الجزائر

مسؤولية الحكومة



كلما أقرت الحكومة زيادة في الأجور نبهنا الوزير الأول أن القرار محفوف بالمخاطر وأن الخزينة العمومية لن تتحمل المزيد، وقد خرج أحمد أويحيى ليطلق هذا التحذير مجددا بمناسبة الإعلان عن رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون بنسبة 20 بالمائة على إثر اجتماع الثلاثية، ومرة أخرى كانت الأرقام حاضرة لتذكرنا بحقيقة نعرفها منذ عقود وهي أن المصدر الوحيد لتمويل كل شيء في الجزائر هو تصدير النفط والغاز.قانون المالية للسنة الداخلة يقوم على نسبة عجز تفوق 25 بالمائة، ورغم أن الأمر يبدو عاديا مقارنة مع ما يجري في كل دول العالم، إلا أن ما يثير القلق هو أن وظيفة واضعي السياسة المالية في البلاد أصبح منذ سنوات البحث عن صيغة لتوزيع الريع دون الإخلال باستقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي، وهناك إقرار من الحكومة نفسها بأن اقتصاد البلد عاطل تماما وأنه لا ينتج الثروة، والوزير الأول يقول صراحة بأن الجباية العادية تغطي أقل من نصف كتلة الأجور، وهذا وضع معروف منذ عقود، وحتى الأموال التي توفرت من ارتفاع أسعار النفط خلال العقدين الأخيرين لم تستعمل في تغيير هذا الوضع الذي ينذر بوضع غير مريح في المستقبل.
يعترف الوزير الأول أن القدرة الشرائية للجزائريين ضعيفة، ويعترف بما هو أخطر من ذلك، وهو أن الزيادات في الأجور مهما كانت كبيرة ستبقى دون المستوى، وهذا يعني أن المخاطرة برفع الأجور، وارتفاع نسبة العجز في الميزانية، لن يقابله تحسن في مستوى معيشة المواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود منهم، وهذا يعني أننا سنتجه نحو مخاطرة اجتماعية فضلا عن المخاطرة الاقتصادية، وهذا وضع سيكون تسييره أمرا صعبا خاصة إذا حدثت هزة في الأسواق العالمية للطاقة.
الحكومات التي سيرت الجزائر خلال العقدين الماضيين على الأقل كانت على علم بكل هذه التفاصيل، والخطاب الرسمي شاهد على هذا، لكن ما تم إنجازه على صعيد تقديم الحلول لا يكاد يذكر، ومع هذا لا أحد يتحدث عن دور الحكومة ومسؤوليتها في استمرار هذا الوضع الهش الذي قد ينهار في أي لحظة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)