الجزائر

معارك طاحنة بين النواب والحكومة بسبب المادة 17



معارك طاحنة بين النواب والحكومة بسبب المادة 17
برلمانيون وإعلاميون يشجبون الرقابة وتكريس قنوات "موضوعاتية" متشابهةفصول الصراع "القديم- الجديد" بين السلطة التشريعية والحكومة عادت هذه المرة بمشروع قانون "السمعي–البصري" وب100 مادة أثارت جدلا يثير الكثير من علامات استفهام وسط الإعلاميين والمستثمرين الخواص، في ظل تأخر انفتاح" السمعي- البصري" بحوالي ربع قرن، رغم أن دول الجوار سبقتنا بتجربتها.المادة ال17 من مشروع قانون الحكومة تكبل وتقلص هامش حرية القنوات القادمة أو الموجودة، بعيدا عن القطاع العام، بعدما قيدت فتح الإعلام الثقيل في القنوات الموضوعاتية دون العامة، وهو ما خلق شرخا بين نواب المجلس الشعبي الوطني والحكومة، هذه الأخيرة التي تصر على الإبقاء على نص مشروعها، في مقابل سماحها ببعض التعديلات الشكلية التي لا تمس ببنود المادتين 17 و5 من مشروع القانون بمبرر أن إلغائهما يناقض مضمون المادة 63 من القانون العضوي للإعلام الصادر في سنة2012.وترجم في نزول عبد القادر مساهل وزير الاتصال إلى الغرفة الثانية ومطالبته رئيسة لجنة الاتصال والثقافة والبيئة بإلغاء جميع التعديلات التي تقدم بها أعضاء اللجنة، رغم أن أسماء بارزة في فضاء الإعلام وفي اليوم البرلماني المخصص لدراسة قانون "السمعي- البصري"، منها سليمان بخليلي حذرت من مغبة عدم سحب المشروع وإعادته إلى وزارة الاتصال، كونه تضمن عديد الاختلالات والتناقضات مست هياكل قطاع الإعلام، وعلى رأسها سلطة الضبط، وهو ما يستدعي إعادة النظر فيه وإرفاقه بقانون الإشهار الذي من شأنه تنظيم السلطة الرابعة في شقها "السمعي– البصري"، رغم أن المشروع طرح لأول مرة سنة 2008.وأبدى منتخبو الشعب تخوفهم من لجوء أصحاب المال الذين لا همّ لهم سوى تحصيل المزيد من الأرباح إلى الدول الأجنبية للحصول على حقوق الإرسال، وهو ما يهدد أمن واستقرار البلاد في ظل عدم التزامهم بالمهنية والموضوعية.مواقف متباينة من برلمانيين وإعلاميين حول ما اصطلح عليه "صراع" بين السلطة التشريعية والجهاز التنفيذي سلطت "السلام" الضوء عليها في هذا الملف الخاص. برلمانيون "يخاصمون" الحكومة و"يتبنون" انشغالات الإعلاميين والمستثمرين الخواص كشف شافع بوعيش، رئيس الكتلة البرلمانية لجبهة القوى الاشتراكية بالمجلس الشعبي الوطني، عن انتقال عبد القادر مساهل وزير الاتصال شخصيا إلى الغرفة الثانية تزامنا ومناقشة نواب لجنة الثقافة والاتصال والسياحة لمشروع قانون السمعي البصري، وقال إن الوزير طالب هدى طلحة، رئيس اللجنة، بإلغاء التعديلات الواردة على المادتين 5 و17 من مشروع القانون كونها تضمنت منح الخواص في امتلاك قنوات تلفزيونية إخبارية.وأفاد بوعيش في تصريح ل"السلام" أن رئيسة لجنة الثقافة والاتصال والسياحة تحدثت مع عبد المالك سلال الوزير الأول في اتصال هاتفي واستشارته في موضوع التعديلات التي تقدم بها البرلمانيون والتي صبت في مجملها في تعديل مشروع قانون السمعي البصري الذي تقدمت به الحكومة، لاسيما ما تعلق بشقه الذي يفرض على المستثمرين الخواص أن ينشئوا قنوات موضوعاتية، لافتا إلى أن سلال طلب من هدى طلحة الإبقاء على نص مشروع القانون كما قدمه الجهاز التنفيذي.وفي المقابل أوضحت هدى طلحة رئيسة لجنة الثقافة والاتصال والسياحة أن الحكومة محقة في دفاعها عن نص مشروع قانون "السمعي– البصري" كون إلغاء المادة 17 يعارض المادة 63 من القانون العضوي للإعلام، وهو ما سيجعل المجلس الدستوري يرفض جميع التعديلات الواردة على القانون، نافية في سياق حديثها مع "السلام" على هامش عرض مشروع قانون المناجم بالمجلس الشعبي الوطني، تعرضها لأي ضغوط، سواء من قبل عبد القادر مساهل، وزير الاتصال، أو من قبل عبد المالك سلال الوزير الأول.وعلى الصعيد ذاته، اعتبر كمال عبازي، رئيس المجموعة البرلمانية ل"تاج" أن قرار الحكومة الرامي إلى الحفاظ على مشروع قانونها في نسخته الأصلية "صائب"، لاسيما ما تعلق برفض منح المستثمرين رخص إنشاء قنوات إخبارية، مضيفا أن "الانفتاح التدريجي هو الأنسب لقطاع السمعي البصري في الجزائر، كونه يستدعي مرافقة تقنية وتكوينية ليكونوا في مستوى التحديات"، مستطردا بالحديث عن فتح نافذة على العالم الخارجي أو كما قال: "عين على العالم الخارجي".من جانبه قال لخضر بن خلاف، رئيس المجموعة البرلمانية للعدالة والتنمية، بخصوص مشروع قانون "السمعي– البصري" أنه جاء لينطلق من فراغ، معربا عن أسفه من سياسة الحكومة الرامية إلى التضييق على القنوات الخاصة بتعاملها معها كقنوات أجنبية، كون القانون يتحدث على قنوات" موضوعاتية" وليس قنوات عامة، وهو ما لا يخدم برايه "الانفتاح الاعلامي" الذي يتحقق بواسطة فتح المجال" السمعي – البصري".كما عرج المتحدث على سلطة الضبط كونها تعتبر بمثابة عمود فقري لتنظيم مجال "السمعي– البصري"، فاتحا النار على طريقة تعيين أعضائها ال9، بدل انتخابهم لاسيما وأن الصحفيين والاعلاميين من مهني قطاع الاعلام مهمشون، مضيفا "جاء بعيدا عن أصحاب مهنة المهنة الاعلامية، رغم أن القانون الماضي نص على أن اعضائها ال12 ينتخب 10 منهم ويعين الباقين من قبل رئيس الجمهورية، وهو ما يعتبر تراجعا في الانفتاح في القطاع السمعي.فيما ثمنت النائبة صليحة محرف عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي مشروع القانون كونه سيؤرخ لمرحلة التعددية الاعلامية في الاعلام الثقيل، رغم أنه يقلص هامش الحرية من خلال فرضه لقنوات موضوعاتية بدل عامة وهذا لتفادي تنافيه مع القانون العضوي الصادر في 2012.مخاوف من نفور المستثمرين إلى دول أجنبية وعلى الصعيد ذاته، أبرزت النائبة فاطمة الزهراء بونار، المولودة بوشخو، عن المجموعة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء، خطورة لجوء أصحاب المال الوسخ إلى الخارج باستغلالهم الانفتاح في مجال السمعي- البصري "الذين لا هم لهم إلا تحصيل المزيد من الأرباح ولو على حساب قيم وأخلاق المجتمع"، مقترحة فرض ميثاق شرف لأخلاقيات المهنة، يضاف إلى ما جاء في مشروع هذا القانون وخاصة في المادة 48 منه. الجزائر متأخرة.. أفاد الإعلامي إبراهيم قار علي والبرلماني السابق الذي شغل منصب مقرر لجنة الثقافة والاتصال بالمجلس الشعبي الوطني خلال العهدة التشريعية السادسة، أن الجزائر تأخرت في فتح المجال "السمعي- البصري "بحوالي ربع قرن" وأن قانون الإعلام السابق كان ينص على تحرير النشاط الإعلامي بشقيه الورقي والسمعي البصري، أي أن القانون السابق كان ينص على إنشاء قنوات تلفزيونية وإذاعية خاصة، إلى جانب الجرائد الخاصة"، مضيفا "وفي هذا الشأن يفترض أن يكون القانون العضوي المتعلق بالإعلام جوهر الإصلاحات السياسية"، مستطردا "ولكن للأسف أن القوانين المتصلة بالإعلام تمثل آخر اهتمامات الساحة السياسية وحتى الأسرة الإعلامية".ولفت المتحدث إلى أن ساحة الإصلاحات السياسية تبقى عرجاء ما لم ترافقها إصلاحات إعلامية حقيقية، "وقد رأينا مثل هذا الاهتمام على المستوى البرلماني في العهدة التشريعية السابقة خلال مناقشة مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام، وكنا وقتها نريد أن يكون القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري ضمن أحد أبواب القانون العضوي المتعلق بالإعلام، وذلك حتى نضبط الممارسة السمعية البصرية ونربح الكثير من الوقت".إعلاميون ناقمون ويتوقعون مشهدا إعلاميا "أعرجا" قال محمد شراق، الصحفي بالقسم السياسي بيومية الخبر، "من المستحسن سحب مشروع قانون السمعي –البصري لأنه لا يستجيب لأدنى متطلبات المرحلة"، مضيفا "المشروع جاء في سياق الانفتاح بعد موجة الربيع العربي، لكن ولما لوحظ أن الثورات العربية لم تأت أكلها، تم التضييق في نص المشروع "والأهم هو التضييق فيما يتصل بشرط تأسيس قنوات موضوعاتية بدل قنوات إخبارية عامة".وقال شراق في تصريح ل"السلام"، أظن أن الجزائريين بحاجة إلى قنوات اخبارية تغطي على العجز الملحوظ في القناة الرسمية من خلال إظهار الصوت الآخر والصراع الذي بدا بين بعض النواب والحكومة وهم مصرون على القنوات الموضوعاتية، مرده ضغوط بعض القنوات والاعلاميين، لأن النواب وحدهم ليس بمقدورهم إجبار الحكومة على التراجع"، مشيرا "كما أنهم ليسوا بكفاءة تحقق لهم التراجع" بالموازاة مع تأكيده أن سحب المشروع وإغلاق المجال "السمعي –البصري" أفضل من القنوات الموضوعاتية.كما عرج المتحدث على تدخل الحكومة ورفضها لتعديلات النواب، وهو ما يشجع المواطن على اللجوء إلى الفضائيات العربية والأجنبية كونه في الظرف الراهن بحاجة الى معلومات خبرية، في مقابل تنبيهه إلى أن التعديلات المقبولة ستكون شكلية، مستدلا ببعض التعديلات التي كانت محل رضا لجنة الثقافة والاتصال والسياحة والتي كانت تتحدث عن خدمة "السمعي البصري مدرج فيها عبارة "كل خدمة"، وأضافوا لها "كل خدمة عامة"، مضيفا "يعني هذه ثغرة قد تستغلها القنوات لتغليب الطابع الخبري".وعلى صعيد ذي صلة، أبرز الإعلامي شراق ما اعتبره مشكلة الاشهار كونه العمود الفقري لاستمرار القناة، وهو ما يجعل المشهد الاعلامي "أعرج"، مضيفا "المشكلة أيضا في غياب التنوع في حال عدم الافراج عن قانون الإشهار كون الخدمة الاعلامية صارت تتطلب امكانيات مادية هائلة".بدورها لفتت الصحفية شريفة عابد، صاحبة تجربة 14 سنة في مجال الإعلام، إلى محاولة الحكومة من خلال وزارة الاتصال إلى غلق اللعب على أصحاب المال من المستثمرين في قطاع "السمعي – البصري" وهذا ما ترجم في ضغطها على البرلمان لإجهاض المساعي الرامية لتعديل المادة 17، حتى يفتح المجال لفتح المجال لظهور القنوات العامة، مضيفة "القانون جيد غير أن السلطة تغلق اللعب من خلال التركيز على القنوات الموضوعاتية حتى وإن كان يخدم بعض القنوات اعلامية".واضافت عابد "سيعطي القانون هامش من الحرية رغم أنها غير كاملة لأنه يركز على قنوات موضوعاتية، وليست عامة بالنسبة للقطاع الخاص لكن يبقى رفع هذا التحدي مرهون بجهود الاعلاميين في تحقيق حرية كاملة لتعبير خارج الرقابة "، لافتة الى ان تحقيق مساواة بين القطاع الخاص والعمومي من مسؤولية الدولة، رغم ان سلطة الضبط تعتبر نقطة سلبية لا سيما وان المهنيين في قطاع الاعلام غير موجودين في سلطة الضبط.مساهل: البرلمان لا يعمل تحت وصاية وزارة الاتصالأكد وزير الاتصال عبد القادر مساهل أن لجنة الثقافة والاتصال والسياحة بالمجلس الشعبي الوطني لم تعمل تحت وصاية وزارة الاتصال خلال دراستها لمشروع قانون السمعي البصري مضيفا أن فتح مجال السمعي البصري أمام الخواص "واقعا لا رجعة فيه".وصرح مساهل في تصريح نشرته يومية "الشروق" أمس أن "طريقة عمل اللجنة بعيدة عن وصايتي"، مضيفا أن النواب "أحرار في عملهم".وبخصوص إلغاء المادتين 5 و17 من مشروع قانون السمعي البصري، قال الوزير إن صاحب اقتراح التعديل هو نائب عن حزب جبهة التحرير الوطني وقد قام بذلك "دون أي ضغوط".وأكد مساهل أن فتح مجال السمعي البصري أمام الخواص "أمر مفروغ منه وأصبح واقعا لا رجعة فيه"، داعيا إلى "الابتعاد عن القراءات السياسية بمشروع القانون وعدم إخراجه عن سياقه". وأوضح أيضا أن "صياغة مشروع القانون لم تكن اعتباطية وخضعت لقراءات مقارنة بقنوات عالمية ونماذج عريقة"، مبرزا أيضا ان مشروع القانون كان محل استشارات وقراءات موسعة شملت مختصين وخبراء في المجال. وشرح وزير الاتصال أن الموضوعاتية التي أبدى بشأنها المهنيون تخوفا "لا تعني أن الحكومة ستمنع القنوات من بث مواضيع مختلفة أوتلزمها بموضوع واحد فقط"، مضيفا أن "الموضوعاتية لا تعني غلق باب التنوع في تناول المواضيع".وفي رده على سؤال حول مصير القنوات التلفزيوينة الخاصة، أكد مساهل أن "القنوات الحالية التي تخضع لقانون أجنبي وتستفيد من تراخيص ستكون مطالبة بتكييف وضعيتها ونشاطها مع نص مشروع قانون السمعي البصري دون إلزامها التقيد بموضوع واحد". وأضاف أن " الذبذبات ستبقى ملك للدولة واستغلال هذه الذبذبات سيخضع لشروط معينة".وخلص الوزير إلى أنه "لا يجب الخلط بين المصلحة العامة والحق العام ولايجب اغفال الفرق الكبير الموجود بين مجال السمعي البصري والصحافة المكتوبة فكلاهما مختلف ومتباين عن الآخر".للإشارة يشرع نواب المجلس الشعبي الوطني يوم الثلاثاء المقبل في مناقشة مشروع القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري قبل التصويت عليه في 20 من الشهر الحالي.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)