الجزائر

مروءة رجل يحترم نفسه



مروءة رجل يحترم نفسه
الشيء الوحيد الذي حققه المتنقلون إلى باتنة، يوم الأربعاء الماضي، إلى بيت الرئيس السابق ليامين زروال، هو أنهم كشفوا لنا أنه يوجد في هذه البلاد رجال يستحون.. شكر زروال الذين ترجوه ليترشح للانتخابات الرئاسية. وقال لهم كلاما بسيطا، وهو أنه متقدم في السن، وأن الجزائر تحتاج إلى شبابها.ورغم بساطة هذا الرد، فإن فيه الكثير من العمق، لأن البلاد إذا كانت في حاجة إلى شبابها فيما طلبه المتنقلون إلى باتنة من زروال، كما قال لهم، وهو الذي تبوأ ذلك المنصب وغادره بإرادته، رغم أن كثيرا من أسرار تخليه عن المنصب مازال يحتفظ بها. فإنه يمكن لمن سمع رده أن يفهم أيضا أن الجزائر لم تعد في حاجة إلى ”شيابها”، الذين مازال الكثير منهم يعتقد أن القيامة ستقوم إذا تركوا المقاليد لمن هم أقل منهم سنا وأكثر منهم أهلية. هكذا يريدون أن يوهموا الناس، لأن أسرار التشبث بالمناصب من قِبل العاجزين بدنيا أو فكريا، لا تخفى على أحد في الجزائر التي تشكّلت حولها شبكة عالمية لنهب خيراتها، كما قال وزير العدل بخصوص فضيحة سوناطراك.
ولا يمكن إلا تقدير الرئيس السابق ليامين زروال على شجاعته ومروءته، التي قلّ مثلها في هذا الزمن الجزائري، الذي لا يرى فيه كثير ممن هم في سنه ضررا من أن ينهوا مشوارهم مطرودين، ومازالوا ”ينصبون” ما ليسوا أهلا له من مسؤوليات كبيرة وخطيرة. ولا شك أنهم لا يعادلونه في الجهاد في سبيل الوطن، وفي غيرها من المواقف التي يحسده عليها من لا يملكون شجاعته.
بعد نصف قرن من الاستقلال، مازال بعض الجزائريين، ونطمع أن يكونوا أقلية، يعتقدون أنهم غير قادرين على التكفل بأنفسهم، رغم أن شعرهم شاب. من المفروض على الذين تنقلوا إلى باتنة، يوم الأربعاء الماضي، أن يستخلصوا أن في الرد المتخلق للرئيس السابق ليامين زروال، جانبا كبيرا من الإدانة لهم، لأنهم يعتقدون خلاف المنطق أن التجديد يجب أن يتم بالقديم.
من المفروض أن الجزائر دولة ديمقراطية، يمنح دستورها الحق لكل مواطن ومواطنة تتوفر فيه الشروط أن يجرب حظه مع الناخبين. ولا ينص على ذلك الدستور، رغم أن المنظومة الحاكمة منذ الاستقلال حوّلته إلى ما يشبه ”مسودة ممتحن في بكالوريا بن بوزيد”، على أنه يجب أن يحكم الجزائريين ”عاجزون”.
وكان لزروال الشجاعة ليشكر الذين أصروا على ترشيحه للرئاسيات، رغم أنهم يعلمون أن الأنظمة المتخلفة تستمر باستمرار العجزة في تسييرها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)