الجزائر

مراكز الوسيط للصحة العقليةهمزة وصل بين المريض والمجتمع




يُكلَّف المصاب بمرض عقلي خزينة الدولة أموالا باهظة، بحكم أنه يخضع للعلاج لفترة طويلة بالمؤسسات الاستشفائية إلى أن تستقر حاله، وحتى تتم وقايته من خطر الرجوع إلى المرحلة الحادة، حيث يبلغ المرض أشده، أوجدت وزارة الصحة ما يسمى بمراكز الوسيط للصحة العقلية التي بدأت العمل على وقاية المريض ومتابعته سنة ,2004 وعلى الرغم من أهمية هذه المراكز، غير أنها تظل غير كافية، خاصة إذا علمنا بوجود مركز بالعاصمة ومركزين بالبليدة فقط.
حول هذه المراكز، تحدثت ''المساء'' إلى أحمد عنا'، تقني سام في الصحة بمركز الوسيط للصحة العقلية ببوشاوي، حيث قال: ''يتمثل الهدف الأساسي من إنشاء ما يسمى بمراكز الوسيط للصحة العقلية، في وقاية المريض ومتابعته، أي أنها تؤمّن للمصاب بمرض عقلي الحماية حتى لا تتدهور حالته ولا يعود مجددا إلى المؤسسات الاستشفائية، ناهيك عن كونها تقلل من الضغط عن المستشفيات، بحكم أنها تتكفل بما يسمى بالعلاج التكميلي للمريض، أي أنها تتولى مراقبة علاجه على المدى البعيد''.
وحول طريقة العمل المعتمدة بمراكز الوسيط، جاء على لسان محدثنا؛ إن المرض العقلي يعد من الأمراض المزمنة التي يستغرق علاجها مدة طويلة، من أجل هذا، كان لابد من إنشاء مثل هذه المراكز التي تعد بالنسبة للمرضى المتنفس للتعايش مع المرض، وأضاف قائلا: لا يخفى عليكم أن المصاب بمرض عقلي، بعد خروجه من المستشفى نتيجة لاستقرار حالته، لا يمكنه أن يندمج بسهولة في المجتمع، حتى يتسنى له تقبل مرضه، وعليه بزيارة هذه المراكز والمداومة عليها، وفي المقابل، يقوم الفريق الطبي المكون من أطباء وأخصائيين نفسانيين على مساعدته وتلقينه بعض التقنيات التي تمكنه من التكيف مع مرضه، وبالتالي الإندماج في المجتمع، بحيث يتعلم بالمركز حقيقة مرضه بطريقة علمية، وكذا أعراضه التي تصور له أن يعيش في عالم خاص به، وأنه يسمع أصواتا، ويرى أشياء، ولعل أهم نقطة نركز عليها، يستطرد محدثنا، هي التأكيد على ضرورة مواصلته العلاج وعدم التوقف لمجرد أنه يشعر بالتحسن. فبحكم تجربتي التي تزيد عن 26 سنة مع المرضى، وقفت على عدد كبير من الحالات التي توقفت عن العلاج لمجرد أنها أحست بالتحسن، فكانت النتيجة أن تأزمت حالتها، واضطررنا بالمقابل إدخالها للمستشفيات لإعادة العلاج من جديد، وكأننا نبدأ من نقطة الصفر، لهذا نحاول جاهدين إقناع المرضى الذين يترددون على المراكز بضرورة احترام العلاج وعدم التوقف عن تناول الأدوية''.
ولعل من بين الخدمات الإيجابية التي تؤمنها مراكز الوسط للصحة العقلية، أنها تؤهل المرضى ليتمكنوا من استعادة حياتهم الطبيعية، فهؤلاء المرضى يصبحون عاجزين عن القيام ببعض الأعمال اليومية البسيطة؛ كالاستحمام، تغيير الثياب، العناية بالذات، ممارسة بعض الأنشطة الرياضية وغيرها، في مثل هذه الحالة، تتدخل المختصة في المداومة بالعلاج، التي تساعد المريض على استعادة هذه السلوكيات وممارستها، إذ نملك على مستوى المركز مكتبة نحاول من خلالها تحفيز المريض على القراءة أو الكتابة أو حتى الرسم، ناهيك عن قاعة مخصصة للطبخ تحفز المريض على القيام ببعض الأشغال المنزلية كالطبخ أو غسل الثياب، لمساعدته على التكيف، ناهيك عن قاعة رياضية مجهزة تساعد المريض على إعادة تأهيل بدنه، إلى جانب هذا، نحاول كذلك التواصل مع المريض لتمكينه من متابعة حالته المرضية، وقت زيارته لطبيبه وكيفية تناوله لدوائه، هذه الأمور غاية في الأهمية بالنسبة لهذا المريض، حتى يتمكن من الاعتماد على نفسه ورعاية حالته الصحية بنفسه، وهو الهدف الذي ننشده من خلال هذه المراكز التي تعد همزة وصل بين المريض والمجتمع، يقول عنا'.
وعن بعض المشاكل أو العراقيل التي تواجهها هذه المراكز، قال ذات المصدر إنه على الرغم من أهمية هذه الأخيرة ودورها الفعال في استكمال علاج المرضى وإعادة إدماجهم بالمجتمع، غير أن عددها يظل غير كافٍ، ويقول: باستثناء مركز الوسيط للصحة العقلية ببوشاوي ومركزين آخرين بالبليدة، لا وجود لمراكز أخرى تنشط على أرض الواقع بطاقم طبقي متخصص في هذا النوع من المرض، وإنما هناك مراكز تقوم فقط بالفحص لا غير، لذا نناشد الوزارة المعنية بالعمل على فتح مراكز أخرى على مستوى كامل التراب الوطني، ليتسنى للمرضى استكمال علاجهم واستئناف حياتهم بصورة شبه طبيعية.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)