كشف السيّد مصطفى بودينة رئيس الجمعية الوطنية للمحكوم عليهم بالإعدام أمس خلال نزوله ضيفا بندوة جريدة الجمهورية عن الكثير من الحقائق حول الأوضاع المأساوية التي عاشتها هذه الفئة من المجاهدين و الثّوار داخل سجون فرنسا فالإعدام بالمقصلة كان آنذاك وسيلة تعوّد عليها المستعمر لترهيب الجزائريين و كل من دافعوا عن القضية الجزائرية خلال الحقبة الاستعمارية و لم تتردّد فرنسا في تطبيق أحكامها الجائرة ضد أبناء بلدها.فعمليات تطبيق حكم الإعدام كان بكثافة آنذاك فتقطع رؤوس كثيرة كل يوم وكان هذا مصدر دخل لا ينضب للجلاّدين الذين تقاضوا أجورا معتبرة على عملهم فقطع رأس واحد يجني من ورائه الجلاّد مبلغ 150 ألف فرنك فرنسي و إذا قطع رؤوسا أكثر جنا مالا أكبر.فالجلاّد كان يعيش على أرواح الجزائريين فلا تأخده بهم أي رأفة بل يعتبر عمله عدلا و إنصافا للفرنسيين و مع ارتفاع عدد الأشخاص المعدومين يقول رئيس الجمعية كان الجلاّدون ينفّدون جرائمهم الوحشية بعشوائية فيخلطون بين الرؤوس و الأجساد و هذا الأمر اكتشفه أهالي الشهداء الذين كانوا يعاينون الجثث للتّعرف عليها و قد حدث ذلك بعدّة مناطق بالوطن مثل وهران و قسنطينة.و قد وصلت إلى الجمعية الكثير من الشكاوي في هذا الخصوص يضيف رئيسها فقمنا بعمليات بحث كثيرة منها ما لم يوصلنا إلى نتائج و بقيت الكثير و الكثير من رؤوس شهدائنا بدون أجساد حتّى اليوممعاناة المحكوم عليهم بالإعدام كانت رهيبة إلى درجة أن بعضهم كانوا يشهدون عمليات إعدام رفقائهم في السّجن قبل أن يحلّ دورهم فمنهم من كان اللّه يمنحه القوّة و الإيمان فيصمد و لا يردّد سوى اللّه أكبر تحيا الجزائر و منهم من يغمي عليه مثلما حدث للرّائد فرّاج قبل لحظات من إعدام الشهيد أحمد زبانة.فنحن شهداء أحياء يقول مصطفى بودينة لأننا كنّا ننتظر دورنا للموت و حاولنا داخل السجون ألاّ نظهر للمعتدي خوفنا و لا حتى دمعة على العيون و اليوم أطال اللّه في عمرنا بفضل انتصار ثورتنا لكنّنا لن نسامح لأن الشهداء الذين وهبوا حياتهم للوطن كانوا يطلبون منّا نحن الأحياء قبل إعدامهم بأن نكشف للعالم ما فعلته فرنسا في حقّ الجزائريين لكي يحاسبها أبناؤها و أبناء الشهداء.و من هذا المنطلق خلص ضيف ندوة الجمهورية إلى القول بأن العلاقات الإقتصادية و حتّى السياسية بين الجزائر و فرنسا اليوم لا علاقة لها بتاريخ الاستعمار و الثورة فهي علاقات بين حكومتين و كل يعرف كيف يدافع عن مصالحه و يجلب الأرباح لبلده لكن الاعتراف بجرائم الاستعمار أمر آخر ففرنسا اليوم مطالبة بتقديم الاعتذار تماما كما فعل الألمان معها على خلفية الجرائم التي ارتكبها النازيون.و اعتبر بودينة الثورة الجزائرية من أعظم ثورات القرن الماضي و لن تتكرّر لأن ظروف العالم تغيّرت بظهور العولمة و ثورات الربيع العربي لم تنجو منها سوى البلدان التي يتمتّع سكانها بالحكمة و الغيرة على الوطن.و عن الجمعية يقول بأنها تحصي حوالي 350 عضوا في حين بلع عدد المجاهدين المحكوم عليهم بالإعدام اليوم حوالي 600 لكن عند خروجنا من السّجن في 1962 كنّا 2100 مجاهد و تحاول الجمعية الوطنية اليوم مواصلة عملها بالدّفاع عن هذه الفئة و عن ذاكرة شهدائنا حفاظا لسيرته فكان لها علاقات مع جمعيات فرنسية أخرى مكنتها من وضع حدّ لأعمال تسيء إلى ثورتنا و شهدائنا كمنع بيع متحف المقصلة بعد وفاة صاحبه الذي كان جلاّدا أيضا و تحديد هويّة عدد كبير من المعدومين و استرجاع ما تركوه من رسائل قبل الوفاة و غيرها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/12/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حياة
المصدر : www.eldjoumhouria.dz