الجزائر

مشكلتنا في ''بني وي وي'' وفي ''بني لا لا''



 ليس بوسع أحد التشكيك في أن الجزائر تعاني من كم هائل من النقائص وتوجد فيها العيوب العشرة وعشعش فيها الفساد وغاب فيها صوت الحق والعدل وضاعت معها حتى بوصلة تحديد الاتجاه. وقد يقول قائل إن هذه الأشياء نشترك فيها مع الكثير من الدول والشعوب التي تتشابه أمورها مع الجزائر، لكن من الخطإ الاعتقاد بأن أزمات الجزائر تعود فقط لطبيعة نظامها التسلطي وإلى ضعف تمثيلية مؤسساتها المنتخبة وإلى عدم القدرة على التسيير الحسن لمواردها، وإنما مشكلتها الأساسية تكمن أيضا في وجود نماذج بشرية من بني وي وي و بني لا لا .
نقول ذلك لأنه لم يكن للنظام أن يفعل ما فعله لو لم يجد الساحة أمامه تهلل لكل ما يصدر عنه ويولد من رحمه، طمعا وليس خوفا طبعا، ولم يكن للتسلط أن يغرس جذوره بمثل هذا العمق في هذه البلاد لو لم يكن هناك من يأكل مع الذئب ويندب مع الراعي ويمارس هذه الهواية لعقود وليس لسنوات فقط، وهو النفاق الذي قتل هيبة الدولة وأفقدها مصداقيتها التي اكتسبتها من ثورتها العظيمة. وإذا كان التأييد المطلق أو ما يسمى بلغة الشعب بني وي وي يقتل الديمقراطية ويفتح الباب أمام الانتهازية، والدليل شتان بين تعددية الأمس واليوم في الجزائر، فإن المعارضة المطلقة أو بني لا لا ، هي الأخرى مرض يقضي على الديمقراطية ولا يشجع على نموها. وبين بني وي وي وبني لا لا ضاعت مصلحة البلد، وأصبح من يطالب بالتغيير يصنف في زمرة الخائن والعميل، ومن يدافع عن الـ ستاتيكو باسل ومغوار، وغير ذلك من الأوصاف التي تلصق هكذا في لمح البصر دون عناء أو تحفظ.
مشكلة الجزائر ليست في فقرها ولا في غناها، لأننا بكل المقاييس والتصنيفات، لسنا في ذيل الترتيب ولا في مقدمته، وإنما مشكلتنا في أننا لا ننتج لا الثـروة ولا الفكر، وكل ما نفعله أننا نضخ البترول والغاز الموجود في باطن الأرض ونقوم بتصديره كما هو للخارج، دون أي زيادة، وهو عمل يمكن برمجة أي آلة للقيام به، ومع ذلك كل واحد يريد رسملة ذلك لنفسه ويحسبه ضمن إنجازاته. مشكلة الجزائر يا ناس، وهو الأهم، ليست في كون السلطة مثل الذئب الذي يتلذذ وهو يأكل الخروف، ولكن في الخروف الذي يشعر باللذة وهو يؤكل من طرف الذئب، وهناك للأسف حشد واسع من الناس من ينتمي لهذه الفئة.


h-slimane@hotmail.com


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)