الجزائر

مستشارة الرئيس المصري المعزول، سكينة فؤاد تكشف ل"البلاد" : الجيش اقترح استفتاء على مرسي فقبله و"الإخوان" أجبروه على تغيير رأيه



أوضحت المستشارة السّابقة للرّئيس المصري المعزول، سكينة فؤاد، أن محمد مرسي في مكان آمن يحفظ حياته، في إشارة منها إلى أنه سيكون في خطر خارج حماية الجيش المصري. كما كشفت في لقاء جمعها ب"البلاد"، تفاصيل عزل مرسي، وروت الحوار الذي دار بين الجيش وبينه في اللحظات الأخيرة، معتبرة أن إصرار مرسي على قراراته، هو ما أدى بالجيش إلى اتخاذ قرار العزل استجابة لمطالب الشعب الذي خرج إلى الشّارع لإسقاطه. وقالت فؤاد إن الجيش حاول أكثر من مرة وحتى الدّقائق الأخيرة مع مرسي ليطرح نفسه في استفتاء شعبي، ولكنه رفض في اللّحظة الأخيرة بعد تعرضه لضغوطات من قبل قيادات الإرشاد في "جماعة الإخوان المسلمين"، مما اضطر الجيش إلى اتخاذ القرار حقنا للدم المصري.- نجد تضاربا حول تسمية ما حصل في مصر، وعزل محمد مرسي، فهناك من يرى أنه انقلاب عسكري وهناك من يسميه تصحيحا لمسار الثورة، أو الاستجابة لمطالب الشعب، ماذا تسمينها أنت؟
ما حصل في مصر يجب أن نبدأ احتسابه منذ أن قرر الشعب توقيف المهازل، التي أقدم عليها "الإخوان" في حكمهم طيلة السنة الماضية، واجتمع الشعب تحت شعار التمرد، وخرج إلى الشوارع مطالبا بإسقاط محمد مرسي، والجيش المصري لم يفعل أكثر من أنه استجاب لمطالب شعبه، وما حدث في مصر قبل أيام ليس انقلابا، وإنما جاء ليفرج عن مصر بعد الأزمة الخانقة التي عاشتها البلاد منذ مدة. الجيش المصري ليس مرتزقا، كي ينقلب على رئيس منتخب، وإنما رجال جيشنا وطنيون حتى النخاع ويعون مدى خطورة الوضع الذي يمر به بلدنا، وحاولوا أكثر من مرة كي لا تكون النهاية بهذه الصورة ولكن دون جدوى، وما حصل ويحصل حاليا في الشوارع المصرية دليل على ما أقول، ولن ننس أبدا فرحة الشارع المصري وانتعاشه بعد الاستجابة لمطالبه، وبعد أن أنهكت حناجر المتظاهرين سلميا في الساحات، منادية "بإسقاط الرئيس"، أو كان يظن العالم أن يبقى الجيش المصري ويتفرج على بلده يحترق وشعبه يموت دون أن يحرك ساكنا؟، إذا من سيقوم بدوره إذا كان كذلك، ومانفع وجوده إن كان لا يفرض نفسه في قرارات مصيرية مثل التي اتخذت ليلة الثلاثين من يونيو. لذلك فمن يسمي ما حصل في مصر بالانقلاب هو لا يعي شيئا في السياسة ولا يفقه إلا في التنظير، مصلحة مصر أولى من أي رئيس.
- لماذا نرى أنك ضد "الإخوان" تماما وأن موقفك مخالف تماما لمرسي، رغم أنك كنت مستشارة شخصية له طيلة السنة الماضية.. ألا يعتبر هذا تناقضا؟
لا على الإطلاق، بالعكس.. وإنما قمة الحكمة، أنا لم أكون مستشارة لمرسي وإنما كنت مستشارة متحدثة باسم الشعب كله في حكومة مرسي وهناك فرق كبير بين هذا وذاك، لطالما عارضت الدّكتور محمد مرسي في قراراته، لم أوافق على العديد من آراءه وكنت دائما أبلغه بذلك ولم أخف يوما أو أستحي من آرائي المناقضة له، في تلك الفترة كانت تحتاجني مصر كي أتحدث بإسم شعبها، و كي أكون صوت المواطن البسيط في بلدي، لدى الإخوان، وأنا صرحت في أول يوم بعملي كمستشارة لمرسي، أنني سأنسحب في حال المساس بحق الشعب وحريته، أو حينما أرى الأخطاء تتوالى في حق مصر، هذا البلد الذي كان ولا يزال وسيبقى على مر التاريخ البلد المثال على الحياة والتعايش، آرائي لم تتغير لمن تعود على متابعة ما أقول، مرسي أو غيره، رئيسا كان أو مواطنا، على الكل احترام هذا البلد واحترام قوانينه وثوابته، ومن يرى أن هذا البلد ملك خاص له فهو مخطئ، لأن مصر ملك المصريين، الذي ضحوا في سبيل أن تصل إلى ما وصلت إليه اليوم بأرواحهم ابتداء من حرب أكتوبر مرورا بثورة 25 يناير، وصولا إلى التّصحيح والاستجابة لمطالب الشعب في ال30 يونيو الأخير، ولن يهدأ الشعب المصري حتى تسترجع ثورته التي سرقت منه غدرا.
- جاءت العديد من المحاولات للإطاحة بنظام "الإخوان" منذ انتخابهم السنة الماضية.. لماذا في رأيك لم تنجح كل تلك المحاولات في حين عزلت الأخيرة الرئيس بين عشية وضحاها؟
الشعب المصري أعطى أكثر من فرصة لمحمد مرسي ليثبت جدارته بقيادة مصر، ولكن لم تحصل أي استجاب، وأنا ضد من يقول إن الجماهير الغفيرة التي خرجت إلى الميادين، وأنهكت حناجرها بالصّراخ في وجه الإخوان، أنها ضدهم وضد فكرهم من الأساس، هذا ليس صحيح تماما، وهنا أطرح السؤال، إذا كان الشعب الذي يبيت اليوم بميدان التحرير والذي يفطر ويؤدي صلاة التراويح هناك، ضد نظام الإخوان بشكل عام، ضد الإخوان من المبدأ، لماذا لم يخرج ويتظاهر يوم اعتلاءهم الحكم؟، لا بل أعطاهم فرصة ليظهروا ما يمكن أن يقدموه للبلاد في المرحلة التي تحتاج فيها مصر لأن تبني نفسها وتعود لواجهة دول الشرق الوسط، وأن تستعيد مكانتها في العالم، أن تعود لتفتح أبوابها للسياح، رغم أنها لم تقفل بابها يوما، أن تعود لتبتسم للعالم كما كانت تفعل قبلا. رغم أن نسبة انتخاب محمد مرسي لرئاسة مصر لم يكن بفارق كبير عن منافسه، إلا أن الشّعب رضخ وانتظر ما يمكن أن يقدمه الدكتور لشعبه، وهل من الممكن أن يكون المعبر للخروج من الأزمة، ما حدث من ثورة شعبية لا مزايدة عليه وعلى الجميع احترامه وحمله على الأكتاف والرؤوس وعلينا جميعا أن نفتخر به.
- بحكم احتكاكك بمحمد مرسي، ما الذي تغير منذ توليه الحكم إلى أن عزل، في شخصه أقصد، وفي قراراته أيضا؟
الرّئيس السّابق محمد مرسي حكم مصر في فترة شديدة الحساسية، تمنيت حينما صعد إلى رئاسة البلاد، أن يقدم الأفضل لهذا الشعب الذي وهب أرواحا من أجل الديمقراطية والحرية، تمنيت فعلا أن يقوم في مصر حكما إسلاميا في دولة مدنية بمعنى الكلمة، وهذا ما كان يحاول مرسي أن يوصله في حملته الانتخابية، ولكنه سقط في العديد من الأفخاخ والأخطاء التي لا تغتفر لأن المرحلة الراهنة محسوبة، خطوة بخطوة.
- طيب.. ماهي هذه الأخطاء والأفخاخ في رأيك التي تسمح للجيش أن يتدخل ليعزل رئيسا منتخبا بشرعية، عن منصبه بعد سنة واحدة؟
الأخطاء تم تداولها مؤخرا في وسائل الإعلام من قبل رجال السياسة والمحللين ومن قبل مقربيه، من السياسيين أيضا، وحتى نائب "الدعوة السلفية"، أبرز الجماعات "السلفية" في مصر، الدّكتور ياسر برهامي، حينما بدا موقفه واضحا من حكومة الإخوان حينما دعا أعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين للاستقالة، محملا الرئيس المعزول محمد مرسي المسؤولية عن الأزمة التي أدت إلى عزل الرئيس السابق ودخولهما في مواجهة مع قيادة الجيش. وقد أقدم برهامي أيضا على نصح هيئة قيادة جماعة الإخوان أن يستخيروا الله في تقديم الاستقالة؛ في انتقاد له للجماعة التي ينتمي إليها مرسي، كما دعا مجلس إدارة جماعة "الدعوة السلفية" أن يضعوا استقالاتهم بين يدي أعضاء مجلس شورى والدعوة السلفية ليقرروا ما شاءوا، دون أن يوضح السبب. كما أرجع برهامي جذور الأزمة الحالية بين جماعة الإخوان والجيش إلى عدم التزام الجماعة بما أعلنته عقب ثورة 25 يناير، فيقول إن المرحلة الحالية التي تمر بها مصر لا تحتمل أن يتقدم الإسلاميون بمرشح لهم من الرئاسة لمدة دورتين قادمتين على الأقل، أو مرشح للحكومة لمدة دورة على الأقل؛ لأن احتمالات السقوط أكبر؛ نظرا للحالة المتردية التي تعيشها البلاد. أما عن أبرز أخطاء مرسي فمست قطاع القضاء، وعدم القصاص للدم، إضافة إلى تردي الوضع الاقتصادي ودخول مصر في دوامة الديون اللاّمتناهية، أولا تكفي هذه الأسباب لعزله؟..
- كيف كان يتعامل محمد مرسي مع مستشاريه، خاصة أن أغلبكم كان معارضا كما سبق وأن ذكرت، وأنك كنت دائما ضد قراراته؟
صراحة، أغلق الحوار مع الرئيس السابق بعد الإعلان الدستوري في نوفمبر الماضي، وحينما وضع الثوابت تحت النّقاش، الأمر الذي لم نوافق عليه طبعا، حيث أنه كان يضرب بآرائنا عرض الحائط، وكلمتنا لم يكن لها محل من الإعراب، وكان رأيي دائما أن خلط الدين بالسياسة من أخطر ما يمكن حصوله خاصة في الفترة الجارية، والدعوى تعتمد على رجال عظام يسخرون كل ما لديهم خدمة لنشر الدين، وأخلاقه، ولا ينشغلون عنه أبدا، تمنيت أن تكون رسالة مرسي في خدمة الدين، ولكنه للأسف أساء للسياسة وأساء للدين، له العديد من المفاهيم الخاطئة للأسف.
- هل لك أن تطلعينا على تفاصيل اللّحظات الأخيرة لعزل محمد مرسي؟ وهل تم إشعاره ببيان "الاستجابة لمطالب الشعب"، الذي قرأه الجيش على مسامع المتظاهرين بميدان التحرير ليلة الثلاثين جوان الأخير؟
ما يمكنني تأكيده هو أن الجيش طلب من محمد مرسي إجراء استفتاء شعبي، نصه، أن يبقى أو يترك، وهذا راجع للشعب، وفي بادئ الأمر حسب ما سمعت، قبل مرسي بإجراء ذلك الاستفتاء ولكنه تراجع بعد ضغط قيادات الإرشاد، اللذين منعوه من اتخاذ هذا القرار، والجيش حاول في أكثر من مرة أن يضع مرسي في صورة الشارع الذي كان يغلي يومها، مطالبا برحيله، كما جرت العديد من المحادثات بين الجيش ومرسي لتحسيسه بمدى خطورة الوضع ولكنه لم يستجب وتشبث برأه حتى آخر دقيقة، ما استدعى من الجيش التدخل لصالح الشعب، والاستجابة لمطالبه. والجيش كان حريصا ولا زال على الدم المصري، خاصة في تلك الليلة التي لم يتعب الإخوان نفسهم في التفكير في مصير الشعب بعد تمسكهم برأيهم، وتشبثهم بالكرسي رغم رفض الملايين لهم، فالدم المصري غالي.
- السّؤال الذي يطرحه العالم، اليوم، ما مصير مرسي بعد العزل، وما تعليقك حول مطالبة منظمة حقوق الإنسان من الجيش المصري بكشف مكانه في أقرب الآجال؟
سيعلن الجيش المصري قريبا جدا مكان الرئيس المقال محمد مرسي، ويمكنني أن أؤكد لك أنه في أمان وأنه يتم التعامل معه معاملة الاحترام والتقدير، معاملة الرئيس المصري السابق، أما عن التحفظ عليه فهو بداعي الحفاظ على حياته لأنها في خطر في المرحلة الراهنة وأن يكون بين يدي الجيش المصري فهو بين أياد أمينة.
من هي سكينة فؤاد؟
سكينة فؤاد كاتبة صحفية وروائية مصرية، والنائب الأول لرئيس حزب الجبهة الديمقراطية المعارض في مصر ونائبة في مجلس الشورى المصري. ولدت سكينة فؤاد في 1 سبتمبر 1945 بمدينة بورسعيد "شمال شرق القاهرة"، نالت ليسانس الآداب من كلية الآداب جامعة القاهرة العام 1964. وبدأت حياتها العملية في الصحافة ومن ثم الأدب. تزوجت من الصحفي أحمد الجندي مدير تحرير جريدة "الأخبار" المصرية الذي توفي في أفريل 2004. وشغلت سكينة فؤاد عدة مناصب منها مدير تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون، ولديها مقال أسبوعي في جريدة "الأهرام" كبرى الصحف المصرية، وأيضا جريدة الوفد المعارضة. عرف عنها اهتمامها بقضايا الأمن الغذائي في مصر وانتقاداتها لوزير الزراعة المصري السابق يوسف والي. وكانت أحد المستشارين ضمن الفريق المعاون للرئيس محمد مرسي إلا أنها قدمت استقالتها احتجاجا على الإعلان الدستوري المكمل (نوفمبر 2012).


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)