الجزائر

مزيد من الوقت الضائع


بتأخرها في تجسيد الترتيبات الضرورية لفتح قطاع السمعي البصري، تؤكد السلطة أنها مستمرة في انتهاج سياسة التماطل وربح الوقت، كلما تعلق الأمر بقرارات قد تحد من تحكمها المطلق في مجال معين.
لقد تقرر، منذ مدة، فتح السمعي البصري، ومازلنا نسمع تصريحات تؤكد أنه لا تراجع عن القرار، لكننا لا نفهم لماذا تأخر الشروع في تجسيده، ولا ندرك مغزى الأقوال التي تتردد على ألسنة بعض المسؤولين حول إمكانية فتح الفضاء أمام قنوات موضوعاتية لا غير، وتأكيدات البعض الآخر أن فتح المجال أمام القنوات الخاصة أمر حساس وليس بالبساطة التي يمكن أن نتصورها. ومع الانتخابات المحلية والرئاسية التي ستشهدها السنتان القادمتان، يمكن أن نتوقع أن فتح السمعي البصري، إن تجسد، فلن يكون قبل عدة سنوات، ونكون قد ضيّعنا وقتا كبيرا في مسيرتنا نحو التغيير.
لا أدري لماذا تنظر السلطة إلى المسألة بحساسية مفرطة، وقد سبقتنا إليها دول أقل منا تجربة في حرية التعبير، ولا تتوفر على الكفاءات ولا على الإمكانيات المادية التي تزخر بها بلادنا، ولا على روح المسؤولية التي يتحلى بها رجال المهنة عندنا. إن هذا المجال يخضع في كل دول العالم إلى دفتر شروط، وما علينا سوى الحذو بمن سبقونا مع التحويرات التي تفرضها خصوصياتنا، وهي عملية لا تتطلب كثيرا من الوقت أو الجهد، وللدولة مؤسسات كفيلة بفرض احترام دفتر الشروط، فلماذا هذا التخوف؟ ولماذا هذا التماطل غير المبرر؟
إن العالم اليوم مفتوح على مصراعيه، ولا يمكننا أن نبني سقفا في سماء الجزائر يحجب عنها ما يأتي من القنوات الأجنبية وتأثيراتها، فلماذا نختار الدفاع، غير المجدي، بدل الهجوم؟ وإذا واصلت السلطة سياسة التماطل وربح الوقت، فإن ذلك سيضاعف عدد القنوات التي تبث من الخارج وتدخل بيوت الجزائريين، رغم أنف هذه السلطة.
إنني على يقين أن مسؤولينا في مختلف مستوياتهم يدركون أن عصر الواحدية انتهى، وأن التعددية الإعلامية في مختلف الوسائل لا مناص منها، ويفرضها تطور المجتمع والمحيط الدولي شئنا أم أبينا، فلماذا الاستمرار في غلق الفضاء أمام الخطاب الآخر، والتشبث بإرادة فرض الإيعاز على كل ما يتحرك في المجتمع؟
والحاصل أن هذه الملاحظات حول قطاع السمعي البصري، تجعلنا نتساءل عن مدى التطابق بين الخطاب النظري الذي تسوقه السلطة، وممارساتها العملية في الميدان، ولنا في الإشهار العمومي وتوزيعه نموذج لذلك. لقد تطرق العديد من الوزراء المتعاقبين على قطاع الإعلام لهذا الموضوع واعترفوا بضرورة إعادة النظر في تنظيمه ووضع قانون يحكمه، فأين هذا القانون؟ وهل يتطلب وضعه كل هذه السنوات؟ وأكثر من ذلك، سمعنا منذ أيام وزير الاتصال الحالي، يصرح في لقاء الصحافة على شاشة التلفزيون، بأن القطاع يشهد فوضى كبيرة، ويشير إلى وجود أكثر من 300 وكالة تعمل في هذا المجال خارج القانون، فمن المسؤول؟ أليس السلطة التي تماطل في كل مرة، وتؤجل حلول المشاكل وتستمر في إضاعة الوقت؟
chaabanezerrouk@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)