلغة إدارة المعرض، صعوبة في الدخول والخروج والطواف على الفضاءات المختلفة. فالمداخل والمخارج مكيّفة وفق خصوصيتهم، بحيث يدخلون ويخرجون من غير أن يشعروا بأنهم ليسوا أسوياء أو مزعجين أو معرقلين لحركة "الأصحاء"، بل إنني رأيت كثيرًا منهم يحرصون على الذهاب إلى ركن التوقيعات، والحصول على نسخهم من كتّابهم المفضّلين.
سألت أحدهم: لماذا أنت كثير الابتسام؟ فقال لي: سعيد بأن محيطي يساعدني على أن أتجاوز المعيقات المختلفة، فأنسى أنني لا أملك رجلين. أنا أمشي بتشجيع أهلي لي. التشجيع هو الطاقة الحقيقية، والدليل أن مالكي الأرجل الذين لا يحظون بالتشجيع يتصرفون كأنهم مشلولون، صح؟ كم من شاب عربي قوي البنية ومفتول العضلات لكنه يقضي يومه خاملًا؟
لقد سمّاني أهلي "صاحب الهمّة"، يواصل محدّثي، فأنا أتصرّف على ذلك الأساس، ولو سمّوني معوقًا لأثّر ذلك في نفسيتي ونشاطي وعطائي وتحوّلت إلى عالة عليهم وعلى الحياة.