الجزائر

معارضة نادي الصنوبر



عادت حركة مجتمع السلم إلى ما كان من المفروض أن يكون موقعها الطبيعي، حسب الخطاب الذي تتباه. وهذا بعد أن توقف نصيبها في ما تمخض عن انتخابات 10 ماي، عند حد 91, 2 في المائة من أصوات مجموع الناخبين الجزائريين، بدعم حليفيها في تحالف الجزائر الخضراء. متراجعة عما حققته هذه الحركة وحدها في تشريعيات 2007 عندما منحها 552104 ناخب أصواتهم، ما مكنها من ''ترقية'' 33 نائبا إلى المجلس الشعبي الوطني.
اليوم وقد تبين أن الحزب الذي يقوده أبو جرة سلطاني لا يساوي في نظر المهتمين بالشأن السياسي أقل من نصف مليون جزائري وجزائرية، مع احتساب المصوتين لصالح النهضة والإصلاح، قرر مجلس شورى ''حمس'' التخندق في المعارضة. ستعارض الحزب الذي نال 221 مقعد في المجلس ب11 ,6 في المائة من أصوات مجموع الناخبين الجزائريين، جبهة التحرير الوطني.
وبهذا سيوفر ''الاستثناء الجزائري'' للعالم حالة نادرة في مجال الممارسة الديمقراطية. وهي أن أقلية الأقلية تحكم وتعارضها أقلية أقلية الأقلية. إنها حالة سياسية ربما لم يتخيلها حتى أكبر منظري مرحلة ''ما بعد الديمقراطية'' من فلاسفة وعلماء السياسة، الذين توصلوا إلى أن الديمقراطية كتقنية لتسيير شؤون الناس وخلافاتهم لم تعد تساير حاجات البشرية في العصر الحالي في مجالات الحقوق والحريات والحق في العيش السعيد.
لكن الذي يعرف الجزائر، وطبيعة نظامها ورجالاته، لا يدهشه هذا ''الشذوذ الديمقراطي'' الذي بلغه نوعية التمثيل الشعبي عندنا، في الوقت الذي خرج الناس ويخرجون إلى الشوارع في الشرق والغرب لأنهم أيقنوا أنهم حاصرتهم ديمقراطيات بلدانهم، دون الحديث عن الذين خرجوا في البلدان التي تشبه بلادنا لينتزعوا حقهم في ''التنفس'' والأكل والشرب.
في الواقع، لقد قرر أبو جرة سلطاني، وحلفاؤه، تحت ضغط قواعدهم ''الهزيلة''، وبعد أن انكشف حجمهم الحقيقي، التخندق في المعارضة، لأنها ''الموقع الطبيعي'' الذي يراد لهم أن يكونوا فيه، لأنه من الصعب جدا في الجزائر مغادرة ''نادي الصنوبر'' بعد دخوله. فالجزائريون يعرفون أن الدخول إلى هذا النادي يتم وفق مقياس واحد، قبول المشاركة في التمتع بالمجهود الوطني دون بذل مجهود شخصي تعم فائدته كل الناس باختلاف قناعاتهم السياسية ومناطقهم الجغرافية. المقياس الذي يشترط فقط الانخراط في النظام السائد، ثم تحمل مسؤولية ذلك إلى الأبد.
ما الذي سينفع الجزائريين من وجود سلطاني في النظام أو خارجه ؟ لا شك أنه سينتج لهم خطابا جديدا منمقا بالاستعارات البلاغية، يبرر به الذين منحوه الموقع الجديد أن ''البلاد بخير'' وأن الحرية مضمونة للمواطنين. أما المسائل الجدية ''فلا يجوز'' له ولغيره أن يطرحها خارج ''نادي الصنوبر'' الذي لا يقدر الذين دخلوه على مغادرته. إنه الاستثناء الجزائري.

lahcenebr@yahoo.fr




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)