أصبح الاستثمار الأجنبي مع الانفتاح على الاقتصاد العالمي والثورة التي أحدثها عالم الاتصال الحديث، يشكل واحدا من عوامل ازدهار الاقتصاديات الراهنة، والجزائر التي انفتحت على الاقتصاد العالمي لم يكن لها الخيار إلا البحث عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتحقيق نقلة نوعية لاقتصادها الذي يعيش ركودا حقيقيا بسبب عدم التنويع، واقتصاره على الاستثمار في قطاع النفط بشكل أساسي، وعدم تطوير الصناعة،
مما أدى الى انتشار البطالة بسبب نقص الاستثمار الوطني، ولهذا الغرض عملت السلطات العمومية على وضع كل التشريعات لتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، وكذا إطلاق الحملات وقدوم رؤوس الاموال الاجنبية للجزائر لاطلاعها على امكانيات الاستثمار المتوفرة في الجزائر وولاية سطيف باعتبارها إحدى الولايات الهامة من الناحية الاقتصادية للوطن لما تتوفر عليه من إمكانيات تتمثل في توفر الوعاء العقاري وقاعدة صناعية وموقع جغرافي جذاب وطاقة بشرية كبيرة تتمثل اساسا في عدد سكانها الذي تجاوز مليون وستمائة الف نسمة وجامعة تضم حاليا اكثر من 60 الف طالب واسواق تجارية متنوعة وذات سمعة وطنية، فلهذه العوامل حظيت ببعض المشاريع الهامة في إطار الاستثمارات الأجنبية التي اثبتت نجاحها لحد الآن.
وسنتناول بعض النماذج من الاستثمارات الأجنبية التي تجسدت وتلك التي هي في طريق التجسيد على مستوى الولاية، وفي هذا الصدد يتعين التذكير بأنه قد تم تخصيص منطقة صناعية جديدة بين سطيف والعلمة في منطقة أولاد صابر للاستثمارات الوطنية والأجنبية على مساحة 780 هكتار في إطار مخطط 2010و 2014،زيادة على المناطق الصناعية المتوفرة حاليا .
استثمارات مجسدة
و أول وأهم هذه المشاريع هي الشراكة بين. سيفتال و العملاق العالمي لإنتاج الأجهزة الكهرومنزلية و الالكترونية الكوري الجنوبي سامسونغ ،حيث حظيت ولاية سطيف في منطقتها الصناعية بوضع حجر الأساس في فيفري 2009 لانجاز أكبر مصنع في افريقيا لهذا العملاق و الذي يبيع سنويا مليون و خمسمائة ألف ( 1.5 مليون ) وحدة من مختلف المنتوجات الكهرومكنزلية والالكترونية كالمكيفات الهوائية و المثلجات و الغسالات والتلفزيون بما فيها ثلاثية الأبعاد والبلازما، وقد بلغت تكفلة المشروع 7 مليار دج. ويقوم المصنع بتصدير منتوجاته نحو أوروبا وإفريقيا، اضافة الى الاحتياجات الوطنية، ومن شأن المصنع أن يخلق 1700 منصب شغل دائم و2500 منصب غير دائم، وبالفعل فقد ساهم في تخفيف حدة البطالة خاصة لدى اليد العاملة التقنية بالمنطقة ويعتبر المشروع قطبا إقليميا هاما لهذا المتعامل الدولي في مجال إنتاج مختلف الأجهزة الإلكترونية والكهرومنزلية. ولحد الآن فالمشروع يسير بوتيرة جيدة.
أما المشروع الثاني الكبير الذي تجسد على مستوى الولاية في إطار الاستثمارات الأجنبية المباشرة فكان الشراكة الأمريكية الجزائرية من خلال المؤسسة الوطنية الإنتاج أجهزة القياس والمراقبة والتي مقرها بمدينة العلمة.
حيث دخلت الشركة الأمريكية صانسوس. في شراكة ب 49 % مع المؤسسة في نشاطها المتعلق بإنتاج عدادات المياه، وجاءت العملية بعد أن تدهورت الوضعية وفقدت المؤسسة حصتها من السوق في التسعينات، فجاءت هذه الشراكة لترفع من الإنتاج وتعيدها الى مجدها وتطوير مهاراتها وتحقيق نمو ايجابي ضمن بقاء المؤسسة وطورها مع العلم أنها الحقت منذ 2010 بمجمع سونلغاز، وتنتج الشركة أجهزة القياس والمراقبة والتحكم والحماية وعدادات الكهرباء والماء والموزعات الكهربائية وموزعات الكهرباء وموزعات الوقود في المحطات، وتصدر من 2 الى 2.5 مليون أورو من منتوجاتها نحو أوروبا الجنوبية وموريطانيا ولعراق والمغرب وساحل العاج، كما تنوي ابتداء من الشهر المقبل اطلاق مشروع جديد لعدادات المراقبة عن بعد.
وقد أنتجت من 1980 إلى 2011 ما يعادل 8 ملايين عداد كهربائي و3 ملايين عداد غاز و8 ملايين موزع كهربائي و16000 موزع وقود في المحطات، وارتفعت حصتها من السوق في الجزائر بين 60 إلى 85 ٪.
ونظرا لهذه الشراكة تمكنت من رفع رقم أعمالها سنة 2011 إلى 3.8 مليار دج بزيادة 19 % محققة قيمة إضافية سنوية ب 1.6 مليار دج، أدى الى تحقيق ربح صافي ب 666 مليون دينار خلال السنة المذكورة مقابل 591 مليون دينار في سنة 2010 ، وتعود هذه النتائج الحسنة الى نجاح الاستثمار الأجنبي في هذه الشركة الواعدة.
في انتظار انهاء مسألة العقار
أما مشروع الاستثمار الأجنبي الذي لم يتم رغم كل الخطوات التي انطلقت وتحققت فهو الشراكة ب 49 % من أسهم الشركة الوطنية لإنتاج اللوالب والصنابير ب س ر التي مقرها بسطيف، حيث تزمع الشركة الاسبانية جونوبار المتخصصة في الحنفيات الاستثمار في مصنع عين الكبيرة بولاية سطيف التابع لهذه الشركة، لترفع من رقم أعماله من 1 مليار دج سنويا التي 2.5 مليار دج مع ما يتبع ذلك من تطوير في الإنتاج وتحسينه والحفاظ على مناصب الشغل وتلبية حاجات السوق الوطنية التي عجزت الشركة وحدها عن تلبيتها.
كما ينتظر سكان سطيف استثمارا أمريكيا جديدا بعد الانتهاء من أشغال البرج العالي الواقع بحديقة التسلية بوسط مدينة سطيف على 13 طابقا، والذي اشتراه أحد المستثمرين بالمنطقة منذ 3 سنوات بعد ان تخلى عنه الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط، وتتولى انجاز أشغال اتمام بنائه وتهيئته شركة تركية لتقيم فيه مستقبلا مجموعة ماريوت الأمريكية المختصة في الفندقة مركبا فندقيا وتجاريا عصريا ضخما على النمط الغربي العصري به يسير على طريقة ماريوت ليصبح تابعا لسلسلتها، ومن شأن هذا الاستثمار إعطاء دفع قوي للنمو ولسمعة الولاية من الناحية الاقتصادية والسياحية، وخلق عدد معتبر من مناصب الشغل الدائمة وغير الدائمة.
كما تجدر الإشارة إلى أن الولاية كانت ومازالت تحظى بزيارات لوفود أجنبية للاطلاع على امكانيات الاستثمار التي تتوفر عليها الولاية في جميع القطاعات الصناعية والفلاحية والسياحية، لكنها لم تتجسد بعد في مشاريع استثمارية، ويتضح من خلال استعراض الاستثمارات الناجحة والكبيرة نسبيا أن الحصيلة تعتبر متوسطة على العموم، وبالتالي فإن عملا كبيرا مازال ينتظر السلطات المحلية والفرع المحلي لوكالة دعم الاستثمار لاستقطاب اجانب من اجل الاستثمار المباشر، ولن يتأتى هذا الا بتوفير الحد الأدنى من الشروط وعلى رأسها توفرالإرادة وتبسيط الإجراءات والسرعة في التجسيد وحل أزمة العقار الموجه للاستثمار.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/06/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : نورالدين بوطغان
المصدر : www.ech-chaab.net