الجزائر

مذكرات يومية لأسرة فلسطينية من قطاع غزة ... أو عندما توحي الأرض و السماء بالخوف (الجزء الأول)


معاناة دائمة و رعب يومي و نمط معيشة أقرب إلى البدائي منه إلى الحديث و أكبر نسبة في العالم في استعمال شمع الإنارة ...هي شهادة لرب أسرة فلسطينية جاءت لتقضي شهر رمضان هذه السنة عند أقربائها بمدينة البليدة حاملا معه في جعبته تفاصيل عن حال شعب منكوب يرزح تحت ظلم حصار ما عرف له التاريخ مثيلا: الدبابات و الجرافات برا و الطائرات جوا حتى صارت الأرض و السماء توحيان بالخوف.و بنبرة الرجل المتحسر على ما وصل الوضع ببلاده ، راح أبو سامر - أصيل بلدة "عبسان الجديدة" بمحافظة خان يونس (قطاع غزة) – يروي ل "الجلفة انفو" معاناة الفلسطينيين في بلادهم التي تقع – كما يقول – "كلها تحت الحصار و لا تكاد توجد قرية أو بلدة في كل مناطق الضفة الغربية أو قطاع غزة لا تعاني من آثار و ويلات الحصار المضروب عليها".
و في قطاع غزة على وجه التحديد – يواصل أبو سامر – "نعيش ظروفا قاسية من حيث الجو النفسي الذي تسيطر عليه المخاوف من العدوان المتكرر و الدائم أين تقع الإجتياحات بشكل يومي و متوقع في أي لحظة و في أي موقع ينظر إليه من جانب العدو على أنه مهدد لأمنهم" و هو ما جعل من المواطن الفلسطيني – يقول ذات المتحدث – " هو الذي يدفع فاتورة ذلك في حياته اليومية سواء كان كبيرا أم صغيرا، طالبا أو عاملا أو فلاحا".
و في ذات السياق أشار أبو سامر إلى أن قطاع غزة يعاني من مشاكل حياتية بصفة مستمرة يأتي على رأسها انقطاع التيار الكهربائي الذي لا تكاد تصل نسبة التزود به – حسبما صرح – إلى أكثر من 30% يوميا، و نتيجة لذلك يضيف ذات الشاهد "صارت البلدات و الأحياء مظلمة و مقفرة من حيث قلة التحرك ليلا و كذلك الحال بالنسبة للطالب فهو في حيرة من أمره لأنه لا يتابع دروسه في ظروف جيدة تناسب الطالب مثل المطالعة و المذاكرة و استخدام التكنولوجيا الحديثة كالانترنت و التلفزيون".
أما ربات البيوت – يضيف أبو سامر- "فحدث و لا حرج لأن معاناتهن شديدة من حيث التحضير لأعمال البيت المختلفة، فزيادة على انقطاع التيار الكهربائي و غاز المدينة و الجو النفسي المشحون فانك تجدهن دائما في حالة استعداد دائم للهروب من البيت خوفا من قصف الطيران المتوقع في أية لحظة أو اجتياحات الاحتلال للبيوت و الأحياء" مردفا أن كل ذلك " قد زاد من إشباع حالة التوتر و الجو المشحون بالخوف و الهلع".
"فالحياة المعيشية ليست سهلة" يقول ذات المتحدث " و فيها قساوة و تعب لأنه كثيرا ما يقع نقص شديد في ضروريات العيش من سلع و خدمات و نفس الأمر بالنسبة للأسعار فهي غير ثابتة لأن السلع تأتي عن طريق التهريب تحت الأنفاق و بالتالي فهي تهبط و تصعد حسب العرض و الطلب" و كذلك "لاستحالة ارتباط الفلسطينيين عمليا بعملة الشيكل المفروضة علينا" يضيف أبو سامر.
و قصد التكيف مع هذه الظروف صار الفلسطينيون اليوم مجبرين على ابتكار حلول أخرى للتمسك بالحياة الكريمة حيث يقول أبو سامر في هذا الصدد أن " انقطاع التيار الكهربائي صار يعوض بالمولدات الكهربائية و استعمال الشمع الذي صرنا نحمل أكبر نسبة استهلاك له في العالم خاصة مع ليالي الشتاء الطويلة التي ينكب فيها الطلبة على مراجعة دروسهم أو في مائدة العشاء أو في جلسات السمر العائلي".
أما غاز المدينة المستعمل للطهي فقد بادرت ربات البيوت – يضيف أبو سامر – إلى تعريض انقطاعه بصناعة أفران صغيرة جدا من الطين توقد بالحطب الذي يصعب العثور عليه بسبب عدم وجود غابات في قطاع غزة – كما يقول – ليبقى مصدر ذلك بقايا حطام البيوت التي جرفتها الدبابات نع الشجار التي تيبس و تستعمل كوقود لصناعة الخبز أو طهي الطعام و هي الأدوات المرهقة و المكلفة في سعرها بسبب الطلب المتزايد عليها.
و بخصوص إعداد الطعام يقول أبو سامر أن " أفران الطين هذه بطيئة جدا في عملية الطهي و تأخذ زمنا طويلا لذلك و في هذه الحالة تكتفي الأسرة بنوع واحد من الطعام لأن الوقت و الجو العام المتسم بالاعتداءات المستمرة لا يكفيان لإعداد ألوان أخرى من الأطعمة و كذلك الأمر بالنسبة لوقود السيارات المتوفر بواسطة التهريب عبر الأنفاق و لكن بنوعية رديئة جدا كثيرا ما تسبب أعطالا للسيارات و بشكل دائم" ليعقب على هذه الحالة بالقول "المواطن الفلسطيني قد تكيف مع هذا الوضع الصعب و لكن بنسبة لا تصل إلى الثلاثين بالمائة أما النسبة الباقية فيعوضها الصبر و الإيمان".
...يتبع
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)