الجزائر - A la une

مستلزمات الأعراس "تقطع" رقاب الأزواج



مستلزمات الأعراس
جلول حجيمي: "الإسراف مظهر سلبي في المجتمع الجزائري"مع حلول فصل الربيع يُفتتح موسم الأعراس على مصرعيه، تدخل البيوت الجزائرية مرحلة التقشف القصوى لادخار ما يكفي لمستلزمات ليلة العمر، لتعلن الأعراس والأفراح والتحضيرات، والإسراع إلى حجز قاعات الأعراس وإعداد أطباق الحلويات على اختلاف أنواعها وأصنافها، وصولا إلى فساتين العرس التي أصبحت المحلات تتنافس لإبراز آخر تشكيلتها البيضاء، خاصة مع ولع فتيات اليوم بآخر الموضات التي تبرزها القنوات الفضائية والتصاميم التي تعرضها مواقع الانترنت.روبرتاج: هدى. حالتحضير لليلة العمر والزواج، لم يعد من الأمور الهينة، فالتكاليف الباهظة تدخل الزوجين في معادلات صعبة والحل يتطلب تشفيرات حسابية خاصة جدا قد تتعدى كونها مشكلة اجتماعية لها تداعيات خطيرة على المجتمع للتخلص من حيرة الشباب المقبل على الزواج في توفير تكاليف ليلة العمر وفق رغبة العروسين. "لست متكلفة وأميل للباس التقليدي الجزائري..""حميدة.ك" شابة في مقتبل العمر قالت إنها لا تتكلف وترضى ب "الضروري والمعتاد" طبقا للتقاليد والأعراف، التقتها "البلاد" وحاولنا معرفة أهم التحضيرات اللازمة لإقامة فرحة العمر، خاصة مع ظهور المزايدات والمبالغة في الاحتفال والتنافس بين العائلات، فقالت: "حقيقة أنا لا أميل إلى التكلفة المزيفة ولا إلى الاحتفال الزائد عن حده طالما أنني ارتبطت بشريك العمر الذي سأتقاسم معه الحياة بحلوها ومرها، فالناس لا ترضى بأي شيء قمت به سواء إذا قدمت عشاء فاخر أو أقمت العرس في قاعة فاخرة وقدمت آخر تشكيلات الحلوى، فيبقى إرضاء الناس غاية لا تدرك.تضيف المتحدثة "لذلك قررت أن اكتفي بالموجود وبالمتاح"، وعن التحضيرات الخاصة بفاستين التصديرة أكدت أنها تميل لتحضير الفساتين التقليدية فقط كالقفطات، موضحة "أنا أحب أن أملك شيئا غاليا يبقى معي مدى الحياة كما أحب أن يكون مصنوعا بتقنية فريدة وجميلة، لكن دون المبالغة في سعره"، مؤكدة أنها تستطيع شراء القفطان بسعر لا يتعدى 120 ألف دينار، إلى جانب تأجير"الكاراكو"، كما تقوم بخياطة اللباس النايلي وهو لباس تقليدي محض يعبر عن أصالة منطقة "سيدي نايل" بضواحى الجزائر العميقة، وكذا فستان الزفاف الأبيض فهو رمز العروس. "التباهي والتكلفة الزائدة لا معنى لها ومن الأحسن التفكير في الضروريات"من جهة أخرى، أكد "سمير كباش"، 29 سنة، أن التفكير في اقتصاد المصاريف في حفل الزفاف وليلة العمر أمر لا يهمه أكثر ما تهتم به والدته، خاصة وأنه الابن الوحيد في أسرته، حيث يقول: "لا تعنيني التحضيرات الخاصة بالفساتين التي ستلبسها العروس يوم الزفاف، ولكن اهتم أكثر بالمتطلبات الأخرى كالتحضيرات الخاصة بما سيقدم في الوليمة من أكل وحلويات، وهو الأمر الذي تتدخل فيه الوالدة التي ترى في هذه الليلة فرحة العمر، خاصة وأنني الابن الوحيد لديها"، مضيفا "أما المستلزمات الأخرى فأتركها للعروسة التي تتكفل بالملابس الخاصة بيوم العرس من "كاراكو"و"الجبة القسنطينية" وغيرها من الملابس الأخرى التي تظفي نكهة خاصة على العرس، خاصة وأن العروس يومها تريد أن تكون في أحلى حلة". ومن جهة أخرى، يرى سمير أن التباهي والتكلفة الزائدة لا معنى لها ومن الأحسن التفكير في الضروريات تفاديا للتبذير والإسراف.من جانبها، السيدة "س.م" ترى أنها ليلة العمر ولابد أن تكون فيها أجمل عروس في الكون ولا يهم ما سيصرف في هذه الليلة، بقدر ما تميل إلى أن تكون الأحلى وبأبهى حلة حتى ولو تطلب الأمر "الاقتراض"، ثم التسديد وهو أمر متعارف عليه في بعض العائلات الجزائرية، فالكمال والجمال هو مبدأ العرس لديها. جلول حجيمي: "يجب تسهيل الزواج ولا ضرورة للتفاخر لأنه مكروه"لمعرفة رأي الشرع في ظاهرة الإسراف والتباهي في الأعراس، اتصلنا بالأمين العام للتنسيقية الوطنية للائمة جلول حجيمي، الذي قال : "من المظاهر السلبية في المجتمع الجزائري، مظهر الإسراف أو التبذير في الأعراس، حيث أصبحت العائلات الجزائرية تتهافت بل وتتسابق وتتباهى بأعراس قد تصل تكلفتها إلى عشرات الملايين، إلى جانب غلاء المهور". وأضاف حجيمي "نرى أن العائلات رغم حاجتها تسرع إلى اقتناء أغلى الأشياء، إلى جانب مصاريف أخرى قد تكون ضرورية، كتأجير قاعات الأعراس الفخمة وإطلاق مكبرات الأصوات للغناء المنكر وهو أمر مكروه، إلى جانب التبذير والإسراف والتفاخر بذلك، فإذا كان العرس يجمع فيه كل هذه المنكرات والمعاصي كيف نتوقع أن تحل البركة فيه وتصل إلى العريس وعروسه والأهل؟".وبعيدا عن كل هذا، اعتبر حجيمي أن نقطة زينة العروس "تحولت من كونها نقطة لصالح العروس تجزى عليها خير الجزاء لأنها تتزين لعريسها فتصبح نقطة عليها تكون سبب في سخط الله عليه، لذا فإن الوقت حان لأن يخرج جيل جديد واع ومثقف ليقضي على هذه الظواهر والابتعاد عن المعاصي والتفاخر التي تضر ولا تنفع". سمير بورحلي أستاذ بجامعة الجزائر2: المقبلون على الزواج في صراع بين "القديم" و"الأصيل"كشف المختص الاجتماعي سمير بورحلي أن ظاهرة التغيير الاجتماعي أثرت كثيرا على الأسرة الجزائرية خاصة من ناحية الزواج. وقال المختص بورحلي ل "البلاد" إن "الاتجاهات الجديدة في الاختيار الحر لشريكة العمر مقارنة بالماضي دخل في حيز الابتعاد عن القيم والأعراف المتعارف عليها في مجتمعنا"، مضيفا "تجد شباب اليوم يتكفل بمفرده في اختيار شريكته دون تدخل الأولياء.وحسب المتحدث فإن هذا الأمر "أسقط شبابنا وبناتنا في دهاليز معيارية غريبة نوعا ما عن التقاليد والأعراف المتعارف عليها في الماضي، فالأسرة في وقت مضى، كانت تتكفل بكل متطلبات الزواج، أما اليوم فقد اختلف الأمر كثيرا، ليصبح الحديث عن الأسرة النووية المستقلة التي أصبحت لديها خاصية هامة من خصائص المجتمعات الصناعية الحديثة".ويعود شيوع هذه الأسرة إلى عدد من العوامل أهمها سيطرة النزعة الفردية التي انعكست على كثير من المظاهر كالملكية والقانون والأفكار الاجتماعية العامة المتعلقة بسعادة الفرد ورضائه الذاتي، كما يعود إلى شدة كل من الحراك الجغرافي والاجتماعي، يضيف بورحلي. ...والمحاكم تحل مشاكلنا..ويرى محدثنا أن الضرورة تقتضي رؤية الموضوع من زاوية مختلفة، حيث إننا نتساءل عن تجاوز أشكال مختلفة من الأسرة في فترات معينة من حياة كل مجتمع بدلا من التساؤل عن عمومية الأسرة النووية في إطار الأسرة الممتدة، على نحو ما، فالفكرة لم تعد الآن كما لو كان نمطا معينا يتحول على نحو ما إلى نمط آخر، دون أن تنجر عن النمط أي آثار، وإنما أصبح محور الاهتمام في حالة الاعتقاد بوجود أنماط متنوعة متجاورة، هي الجوانب البنائية والثقافية لهذا النمط أو ذاك، كذلك مظاهر تقارب الأنماط المختلفة أو تباعدها، أي امتزاجها ببعضها أو انفصالها واستقلالها عن بعضها البعض. ويمكن أن نلاحظ بعض هذه الظواهر بشكل واضح عند المجتمعات التي تتعرض لتحولات سريعة، حيث تؤدى أسباب مختلفة إلى تقلص الأسرة الممتدة من الطبقات العليا سريعاً، دون أن يؤدى ذلك إلى اختفاء النظام القانوني للأسرة الممتدة نفسها. وهنا يضيف تقترب أشكال الأسرة في الطبقات العليا من شكل الأسرة النووية السائد عند الطبقات الدنيا. وبهذا يحدث نوع من التقارب بين نمطين من أنماط الأسرة كانا مختلفين في الأصل. فيتكون بذلك نمط جديد يكون هو الشكل السائد عند غالبية المجتمع. وكل هذه المعطيات تدخل في إطار الميل للفردية سواء في تدبير امور الزواج أو حتى في تربية الاطفال مستقبلا وهو النمط المعيشي الذي اصبح سائدا في الوقت الحالي. فالمقبلين على الزواج اليوم لا يأخذون بعين الاعتبار المعايير اللازمة لإقامة حياة زوجية ناجحة وسليمة بعيدة عن المشاكل التي تعترض حياتهم. بل اصبحوا يهتمون اكثر بالمظاهر المزيفة والتباهي والتفاخر بين الاهل والاصدقاء ولذلك نجد أن المقبلين اليوم على الزواج في صراع قيمي بين ماهو قديم وأصيل وماهو حديث عصري بسلوكات غربية لتنتهي العلاقة للأسف في غالب الأمر في المحاكم وفي أسرع وقت.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)