الجزائر

مسعود مصطفى ثوابتي رئيس جمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية لـ''المساء'':‏قضيت 62 سنة في الكشافة وأعدها بالمزيد


 
أكد السيد مراح مصباح مدير ملحقة الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار بتبسة، أن نسبة الأمية بالولاية لا تزال موجودة، إلا أنها قلت بشكل ملفت للإنتباه، نظرا للجهود التي تبدلها الدولة من إمكانيات مادية وبشرية للتقليص منها، حيث وصلت حاليا إلى21 %.
النتائج المسجلة بفضل العمليات التحسيسية والتوعوية والإعلامية منذ مطلع سنة 2003 تبعث على التفاؤل والارتياح، حيث التحقت أعداد هامة بفصول محو الأمية عبر إقليم تراب الولاية، وانتقل العدد من 2000 متمدرس ليصل سنة 2008 إلى 7000 متمدرس، ليقفز سنة2011 إلى 10000 متمدرس؛ من بينهم 8786 امرأة بنسبة 85 % عنصر نسوي، مما اعتبرها المشرفون على الملحقة بالنتائج الإيجابية والقفزة النوعية،، خاصة بعد الشروع في تطبيق الإستراتيجية الوطنية الجديدة التي سطرتها الدولة، والهادفة إلى القضاء على هاته الآفة في البلاد بصفة نهائية، واعتمادها لآليات جديدة في انتهاج البرامج من خلال تلقين الدروس من حيث الأداء والأسلوب، والاعتماد على الكفاءات العلمية وحاملي الشهادات العليا، بعد أن كانت العملية لا تتعدى التطوع التلقائي والعمل الخيري فقط، مما جعل عدد الراغبين في التعلم كثير، خاصة الفتيات والنسوة اللواتي يمثلن 85 % من مجموع المتمدرسين.
وحسب ذات المصدر، فإن ملحقة الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار بولاية تبسه، قد استفادت من 84 منصب عمل قار لفائدة الجامعيين، وأزيد من 230 منصبا في إطار عقود ما قبل التشغيل موزعين على أزيد من 520 فصلا عبر بلديات الولاية.
إلا أمن مسؤولية محو الأمية والقضاء عليها تبقى مسؤولية مشتركة بين كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، للوصول إلى الأهداف المرجوة للحد من هذه الآفة الاجتماعية الخطيرة أمام التحديات العالمية.
من جهة أخرى، لا زالت فئات كثيرة من شرائح المجتمع التبسي تعاني من الأمية، خاصة  سكان المناطق النائية والأرياف، وقد أرجعها المختصون إلى العوامل والظروف وخصوصيات المنطقة، حيث تعد أكبر نسبة من الأميين بالأرياف لدى العنصر النسوي. إلى جانب نقص الإمكانيات والوسائل الملائمة للتعليم في هاته المناطق التي لا تزال تعرف الكثير من النقائص في شتى المجالات، مما يستوجب تضافر الجهود للقضاء على الجهل والأمية.
* طلبت العلم بالحايك
كانت أولى الشهادات التي استحقت التصفيق، تلك التي سردتها السيدة قايد أحمد التي أبت إلا أن تسرد حكايتها التي تدل على مدى حبها لطلب العلم، حيث قالت: أذكر أنني كنت طالبة مجتهدة في الطور الابتدائي، وبعد أن حصلت على شهادة التعليم الابتدائي، قررت مواصلة الدراسة، غير أن والدي طلب مني، بعد أن لاحظ زيادة في طولي، أن أرتدي الحايك، إلا أنني رفضت أن أذهب للمدرسة بالحايك، فمنعني من مواصلة الدراسة، ما جعلني أمكث سنة في البيت وكنت أقصد المكتبة للإطلاع والقراءة، وحدث -تضيف المتحدثة- أن راودني الحنين للعودة إلى مقاعد الدراسة، فقررت أن أدرس بالحايك، وتمكنت من تحقيق نتائج مذهلة طيلة مشواري الدراسي، لذا أقول لكل امرأة: لازم'' تَقْراوا'' رغم كل الصعوبات.
 
* حلمي كان حمل المحـفظة
هذه الشهادة تحديدا، أبكت الحضور وصفقوا بحرارة للرجل الذي أزال أميته وهو في سن 66 سنة، حيث قال ناصف مبروك دارس في فصول محو الأمية ببابا أحسن: ''حرمنا المستعمر الفرنسي من نعمة العلم، فكبرت رجلا أميا جاهلا لا يعرف القراءة والكتابة، وكم كان حظي كبيرا في جزائر مستقلة إن أطال الله في عمري، وتمكنت من محو أميتي وتحقيق حلمي في حمل المحفظة. ويضيف؛ على الرغم من أني أدرس مع النسوة، حيث أشجع نفسي كثيرا قبل الإلتحاق بالمدرسة، غير أني في المقابل أشعر بفخر كبير كوني تمكنت أخيرا من التعلم وذقت حلاوة العلم وفهمت معنى المثل القائل: '' العلم نور والجهل ظلام''، لأني-يقول-: حقيقة كنت أعيش في الظلام.
 
* الأمهات الطالبات فخر للجزائر
قالت السيدة فاطمة ممثلة الاتحاد النسائي بالجمهورية السورية، إنها من خلال الزيارة التي قادتها رفقة بعض السفيرات إلى بعض ولايات الجزائر ورؤيتها لنساء كبيرات في السن يحاولن تعلم القراء والكتابة، أشعرها بالفخر والاعتزاز اتجاه هذه الفئة من النسوة اللواتي أصرين على محو أميتهن... ببساطة هن فخر للجزائر، لذا لا يسعني إلا أن أقول، بمناسبة اليوم العربي لمحو الأمية، إنه ينبغي التركيز على تعليم النساء والفتيات، لأنهن المسؤولات عن إنشاء جيل قوي ومتعلم، كما أهنئ النسوة الجزائريات لما يتمتعن به من شجاعة لمحاربة الأمية.

هو موسوعة فكرية.. تاريخية.. وتربوية.. عايش وقت ما قبل الثورة، حيث كان كشافا صبيا، وشارك في الدفاع عن الوطن كشاب غيور ومحب للعلم... اليوم يناضل لتنوير طريق الشباب الجزائري من خلال ترأسه لجمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية، وعن هذه الشخصية وعلاقتها بالكشافة الإسلامية التي أمضى فيها 62 سنة من العطاء، حاورت لكم ''المساء'' مسعود مصطفى ثوابتي في هذه الأسطر.
''المساء'': بداية حدثنا عن واقع الكشافة بين الأمس واليوم؟
مسعود ثوابتي: في الواقع هناك فرق بين كشاف اليوم والأمس، و شتان بين الاثنين... أقول هذا لأني نشأت وتربيت وترعرعت في أحضان الكشافة، واليوم أقف لأراقب تطورها كرئيس جمعية لما يزيد عن 12 سنة، غير أنني لست راضيا عنها، فسابقا كان الكشاف صاحب هبة، ويحظى بالكثير من الاحترام والتقدير الاجتماعيين خاصة من خلال بدلته الرسمية التي تلوح منها روح الوطنية، حيث كان يبدو كشاب عسكري، ناهيك عن الأنشودة الوطنية التي لا تفارق شفتيه، وكانت الكشافة مقصد العائلات الجزائرية بحثا عن تأمين تربية دينية وأخلاقية للأطفال، لاسيما وأن من كان يشرف على العملية التربوية والتوجيهية هم قادة أكفاء، وما الثورة التحريرية إلا دليل على ذلك كون جماعة الاثنين وعشرين الذين اجتمعوا بمقر فوج كشفي بالرايس حميدوا، كان بها إحدى عشرة إطارا كشفيا على غرار بالمهيدي، الباجي مختار، وديدوش مراد.. أما اليوم، فنلمس نوعا من التراجع في نظرة المجتمع للكشاف من خلال قلة الإقبال على تسجيل الأطفال بها كمنظمة تربوية وتوجيهية.
- كيف دخل مصطفى ثوابتي للكشافة الإسلامية الجزائرية؟
* حكاية انضمامي للكشافة الإسلامية الجزائرية طريفة، إذ أني كنت في صغري طفلا شقيا ''طفل قبيح كما يقال''، وهو الأمر الذي دفع بوالدتي إلى الطلب من جارنا، مؤسس فوج الكشافة لبولوغين التي كان مقرها بمدرسة يشرف على التدريس بها الشيخ سحنون رحمه الله، أن يأخذني معه لأتعلم  بعض الأمور، ومن ثم بدأت حكاية عشقي للكشافة، إذ مارست الكشافة مع فوج الوداد ، لأنتقل بعدها إلى فوج الكشافة الكائن بباب الوادي، أين تعلمت وتكونت وتشبعت بمبادئ الدين الإسلامي والروح الوطنية وعرفت قيمة الحرية.
- بحكم أنك عايشت وقت الثورة، هل لك أن تحدثنا عن دور الكشافة الإسلامية وقتها؟
* كان للكشافة الإسلامية الجزائرية إبان الثورة المظفرة دور عظيم، إذ أنها ساهمت في إعداد وتكوين رجال أكفاء عملوا على تنوير الرأي العام بأهمية الحرية، وأذكر أن فكرة تأسيس الكشافة الإسلامية جاءت بعد الخطأ الذي ارتكبته فرنسا، عندما طلبت استقبال بعض الأفواج الكشفية الأوروبية للاحتفال بذكرى مرور 100سنة على احتلال الجزائر، وهو ما دفع بمحمد بوراس إلى التفكير سريعا في خلق أفواج كشفية من بين أهدافها تحرير الجزائر، الأمر الذي دفع بالمحتل الفرنسي إلى متابعته وحكمت عليه بالإعدام، ومُنع العمل الكشفي بعد مجازر الثامن ماي ,45 غير أن الكشافة الإسلامية كانت قد تكونت وظهرت وبدأت بالعمل من خلال إحياء التكشيف وتعميمه في ربوع الوطن، ومن جهة أخرى، أعتقد أن الكشافة الجزائرية ساهمت في إمداد الثورة برجال أكفاء آمنوا بالحرية وضحوا في سبيل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة.
- 62 سنة كاملة بالكشافة، كم يحب ثوابتي هذه المنظمة التربوية الدينية؟
* منذ 1948 وأنا أنشط بالكشافة، واليوم لا أقول إنني أعشق الكشافة كمنظمة تربوية دينية وتوجيهية، بل أكثر من ذلك، أعتقد أن ما يسري في عروقي هي رموز وألوان ومبادئ الكشاف عوض الدم، كيف لا وهي التي علمتني كيف أحب الجزائر وكيف أدافع عن مقوماتها الوطنية، ولا أزال أجتهد من أجل تشجيع الشباب والأطفال على الانضمام والتعلم، فمثلا من خلال ورشتنا التكوينية الأخيرة حول الإسعافات الأولية، رغبنا في دمج الكشاف في الحياة الاجتماعية للمجتمع الجزائري، من خلال إنشاء نوادي إسعاف تتوغل إلى الأحياء الكشفية لتقديم بعض المعلومات حول الإسعافات  حتى لا يظل الكشاف محصورا في النشاطات الكشفية، على غرار التخييم أي أردنا أن نعطي النشاطات الكشفية ديناميكة أكبر.
- كلمة أخيرة؟
* أتمني أن يطيل الله في عمري حتى أراقب الأفواج الكشفية، وهي تتطور وتزدهر وتساهم في بناء الوطن، كما أتمنى أن ينظم إلينا الكثير من الشباب، لنعلمهم معنى الوطنية ويحسنوا الحفاظ على الجزائر.

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)