الجزائر

مساجدنا والدعوة إلى التغيير



الصراع بين الا سلام و أعدائه لم يعد حروب رموز بين الصليب و الهلال و معارك بالجيوش على أرضية الميدان تنتهي بالمجازر و المحارق كما كانت في الماضي بل تحول إلى ما هو أسهل و اخطر. إلى الاستثمار في تقاعس مؤسساتنا الدينية عن أداء أدوارها في تكوين وتحصين المواطن ضد الأفكار الهدامة و المؤثرات السلبية وكذلك في استغلال حالة الفراغ الرهيب الذي تعيشه مجتمعاتنا العربية والإسلامية عموما لتنفث فيها مزيدا من السموم قصد إضعاف العقيدة و خلق جيل يعيش اغترابه الديني يجهر بإلحاده و كفره ويشهر إفلاسه الروحي. سلاح امتلاك تكنولوجيا السمعي البصري و استعمال فضائيات عربية ( و مع الأسف) تبرز اختلاف الفقهاء و تبث فتاوى على الهوى تشجع العرقية
و تحي النعرات الجاهلية بواسطة شيوخ- مبرمجين عن بعد- يخترقون عقلية المواطن البسيط بمظهرهم المخادع جبة بيضاء و لحية طويلة كحل و سواك و سبحة في اليد.وقار مصطنع مع أدعية مغشوشة و أحاديث منقوصة تهدد كيان الأمة و إيمان شعوبها بينما نرى أئمتنا غارقين في جمع حصاد الزكاة و التسابق نحو الجنائز لإحياء الوعدات و حضور الزردات. لقد آن الأوان للدعوة إلى القيام بثورة علمية (وعملية) من اجل توضيح مفهوم المسجد كمؤسسة دينية و استعادة دوره الريادي في خلق وعي اجتماعي و تربوي و التصدي بشكل ممنهج دائم و فعال إلى وسائل الإغراء و الهراء المختلفة التي تغزونا في بيوتنا من فضائيات مسعورة و صحف مأجورة تكاد إن تعصف بعقول شبابنا دون إن نحرك لها ساكنا والتصدي إلى حملة الفتاوى الضالة و البرامج المضلِلة التي تعمل على خلق طائفية جديدة. أسئلة كثيرة علينا أن نطرحها و بكل شجاعة. لماذا يُختزل دور المسجد في إقامة الصلاة و إلقاء خطب الجمعة و الأعياد و الاكتفاء ببعض الدروس عن السيرة المحمدية عند ذكرى عاشوراء في المولد النبوي أو ليلة راس السنة الهجرية. إلى متى سيظل الخطاب الكلاسيكي المقيت عن نواقض الوضوء و متى سينتهي الجدل العقيم حول نطق كلمة " آمين " أو " أمين " بعد الفاتحة من عدمه عند الصلاة أو البحث عن أدلة قوية عن موضع الإناء عند الاغتسال على اليمين أو الشمال. على مصالح الشؤون الدينية أن تنزع النظارة (من عينيها) و تزيل حجاب البيروقراطية عن نفسها فلا المسجد تحول إلى إدارة و لا الإدارة جعلته مركزا للإشعاع المعرفي. بنايات تتكاثر و في كل حي هناك أكثر من مسجد جديد تغيرت أشكالها الهندسية و أصبحنا نتنابز بأجمل الجوامع و أطول الصوامع بكبر المساحة و بأحدث التجهيزات الصوتية و المكيفات الهوائية. مساجد في مجملها فارغة على عروشها تعجز عن جمع أكثر من صفين من المرتادين الدائمين عند كل صلاة باستثناء طبعا أيام الأعياد و في رمضان مع أفواج المصلين المتعاقدين مع الشهر الفضيل. في الزمن الماضي كان مسجد "قبا" المبني بجذع الأشجار وجريد النخيل مهد نشأة الدولة الإسلامية. من مجالسه تخرج رواد الحديث والفقهاء و من على منبره قاد الرسول الأعظم - صلى الله عليه و سلم- الأمة و آخى بين المهاجرين و الأنصار و منه انطلقت الفتوحات الإسلامية وبداخله عولجت شؤون الرعية.
حديثنا اليوم عن دور العبادة لا نقصد به الهيكل بذاته لأننا نؤمن بقدسية المكان والكلام عن طرق تسييرها ليس انتقاصا من عملها الدعوي و لا هو تصغيرا لمجهودات القائمين عليها و لكنها دعوة صادقة لإعادة النظر في طريقة عملها التقليدية و دفعها إلى التغير العاجل باقتراح برامج و مناهج تواكب الحياة اليومية و متغيراتها و التصدي لتكالب أعداء الداخل و الخارج على امتنا الإسلامية و بالقضاء أساسا على ألأمية الدينية. إن انتقادنا لما يقدم بداخلها لا نراه محرما أو غير مشروع و لا هو خروج عن النص بل هي أراء نريد من خلالها إعادة الاعتبار لمكان كان والى ماض قريب له بريقه و هيبته و تأثيره واضح للعيان .اللهم غفرانك إن أخطانا و أليك المصير.
بين مسيحي -غير عابد- ( non-pratiquant) يبشر لصليبيته و مسلم زاهد معتكف لا يعرف الدفاع عن هويته نجد أنفسنا نردد.. و اسلاماه.. و مسجداه .
ع.ع
achiri31000@gmail.com




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)