الجزائر - Dhaya

معتقل بوسويت أدهية بالضاية ولاية سيدي بلعباس



معتقل بوسويت أدهية بالضاية  ولاية سيدي بلعباس
معتقل بوسوي(boussuet) بالضاية ولاية سيدي بلعباس أكبر وأعنف مراكز التعذيب بالجزائر. شاهد حي على بشاعة وهمجية الاستعمارالفرنسي في الاضطهاد النفسي والبدني.

مرت من هنا شخصيات وطنية معروفة أمثال علي تونسي ورابح بيطاط وعيسات ايدير وجغابة واممثل حسن الحسني وزوعماء سياسيون مشهورون عالميا مثل نيلسون مانديلا والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة واخرون.

يعد معتقل بوسوي(boussuet) الواقع ببلدية الضاية على بعد 60 كلم من عاصمة الولاية سيدي بلعباس من أعنف وأكبر المعتقلات في الجزائر ابان فترة الاحتلال الفرنسي .وهو عبارة عن بناية قديمة بها 13زنزانة متواجدة داخل ثكنة عسكرية لازالت تحتفظ بمعالمها كاملة في أعالي جبال الضاية التي تميزها البرودة الشديدة في فصل الشتاء .

تم بناؤه في 1854 وأطلق عليه اسم بوسوي نسبة للأسقف الفرنسي المولود ب'ديجون' والمعروف بمؤلفاته في اللاهوت والفلسفة والتاريخ وكان يزج فيه بالمعتقلين السياسيين والقادة العسكريين الجزائريين وغير الجزائريين يؤتى بهم من معتقلات ماجنطة وراس الماء والأوراس والشرق الجزائري وحتى من دول اسيا وأمريكا الجنوبية وبلدان أخرى أين تعرض الكثير منهم الى أنواع شتى من التعذيب النفسي والبدني بشكل رهيب ولازالت زواياه تحتفظ ببعض من أدوات التعذيب منها سلاسل كان العدو يكبل بها أيدي وأرجل المسجونين وأسلاك كهربائية فضلا عن أسرة أنجزت بواسطة مادة الاسمنت المسلح هي شاهد حي على وحشية الاستدمار الفرنسي في الاضطهاد النفسي والبدني.ومن بين المعتقلين الذين مروا من هنا نذكر على سبيل المثال لا الحصر الطبيب أحمدعروة والموسيقي هارون الرشيد والفنان النحات نوارة الطيب والفكاهي حسن الحسني (بوبقرة) وشهيد المقصلة أحمد زبانة وعلي تونسي المدير العام للأمن الوطني ورابح بيطاط أحد مفجري الثورة التحريرية وجغابة محمد وزير المجاهدين وكذا الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة والمناضل رئيس جنوب افريقيا نيلسون مانديلا..وجلهم ارتحل وغادر هذه الدنيا ولم يبق منهم الا القليل ممن لانعرف لهم عنوانا وحاولنا البحث عن أحدهم لتسجيل شهادة حية في هذا الخصوص لكن بدون جدوى واهتدينا في الأخير الى رجل هوأحمد تيساوي من سيدي بلعباس يبلع من العمر73 عاما سبق له وأن زار أباه محمد تيساوي السجين بداخل زنزانات معتقل بوسوي في 1957مرتين وعمره انذاك 15سنة حيث راح يستحضر بعضا من تلك الذكريات الأليمة بمرارة قائلا:

أشبعوه عذابا لأنه كان يجمع المال

كنا نسكن في شارع لاباتوار بالحي الشعبي القرابة عندما اقتحم العسكر الفرنسيون منزلنا وداسوا بأرجلهم أطراف جسمي ثم فتشوا زواياه وذهبوا وبعد أيام ألقوا القبض على أبي في دكانه المخصص لبيع المواد الغذائية بذات الحي وساقوه الى حي تياربتهمة المشاركة ودعم الثوار الجزائريين لكونه كان يجمع المال لفائدة المجاهدين أين أشبعوه ضربا ومن ثم أخدوه الى معتقل بوسوي بالضاية وأذكر أني ذهبت أنا وأمي وعمي لزيارته هناك بعد أن استصدرت رخصة المرور (laisser passer) غير أن الرائد الفرنسي واجهني بقوله لن أسمح لك بالدخول لأن الجنرال ديغول حل أمس بالمعتقل صحبة 300 من قوات الأمن الخاصة .فتوسلت اليه وأنا أجهش بالبكاء عله يرفأ لحالي وقد ساعدني في ذلك تحدثي اليه بلغة فرنسية سليمة وأيضا وسامة وجهي وحسن هندامي فقبل مني ملاقاة أبي الذي وضعت بين يديه قفة بها مأكولات وسلمته بطريقة ذكية جريدة (le soir d'Alger) التي كان طلبها مني لتمكين السجناء من الاطلاع على مختلف الأخبار .وفي الزيارة الثانية لم أجد صعوبة في الدخول وقد لفت نظري وأنا أعبر الساحة مسجون نصف عار جاث على ركبتيه ومن حوله 3 جلادين منشغلون في تعذيبه وضربه بالسوط وسط برد قارس وهو يصرخ ويتألم.ولما سألت أبي عمن يكون هذا الشخص رد علي انه طبيب جزائري مشهور وقد نسيت اسمه وفيما اعتقد هو الدكتور أحمد عروة.

30 زعيما نجحوا في الهروب

وهو يتحدث الي أخبرني أن الأجواء في هذا اليوم مشحونة ومتوترة والسبب أن 30 زعيما من المسجونين نجحوا ليلة أمس في الهروب من زنزانات المعتقل الى وجهة غير معلومة كما أخبرني بأن أحد المعتقلين مافتئ يقدم لهم ليلا سكيتشات فيها الكثير من التسلية والتوعية في ان واحد وهو يحمل مسدسا من بلاستيك .انه بوبقرة حسن الحسني وأفادني أيضا فيما أذكرأن ثمة رفاقا لهم مثقفين يحولون أبواب الزنزانات من الداخل الى سبورات يكتبون عليها بالطباشير ويعلمونهم الكتابة والقراءة باللغة العربية في غفلة من الحراس وأخبرني كذلك بأن عيسات ايدير مؤسس الاتحاد العام للعمال الجزازائريين المحكوم عليه بالاعدام أذاقوه في زنزانتة الفردية التعذيب الشديد قبل أن يذهبوا به الى العاصمة ويعدموه هناك منتهيا بالقول : يا ابني معنا في هذا المعتقل زعماء وقادة و'أمخاخ' جيء بهم من كل مكان و الموت نراه بأعيننا في كل مرة وما لاتتخيله أنت من اضطهاد وتعذيب.وقبل أن أغادر المعتقل الذي قضى به والدي 17شهرا سلمته الجريدة بطريقة ذكية وفي طريقي لحق بي الرائد وأبلغني بأن الزيارة الثالثة ستكون في معتقل سيدي الشحمي (وهران) لأن محمد تيساوي سينقل الى هناك .وفعلا نقل الى هناك أين أمضى شهرين فقط قبل أن يطلق سراحه ليوصل النضال بنواحي بني سنوس .وبعد قرار وقف اطلاق عاد الى سيدي بلبعباس وحدث أن اشتبك بالسلاح الناري هو ورفاقه يوم 8ماي 1962مع أفراد من المنظمة والسرية أين سقط شهيدا بحي سيدي أعمروعمره 47عاما.رحم الله شهداءنا الأبرار.

ان السلطات المحلية التي تثمن الدور الذي يقوم به الجيش الشعبي الوطني حاليا في الحفاظ على على هذا المعلم التاريخي لكونه شاهدا حيا على بشاعة وهمجية الاستدمار في الاضطهاد النفسي والبدني حتى لا يطاله التخريب تناشد وزارة المجاهدين تحويله الى متحف تاريخي تستفيد منه الأجيال المتلاحقة علما وأن هذا المبنى هو ملك لبلدية الضاية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)