
سلط الضوء الباحث محمد شطيبي، على بعض أحداث تاريخية هامة وقعت ابان ثورة التحرير الوطني بالمناطق الريفية، في كتاب بعنوان “سقوط هيبة لكوسط في مركز الأخوين شطيبي “.يذكر محمد شطيبي، في هذا الاصدار، الذي يعتبر مساهمة في كتابة التاريخ المحلي، وصون الذاكرة الجماعية، صورا من وحشية الاستعمار الفرنسي، في ترهيب وتعذيب سكان المناطق الريفية والمشاتي، التابعة لولاية جيجل، وخاصة تلك المحصورة بين دائرة العوانة، غرب مدينة جيجل، إلى حدود الولاية الثالثة التاريخية سوق الإثنين، منها اولاد علي، آيت عاشور، درع الحد، الساحل، تاسقة، الحامة، أفارنو، بني أخزر، بني عيسى، والتي أنجبت ابطالا بمجرد ذكر أسمائهم يرتعد لها جنود فرنسا منهم بونقاب، شتيوي، عزيرو، عوام، سعيود، السعيد أفارنو، بوفلاح، دفوس، براهمي، الشريف، يقول الباحث.ويشير شطيبي، وهو ابن شهيد، ينقل لنا شهادته حول الهجوم على مركز الأخوين شطيبي، وما تعرض له سكانه في ليلة مرعبة ووحشية، إلى أن هذه المناطق الريفية او المشاتي قدمت مراكز وضعت في خدمة الثورة، منها مركز عائلة عوام، ومركز الأخوين شطيبي، بمشتى الحامة، الذي زاره قادة الولايات الثورية وهم المجاهد علي كافي، صالح بوبنيدر، الحاج لخضر، العقيد عميروش، عمار دخلي المدعو البركة، حسين روبيح، ويوسف الخطييب، حيث تعرض سكان هاته المناطق إلى القصف بالطائرات المقنبلة وأحرقت بالنابلم، مخلفة شهداء وجرحى وتشرد أهلها في الجبال.يقول الباحث في هذا الشأن: ” هذه المجازر التي طمست وأخفيت وتم السكوت عنها، لم نعثر لها على أثر في وثائق الملتقى الجهوي لكتابة تاريخ الثورة المنعقد يومي 22 و23 افريل 1987، بإستثناء ملحق لا يتضمن شيئا عن جرائم الاستدمار في حق سكان الريف الأبطال، ولا المآثر التاريخية، المراكز، المعارك، وما ذكر محرف وناقص، والتساؤل المطروح أين الوثائق الأساسية؟ هل أخفيت، ضاعت، ام طالها النسيان؟”.ويقدم الأستاذ شطيبي، نبذة تاريخية عن مركز الأخوين شطيبي، الواقع بمشتى الحامة، زيامة المنصورية،الذي اختير نهاية 1955، مركزا للثورة نظرا لموقعه الإستيراتيجي الهام، فهو ثاني اثنين المراكز، التي وضعت في خدمة الثورة بعد مركز بورقاش، كما تحول إلى محطة استقبال قوافل المجاهدين العابرين إلى الحدود الشرقية القادمين من الولايات الأولى، الثانية، الثالثة، والرابعة، واحتضن عائلات الفارين من لهيب القصف والتدمير، الذي تعرض له مشتى بني أخزر، وبني عيسى.ويبرز الباحث، ان المجاهدون كانوا ينطلقون من مركز الأخوين شطيبي، إلى تنفيذ الكمائن والعمليات الفدائية خارج منطقة العبور الآمنة، ومنه تكونت خلية التمويل المكلفة بجمع الإشتراكات والتبرعات بإشراف الطيب شطيبي، مسؤول المشتى، ومن أعضائها أحمد شطيبي بن بلقاسم، ومحمد بوقزاطة بن علي، وعمار فنوح.ويوضح انه بهذا المركز يؤدي المسبلون خدمات جليلة لصالح الثورة، كالإتصالات واستقاء الأخبار حول تحركات العدو، وفي نهاية المعارك التي يخوضها المجاهدون يتوجهون دائما إلى مركز الأخوين شطيبي، الذي يقدم لهم المأكل والمشرب والإيواء، والإطعام والإطمئنان.ويشير الأستاذ، إلى انه بهذا المركز تكونت خلية الحراسة المشددة، التي يشرف عليها نائب مسؤول الإستخبارات الخاصة “الطيب شطيبي”، ويساعده المجاهد مولود سعيود، وكان يقوم بهذه الحراسة غالبية طلبة المدرسة القرآنية، التي توقفت عن التدريس مع انطلاق الثورة، حيث إلتحق الشيخان سليمان شطيبي، والطيب شطيبي بالثورة، كما تأسس بالمركز فوج كشفي يشرف عليه المجاهد الطاهر بوزيد، وهذا استعدادا لإستلام المشعل وضمان استمرار الجهاد.كان ينطلق من المركز، يقول المؤلف، شابان وأحد أعضاء فرقة الكومندوس، لتخريب أعمدة الكهرباء ذات الضغط العالي المتوجهة نحو الحدود الشرقية، كما أقيمت حول المركز مخازن تموين لا يعلمها الا مجموعة خاصة، ترسل إليها الكميات الكبيرة مثل أكياس علب السردين، التمور، التين الجاف، الدقيق، الوقود، الزيت، الأحذية، الجوارب، الملابس، وصفائح القصدير، التي تستعمل في تسقيف المخازن، التي تنشئ بمواصفات محددة، حيث يتم تحويل هذه المؤونة على جناح السرعة بمجرد وصولها خوفا من المداهمات المفاجئة لقوات المظليين.في أواخر 1959، وبوشاية، قام فريق رجال المظلات بأعالي مشتى الحامة، بهجوم مباغت سارعت فيه إلى اعتقال صاحب المركز علي شطيبي، وابنته المجاهدة قمرة شطيبي، وتعرضا لتعذيب وحشي دام ما يزيد عن شهر ثم أعدم علي شطيبي، في غابة قريبة من المركز تسمى أقوف، حسب شهادة المتحدث. ويضيف المؤلف انه بعد اكتشاف أمر المركز أواخر 1959. قررت السلطات الإستعمارية ترحيل سكان مشتى الحامة، إلى محتشد الموت الأسود، لتجفيف منابع الثورة وانتقاما من هذا المركز.الزوايا احتضنت الثورةوأبرز الباحث دور الزوايا في احتضان الثورة وتقديم طلبة شهداء من أجل تحرير الجزائر، منهم المدرسة القرآنية بمشتى الحامة، التي توارثها الأبناء عن الأجداد من عائلة سي بلقاسم، إلى سي البشير، خريج الزاوية السحنونية بتاغراست، بجاية، حيث استقى الشيوخ من هذه الزاوية معاني الثورة ضد الغزو الفرنسي، لاسيما أسرة الشيخ محمد السعيد سحنوني، التي شاركت في الدفاع عن الوطن، بشبابها وشيوخها، حيث شاركوا في صفوف جيش الأمير عبد القادر، يوم زار المنطقة سنة 1839، واستشهد منهم محمد السعيد أمقران السحنوني، في تلك السنة ولم يعرف قبره.ويؤكد شطيبي، ان الزاوية السحنونية ببجاية، كانت مركزا من مراكز الثورة، حيث توافد عليها قادة جبهة التحرير الوطني وعلى راسهم العقيد عميروش، وجندت المسبلين منذ ثورة الشيخ المقراني، وكان طلبتها سباقين للإلتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني عند اندلاع ثورة نوفمبر 1954،.منهم سليمان شطيبي، الذي عين قاضيا شرعيا والطيب شطيبي، نائب مسؤول الإستخبارات الخاصة.ويشير المؤلف، إلى ان المدرسة القرآنية بمشتى الحامة، كانت نسخة مصغرة من النهج المتبع بالزاوية السحنونية بتاغراست بجاية، حيث ساهمت في الحفاظ على الشخصية العربية الإسلامية وفي تحرير الجزائر من الدروشة والتضليل، والتنصير. وسوم : التعذيب ابان الاحتلال الفرنسي في الجزائرالقواعد الخلفية للثورة الجزائريةدور سكان الريف قي ثورة التحريرمركز الأخوين شطيبي بجيجل
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 23/03/2025
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الشعب أونلاين
المصدر : www.echaab.dz