الجزائر

مسرحية فوضى شدّ للأنفاس وسط هدوء ممزوج بالحزن



تصور مسرحية فوضى للمخرج أحمد العقون التي عرضت أول أمس بالمسرح الوطني باشطارزي، معاناة المرأة وممارسات الرجل تجاهها، في مجتمع لا يحكم إلا على المظاهر، بينما تتمحور الحياة حول الصراع بين اللذة والألم. يستمر المسرح الوطني محي الدين بشطارزي في العمل على التجارب التجريدية، حيث قدّم أول أمس مسرحية فوضى لمخرجها أحمد العقون، عن نص سوري للكاتب عبد المنعم عمايري وإعداد سمير سطوف وسينوغرافيا نفطي سالم. تدور أحداث المسرحية حول أربع نسوة في ديكور بسيط، اختار له المخرج رمزان للوجود، الأحمر والأزرق في رمزية لانفتاح المكان على كل الاحتمالات، لتبدأ كل واحدة منهن في رواية حكايتها مع الزمن، مع الإنسان، مع الرجل خاصة، بعبارات كانت خليطا بين العربية والدارجة، ترسم النسوة الأربع المعاناة التي تمزج بين الألم واللذة، لذة الحب واللقاء وألم الهجر والفراق، ورغم أن المحرك الرئيسي للمسرحية هي المرأة، فإن محور الألم يدور حول الرجل، الرجل الأب، العاشق، الزوج والشيخ الذي يطمع في الزواج من فتاة بسن حفيداته. كانت أولى الصرخات من المرأة الأكبر سنا والتي أدت دورها نادية طالبي العائدة إلى المسرح باقتدار، حيث تعيش هذه المعذبة منذ سنوات على ذكريات الخطيب الذي توفي وتركها وحيدة تنتظر يوما واحدا قبل زفافهما يعصر الألم شبابها، تتزين تتحدث عن أنوثتها التي كانت تثير كل الحي، إلا أنها لم تعد تعني لها شيئا، دخلت في عالم الشعوذة والسحر، لتفقد وعيها بالأشياء، أما الصورة الثانية فتتلخص في حكاية الشابة التي عشقت بصدق لكن وهبت نفسها لمن لا يستحق، وعدها بالزواج لكنه في عز الأزمة تركها ورحل دون عودة، فتغرق الفتاة في وحل الرذيلة، بين تهديد أهلها بالقتل وغياب الرجل الذي أحبته، تحاول جاهدة إجهاض نفسها وإخفاء الفضيحة، وبين الخديعة والحب، تحدثنا البطلة كيف تجتمع اللذة والألم في ذكرى واحدة يصنعها الرجل، الرجل الذي يبقى في نظر البطلة الثالثة هو الكل، هو الأب الذي أحبته وأصبحت ترى في كل الرجال والدها، الذي تركها في عز الحاجة اليه، هذه الحاجة إلى الرجل، تفتقدها البطلة الثالثة خديجة، التي تعرضت للحروق وفقدت شعرها لتصبح مرغمة من طرف أهلها على الزواج من الشيخ سي سليمان دون مراعاة لفارق السن.تظهر حكايات المسرحية مألوفة وقد يجد الجمهور في الواقع أغرب منها لكن قوة حضور الممثلات على الخشبة  نادية طالبي، سامية مزيان، عديلة بن ديمراد، منيرة روبحي فيسة، استطاع أن يشد الجمهور الحاضر بالقاعة بقوة، فيتفاعل معها ويتجاوب مع أحداثها، بالهدوء في حالة الحزن والقهقهة في حالة السخرية والتصفيق في حالات عديدة.                    نسخة للطباعة


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)