الجزائر

مشهد من رواية "نسق الحروف" السعيد موفقي



إلى التي انخرطت في موسم الكتابة
و أرادت تبييض أموالها بحرف الإئتمان !!!
كانت كثيرة المواعيد ، خزانتها حافلة بكل أنواع التزيّن و التبرّج ، ترشّ إبطيها العطنين بعطر جارتها الممسوخة ...تعلَّمت منها كيف تكره ...، و لكنّها ذات صباح كشفت عن وجهها الحقيقي الذي أخفته طول حياتها ، تسترق من حين إلى آخر نظرة إليه أمام المرآة التي كرهتها ، ينتابها شعور الفشل في كل مرة ، تذكرّها به هذه المرآة الملعونة ، تتزيّن ببقايا القبح ، تعشقه حتى الثمالة ، و اللعنة تلاحقها من الحدود إلى الحدود ، و لأنّها ، أحبته في الظلام و أغرته بلقائها المرتقب ،عانت كثيرا من ظلمها لنفسها ، كانت شديدة الرغبة في مواعدة كل الأشياء و ارتداء لباس العهر الذي أعياها تفصيله الحداثي و لونه المقزز ، هاتفها المتآكل جلب لها أصواتا لا ترغب فيها و وجوها أعيتها رؤيتها ، و أسماء أثقلت كاهلها ، و أشياء أخرى لم تستقم وحداتها ، كانت نحسا عليها ، يشتدّ ميلها للعبة يحبّها الأطفال ، فباتت خزانتها الأخرى مكتظة بها... ، تثيرها غيرتها من النّساء المتبرجات اللائي مسكهنّ عفن الشرّ و سقوطهنّ في شرك المتعة و اللذة ، أحببن كثيرا رؤية الرجال المنسلخين و تقليد سيرهنّ في شوارع المساكين و أكواخ البالغين و المراهقين ... تُوهم نفسها بحبّها للجمال و اختيار رجلها الحلم و كلّ الرجال حلمها ، تُكثر من العطور لتزيل الكراهية عن نفسها ، تقتحم بيوت السفر لتحجز غرفة السعادة الموهومة ، يرفضها الجالسون على أكوام الرذيلة ، يقهقهون كثيرا عندما تتصرف كالصَّبية في ملاعبة أدواتها و جمع لعبها المسروقة من أطفال الحي ، تزعجها تجاعيد وجهها رغم طلاء جارتها الحداثي...، تحبّ كثيرا رواية الفسّاق ، و يطيب لها ممارسة الوشاية بمتعة و التنقل بين جاراتها ، تنفث إليهن سمّها ، و تحدثهنّ عن سر جمال الرجال القبيح في ذاتها ، وعن فشل الأبطال الناجحين في سرّها ، و توسوس لهنّ: لم يَرِدْ قبحكن في قاموس النذالة و أُسقطت كناياتكن و استعاراتكن من قائمة الشهرة و أزقة العربدة ...، فبتن في مجاز الأشياء ، وأنّهنّ لم يفزن بألقاب تلمعهنّ في ساحة الكراهية و عشق قمم الجهالة و التطاول على محيطات الحرف كما فعلت هي ، و ليس في جعبتها غير مذكرات امرأة تآكلت ذاتها من أثر البغض و اسودّت سريرتها ، وأحست باللا جدوى في بهو امتلأت جدرانه بفسيفساء ممتعة ، تدندن في داخلها ، ترقص بفجور ، تبحث خلسة عن التفاتة منهم و منهنّ ، و لا أحد يبالي بها ، تروادها نفسها بحديث الستاتيت(*) ... سكتت دهرا و نطقت فجورا و خبالا ...!!! ... تتظاهر بالصمت دوما ، تموت في اليوم ألف مرة ، تكتم سرّها ، تتحرى الهدوء بين النساء و الرجال ككل مرة ، دفترها مكتظ بمختلف أنواع المكر و الخداع والغواية ، و صور الخبث و مراودة العابرين ، بطاقة انخراطها المزيفة لا تغادر حلمها الكابوس !!! ، يشتدّ فضولها لتكتب شيئا عن براءة الشمس و سكون النهر و اخضرار المكان ، تحاكي إبليس في دناءته و ترمي نفسها في أحضانه حتى تشهق ، يتدفق منهما شيء يشبه...؟؟؟ ، يرهقها القبض على عناوين السجلات الكبيرة و الكثيرة و تناص الأشياء ، و تصنيف حكايات المتعالين ... فتروي حكاية البهاليل و الدراويش ، التي لا يروقها إيقاعها فتظل قلقة ، تبحث عن كره تبصقه في الجرائد ، تشهره في مربعات مجهولة و ألوان قاتمة ،...، و بين الحرف و الحرف ألف زلة و زلة !!!...، أصابها الوهن و أعياها الانتظار في مسافات العتمة...!!! لم تدرك بعد ما معنى أن تقبّل شفه خبث تتقاطر عزا قديما و كرها عميقا في ساحات لفَّها الظلام منذ عهد عاد و ثمود و حمّالات الحطب ...أحيانا تتذكّر جرمها لما كانت تجوب شوارع المدينة الجميلة و كيف كانت تلوّح بيدها المشوهة لتلفت نظر المارين ، و لما يشعروا بها ، ساعتُها لم تستقر في معصمها ، تسقط أكثر من مرة في شارع الدسيسة ، تستجمع أجزاءها التي حطّمتها صلابة المكان ، ... تتطاير شظاياها ... تمتدّ في الظلام تخترق قبو المعتوهين و الذين لفظتهم قصص المغامرين و أدركهم عشاق الفتنة في زوايا الكره و مخابئ الشر و المندسين في مغاور تتهيأ لعبادة الأوثان ، فيحضر أبو جهل منبثقا من ظلمتهم الشديدة : إنّنا أحببناها كحبِّنا لهذه الخيمة التي أدركها هذا الوادي.... ، ثم شوهتها حبيبات ، اعتدن على سرقة ظلال الأحبّة ، لكنّها لا تحسن قول الشعر أو سرد حكاية من حكايات ألف ليلة و ليلة ولو مرة ، تبحث عن ممر قريب بلا قناع... ظنّته مسلكا للتجريب و طلبا للسلام ، فضحها صراخ الأطفال... هدّها الصمت ، أبادها أول خيط أرسلته الشمس ذات صباح...و عطر جارتها كدسته في ملابسها المتسخة....و بقي عهرها يفوح ...!!!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)