الجزائر

مصر العميقة، أكبر من الحجم الذي وضعها فيه مسؤولوها وإعلاميوها



بعد أن سقط السيناريو، الذي حبك من خلال مقابلة كرة قدم لتهيئة جو مدته تسعة أشهر (نوفمبر ـ جويلية) لتمرير المشروع السياسي المعد، ولكي لا تحدث فجوة الفراغ، التي كان لا بد أن تعيد إلى المصريين وعيهم فينزلون إلى الشارع، تم اللجوء إلى السيناريو الثاني البديل الذي يلهي المصريين، لفترة ما يتم ترتيب مراسم الخلافة بالوراثة، باختلاق ''عدو خارجي'' توجه إليه الأنظار والمشاعر بتصوير هذا ''العدو'' كونه المتسبب الأول والآخر في هموم الغلبانين• الآن، وقد انفلت حبل واجب التحفظ والالتزام بالأخلاق التي تربط الشعوب من خلال دولها وأنظمتها، أضحت العائلة الحاكمة، ومن يقتات بشكل أو بآخر من فضلات موائدها المنهوبة من عرق المصريين ومن المساعدات الدولية، في وضع حرج جدا تجاه ضمير أمة مصرية ستحاسب يوما لا محالة كل الذين طعنوا في شرف شعب شقيق لهم يكنون له التقدير كما يكنّ هو لهم المحبة• وأعرف، كما يعرف المثقفون والكتاب الجزائريون جميعا، أن في مصر العميقة كتابا ومثقفين شرفاء ونزهاء، تعرضوا ويتعرضون للتكميم والمصادرة والمضايقة والمنع، يُخجلهم جدا ما يصدر من نظامهم تجاه الجزائر، شقيقتهم• وأقدر أنهم، في هذه الظروف، محاصرون عن أن يبدوا آراءهم الشاجبة لما تقوم به وسائل الإعلام في بلدهم من زرع رماد الكراهية بين الشعبين الشقيقين الجزائري والمصري، اللذين يملك كلاهما من الوعي القومي ومن الحنكة الاجتماعية ما يكفيهما لإحباط سيناريو العصابات المتحكمة في مقدرات الأمة العربية بالآليات الديكتاتورية والوسائل القمعية لخنق الحريات الفردية والنقابية والصحافية• ولكن كم يكفي من ''عدو افتراضي'' ومن مسرحيات ومسخرات لمواصلة الهروب إلى الأمام بدل مواجهة الحقائق الاجتماعية والسياسية ومتطلبات حقوق الإنسان؟ انتهت مقابلة كرة القدم، وسيسدل الستار خلال أيام قليلة على مهزلة ''الأخ العدو'' وسيستعيد الشارع المصري وعيه بعد تعافيه من حقنه غير المسبوق بالضغينة على الأشقاء، وستشفى مصر العميقة من رضوض الضربات التي وجهها إلى ضميرها مسؤولون وإعلاميون فقدوا توازنهم لانهيار مشروعاتهم الميكيافلية، باعتبار ما كانوا سيجنونه من ريع، وداسوا على ابتدائيات الأخلاق والشرف•  فمصر العميقة، أكبر من الحجم الذي وضعها فيه مسؤولوها وإعلاميوها• ولهم لا بد أن يقال: ما يبقى في وديان الجزائر وصحراء مصر غير أحجارها• fr.sayahhabib@yahoo 


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)