الجزائر

مسيحيو العراق يتذكرون الأمير عبد القادر في محنتهم ويحنون لتاريخه



مسيحيو العراق يتذكرون الأمير عبد القادر في محنتهم ويحنون لتاريخه
يضرب مجتمعاتنا العربية تسونامي الرعب من تنظيم "داعش" المتطرف، الذي لا يريد لأوطاننا أن تعيش التعددية، والتي تشكل جزءا من تاريخها وإرثها الديني، ليعيد التاريخ نفسه ويلقى المسيحيون العرب إجحافا في حقهم بالعراق، ويتذكروا رمزا تاريخيا أمير العرب عبد القادر.في حين يئس مسيحيو العراق من مساعدة حكومتهم لهم بعد سقوط الموصل في يد تنظيم ”داعش”، وصلتنا معلومات عبر البريد الإلكتروني وتأكدنا منها بعد محادثات عبر السكايب مع عدد من المثقفين العراقيين يصفون الحالة التي تعيشها الأقلية المسيحية هناك، ليتذكروا في عز محنتهم الأمير عبد القادر الجزائري، في أرض ساهموا في بناء موروثها المادي واللامادي منذ حوالي 18 قرنا، فما جعلهم يتذكرون الأمير عبد القادر هو مواقفه الإنسانية في أشد الأوقات صعوبة، ومن أبرزها تصديه للفتنة الطائفية التي وقعت بين المسلمين والمسيحيين بالشام سنة 1860، وتحول الأمير بفضلها إلى شخصية عالمية تحظى بكثير من التقدير والإعجاب، في حياته وبعد وفاته، أمير أراد للجزائر أن تكون حديثة في دولتها، عظيمة في تاريخها، غنية بثقافتها، ومهما نظمنا من أجله من ندوات فكرية ونصبنا له الأمثال، فإن ذلك لا يساوي شيئا أمام ما قدمه من انجازات إنسانية للتاريخ الإنساني برمته.الأقليات الدينية أمام مصير مجهولاستهدفت الأقليات الدينية في عدد كبير من مناطق العالم، ورغم انتمائها التاريخي للبلد الذي حوربت فيه، إلا أن نصرتهم كانت مستحيلة أو بإجراءات لا تسمن ولا تغني من جوع من قبل الدول المتقدمة، لنعود لعهد صراع أهل الأديان الذي ظننا أن بساط الاحترام المتبادل قد أزاله، فآخر محطة توقف عندها جنون التعصب والتطرف الديني هي الموصل بأرض العراق.فقد جمع مسيحيون هاربون من الموت، من بينهم قساوسة وسياسيون، عشرات الشهادات التي جمعها التحقيق خلال شهر كامل من رحلة التيه التي عاشوها، وقبل هذا بشهر هرب القس بطرس مع أكثر من 10 آلاف مسيحي من الموصل، بعد أن استفادوا من عفو خاص من قبل خليفة تنظيم ”داعش” أبو بكر البغدادي، بعد تخييرهم بين دخول الإسلام أو دفع جزية أو الموت، ليؤكد الكاتب والصحافي اللبناني سليم نصار في مقال نشره عبر النت، أن أبو بكر البغدادي لا يؤمن بالمعتقدات الدينية كافة التي مورست قبل عهده، بدليل أنه ضرب الأماكن الأثرية والمقدسة، لا فرق إن كانت للمسيحيين أو المسلمين، وأنه يثبت للعراقيين أن تاريخهم بدأ منذ أن سيطر هو على الوضع بجزء كبير من المدن، ناهيك عن نسفه لمرقد الإمام السلطان عبد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب.كما تم غلق كلية الفنون الجميلة في الموصل وتم تهديم تماثيل لشعراء مشهورين، ويرى تنظيم ”داعش” أن الشيعة هم كفار يجب قتلهم، ليضيف ذات الكاتب أن ”البغدادي” كلما واجهته صعوبات فإنه يردد مقولة الحجاج بن يوسف ”إني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها”، وإن أتباعه يعانون من عقدة الشراسة عن طرق التلذذ بالقسوة المفرطة، ومن أمثلة ذلك الصور التي تظهر الأسترالي اللبناني الأصل خالد شروف، وهو محاطا بالرؤوس المقطوعة لعشرة من جنود الجيش النظامي السوري، إذ أن هذا الأخير أفلت من رقابة السلطات الأسترالية التي تعتبره إرهابيا، بعد أن غافلها ليسافر إلى سوريا وينضم إلى ”داعش”. والأمثلة عن التعذيب الجسدي والنفسي كثيرة، ليلخص القس ”سيمون دانيال” قصة مطاردة المسيحيين وتهجيرهم أنها قصة مكررة من قصة يهود العراق، الذين تلاشوا في أقل من عقدين من الزمن، ليضيف ذات القس أن المأساة التي تمر على المسيحيين بالعراق اليوم أشد خطورة على ما مر على اليهود وتصفيتهم قد لا تستغرق العامين من الزمن.الأقليات الدينية جزء من الثوابت الثقافية للمجتمعأكدت لنا أخصائية اجتماعية من جامعة الجزائر أن موضوع الأقليات الدينية بالوطن العربي، قد أخذ بعدا سياسيا ومنعرجا خطيرا على مستقبل مجتمعاتنا، كون التعددية الدينية ليست ”حدثا” لدينا، بل إنه أمر بديهي بصفة أوطاننا أرض الأنبياء والمرسلين، وإن الهشاشة العقائدية التي نعيشها جعلت العربي يتخوف من أخيه العربي الذي لا ينتمي لنفس دينه، لتضيف ذات الباحثة أن موضوع الأقليات الدينية يعيش غموضا كبيرا وملفه لم ينل حقه من اهتمام المثقف من خلال الدراسات والأبحاث الأكاديمية.ليؤكد لنا الأستاذ ساعد ساعد من جامعة الملك خالد أن العراق ضاع كدولة، والأقليات الدينية فيه هي إرث وتاريخ المسلمين والعالم كله، ومن يضطهد الأقليات لن يفقد فقط جزءا من خصوصياته بل يفقد كل شيء، فعلى سبيل المثال أمريكا التي قتلت الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا الشمالية عن طريق الإبادة الجماعية، فإنها أضحت خليطا وذهبت الحضارة، ليضيف الباحث سرد واقعة حدثت بين مثقفين أمريكيين وفرنسيين جمعهم نقاش علمي، فالفرنسيون وقتها سألوا الأمريكيين ”من أنتم؟ أين حضارتكم وتاريخكم؟”، فرد أحد الأمريكيين ”أن الشعب الفرنسي يملك تاريخا ولكن لا يعرف من هو أبوه”، وهذا الواقع هو الحاصل اليوم نتيجة اختلاط الأنساب.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)