الجزائر

‏''مذكرات شهيد لم يمت''‏كتاب يؤرخ لكفاح ''سي علي''



أكدت مصادر ليبية بمدينة بني وليد  (جنوب ـ شرق العاصمة طرابلس) أن موالين للعقيد معمر القذافي مدججين بالأسلحة الثقيلة تمكنوا من فرض سيطرتهم على المدينة التي شكلت آخر معقل للكتائب الموالية للعقيد الليبي المغتال معمر القذافي.  وقال مبارك الفطماني احد الثوار المتمردين على النظام الليبي المنهار أن موالين له تمكنوا من بسط كامل سيطرتهم على المدينة.   
وسبق لمصادر ليبية أن أكدت قبل ذلك مقتل أربعة ثوار وإصابة عشرين آخرين في اشتباك مسلح مع عناصر مسلحة من بقايا كتائب العقيد الليبي معمر القذافي في هذه المدينة. وأبدى محمود الورفلي الناطق باسم المجلس المحلي لبني وليد الذي أكد الخبر مخاوفه من احتمالات وقوع مجزرة حقيقية في تواصل الاقتتال فيها.
وتعد هذه هي المرة الأولى منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي التي تؤكد فيها السلطات الليبية الجديدة وجود مقاتلين موالين للنظام المطاح به مازالوا ينشطون ضد السلطات الحاكمة التي أعلنت بصفة رسمية يوم 23 أكتوبر الماضي يوما لاستقلال البلاد، في إشارة واضحة إلى القضاء على كل عناصر الكتائب الموالية للنظام السابق والتحكم في الوضع الأمني بعد ثمانية أشهر من الاقتتال الدامي.  
وجاءت هذه الحادثة في سياق الفوضى التي تشهدها البلاد على خلفية مظاهرات متواصلة لآلاف ''الثوار'' المطالبين بإبعاد كل الوجوه التي خدمت النظام السابق وعادت اليوم لاعتلاء مناصب قيادية في عهد الثورة، في نفس الوقت، الذي طالب فيه آخرون بحل المجلس الوطني الانتقالي بسبب تسلق هؤلاء في مناصب المسؤولية فيه.
ولكن مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي، قطع الشك باليقين، أمس، عندما أكد أن هذه الهيئة التي تضمن تسيير المرحلة الانتقالية في البلاد لن تستقيل بقناعة أن ذلك سيؤدي إلى إشعال نار حرب أهلية جديدة.
وجاءت تأكيدات عبد الجليل في سياق اول أزمة سياسية يشهدها هذا البلد منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي نهاية أكتوبر الماضي وأرغمت عبد الحفيظ غوقة نائبه إلى تقديم استقالته تحت ضغط شارع اتهمه بالوصولية وأنه من بقايا النظام المطاح به.
ولكن رفض رئيس المجلس الانتقالي الرضوخ لمطالب من أصبحوا يعرفون بـ ''شباب الثورة'' جاء نتيجة استشعاره الخطر الذي يمكن أن يخلفه موقف هؤلاء من بعض الشخصيات المشكلة للمجلس ويصرون على رحيلهم بقناعة أنهم كانوا اكبر المنتفعين من ريوع ومزايا النظام السابق ولم يكن عبد الحفيظ غوقة إلا أول ضحية في مسار تطهير صفوف المجلس الانتقالي من الانتهازيين الذين ركبوا قطار الثورة لتحقيق مزيد من المنافع والامتيازات، مما جعله يلوح بشبح الحرب الأهلية في حال استمرت مثل هذه المطالب التعجيزية أمام سلطة لم تتمكن بعد من تثبيت أقدامها وإعادة ترتيب البيت الليبي على أسس أكثر صلابة.
وقد اضطر غوقة الذي كان بمثابة الناطق الرسمي باسم الثوار طيلة المدة التي استغرقتها الحرب الأهلية في ليبيا على تقديم استقالته من منصبه حفاظا على المصلحة العليا للبلاد، في تصرف أكد مناؤوه عنه أنه أقيل من منصبه ولم يستقل.
 
افترق المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون أمس بعد رابع لقاء استكشافي مباشر بينهم بالعاصمة الأردنية دون أن يحققوا أدنى تقدم على طريق استئناف مسار السلام المتعثر منذ نهاية سبتمبر .2010والتقى مفاوضو الجانبين طيلة نهار السبت دون أن يتمكنوا من تحقيق أي تقدم بعد أن اصطدم الجانب الفلسطيني بجملة اللاءات الإسرائيلية الرافضة لكل فكرة للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع جوان 1967 أو القدس عاصمة للدولة المستقلة.
والأكثر من ذلك أن الجانب الإسرائيلي لم يشأ الرد على المقترحات التي سبق أن قدمها الوفد الفلسطيني بخصوص المسائل الأمنية وتبادل الأراضي في إطار حسم قضايا الوضع النهائي وهو ما جعل الوفد الفلسطيني يصاب بخيبة أمل أخرى وهو يغادر العاصمة الأردنية دون أن يحقق أية نتيجة ملموسة.
واعترفت مصادر فلسطينية على صلة بما جرى داخل جلسة التفاوض التي تمت تحت رعاية أردنية أن جولة المفاوضات هذه كانت صعبة كمثيلاتها ولم يتم تحقيق أي تقدم منها.
والمتتبع لمواقف حكومة الاحتلال في المدة الأخيرة يزداد قناعة أنها غير راغبة في تحقيق السلام وإنما ربح مزيد من الوقت والتسويف في نفس الوقت الذي تقوم فيه بابتلاع المزيد من أراضي الضفة الغربية والقدس الشريف ضمن خطة استيطانية محكمة وتقوم بتنفيذ خطواتها الواحدة تلوى الأخرى.
ولو كانت حكومة نتانياهو تريد فعلا تحريك عملية السلام لما أقدمت على اعتقال رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك والنائب خالد الطفش في عمل استفزازي لا يمكن بأي حال من الأحوال إخراجه عن دائرة التأثير على المفاوضين الفلسطينيين وإفشال هذه الجولات التفاوضية من أساسها.
وهو ما جعل صائب عريقات الذي قاد الوفد الفلسطيني يوجه رسالة إلى الوزير الأول الإسرائيلي عبر رئيس الوفد المفاوض إسحاق مولخو طالبه فيها بإطلاق الدويك وعشرين نائبا آخر اعتقلتهم إسرائيل منذ سنة 2010 في خرق مفضوح لكل الأعراف الدولية بدلا من التركيز على الجوانب ذات الصلة بالمفاوضات.
ويأتي هذا الفشل المتواتر لجلسات التفاوض عشية انتهاء المهلة التي منحتها اللجنة الرباعية المكلفة بعملية السلام في الشرق الأوسط والتي تنتهي يوم الخميس القادم لتقديم مقترحات مفصلة حول حدود لدولة الفلسطينية المستقلة والمسائل الأمنية.
وكان صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين قد أكد في وقت سابق أن الوفد الفلسطيني لن يواصل مفاوضات عمان بعد هذا التاريخ في حال رفضت الحكومة الإسرائيلية الالتزام بشكل علني وقف كل الأنشطة الاستيطانية التي تكاد تبتلع حوالي 30 في المئة من أراضي الضفة الغربية دون الحديث عن المشاريع الاستيطانية الضخمة التي باشرتها في مدينة القدس بدعوى أنها جزء لا يتجزأ من عاصمة إسرائيل الأبدية.
وهي كلها دلائل تزيد في القناعة بأن إسرائيل لا تريد تحقيق السلام ولكنها تعمل على إفشال كل مسعى لحلحلة وضع مسار أصيب بالجمود التام بعد أن تأكدت انه لا توجد أية قوة في العالم تريد إرغامها على ذلك.
وهو ما يعني بطريقة تلقائية أن زيارة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون يوم غد إلى فلسطين وإسرائيل تبقى عديمة الجدوى بل أنها تعزز الموقف الإسرائيلي الرافض لأي اعتراف بالحقوق الفلسطينية وهي تدرك أن المسؤولة الأوروبية إنما حلت بالمنطقة وهي غير قادرة على فعل أي شيء على طريق السلام إن صحت مثل هذه التسمية.
وتلك هي عيوب أطراف اللجنة الرباعية الراعية لعملية السلام الذين يعترفون بالحيف الإسرائيلي الممارس في حق الفلسطينيين ولكنهم عندما ينتظر منهم فعل أي شيء لا يقدرون، ليطرح السؤال ما الفائدة من مفاوضات تكرس الاحتلال وتزيد في درجة تحديه لكل العالم وسط ضياع الحقوق الفلسطينية الواحدة تلوى الأخرى؟

نظمت المدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم الإعلام بمقرها أول أمس، ملتقى حول الموسيقى والأغنية الأندلسية، حضره باحثون مختصون وجمعيات أندلسية، واستعرض من خلال بعض محاوره تاريخ هذه الموسيقى العريقة وسبل المحافظة عليها كي لا تقع في دائرة النسيان.
افتتح الملتقى على نغمات وقعتها الجمعية الأندلسية ''القيصرية'' من مدينة شرشال، ليتدخل بعدها مباشرة الأستاذ خالد لعلاوي المشرف على الملتقى، مثمنا اللقاء باعتباره ينظم في وسط أكاديمي وبحضور الشباب الذي ستكون بيده مهمة المحافظة على هذا التراث الثقافي الوطني.
تضمنت أشغال الملتقى محورين هما ''تاريخ الأغنية الأندلسية وواقعها بالجزائر''، ويندرج ضمنه ''منشأ الأغنية الاندلسية'' و''النوبة - اللحن - النص''، ''أعمدة الأندلسي و''واقع الأغنية الأندلسية في الجزائر''. وأفرد المحور الثاني لـ''دور الجمعيات في ترقية وتثمين الموسيقي الأندلسية'' وضمنه نجد ''العرض''، ''التكوين'' و''النشاط''.
وتم بالمناسبة عرض شريط مصور بعنوان ''موقع الأندلس الإسلامية التاريخي'' من اخراج الغماري الاندلسي، ومن ضمن ما عرض آثار الأندلس الباقية كقصر ''الجعفرية'' بسرقسطة والمسجد الكبير بقرطبة وصومعة لاخيردا وبرج الذهب بإشبيلية، وقصر اشبيلية وغيرها، وكلها قصور وأماكن ترعرع فيها الفن الأندلسي واستلهم من عمارتها.
أول المتدخلين في الملتقى كان الأستاذ عبد القادر بن دعماش، الذي اعتبر سيد أحمد سري - الحاضر معه على المنصة - ذاكرة الفن الأندلسي اليوم بالجزائر، ثم قام بجولة تاريخية قادته الى زمن الرواد وعلى رأسهم زرياب والموصلي في القرن الـ9 ميلادي، وكيف اخترعا الموشحات التي كانت ظاهرة جديدة في الشعر والغناء، ليتوالى بعدهما الرواد امتدادا من الاندلس الى المغرب العربي ليظهر الزجل.
الأستاذ سري اعتبر معرفة تاريخ هذه الموسيقى جزءا من تعليمها، متوقفا عند النوبات وكيف ان نصفها أي 12 نوبة (صباحية) ضاعت تماما.
وهزت صور الشريط الوثائقي الأستاذ سري فعلق قائلا: ''تأثرت عند رؤيتي المسجد الكبير بقرطبة، حيث تذكرت آخر حفل نشطته بهذا المسجد سنة 1988 باقتراح من الراحل عبد الرحمن الجيلالي''.
توجد الآن - حسب سري - 150 جمعية أندلسية بالجزائر، ويوجد رجال يدافعون اليوم عن هذا التراث وهذه الهوية، مما يبشر بالخير والتفاؤل. وعرف السيد سري النوبة وما تتضمنه (المصدر، البطايحي، الدرج، الانصراف، الخلاص).. علما أنه إذا غاب أحد هذه العناصر تصبح النوبة ناقصة.
تقدم الشيخ محمد العنابي وهو أحد شيوخ الأندلسي بمدينة شرشال، ليعزف بعض النوبات رفقة جمعية ''الراشدية'' والتوقف لتوضيح خصوصياتها، شرحا كنوبة ''الحسين'' و''السيكا''، وعند بعض الخصوصيات الموسيقية كـ''الاركة'' و''الأعراق''، ناهيك عن ''التوشية'' التي تعزف قبل المصدر وهي موسيقى صامتة.
للإشارة، فإن ''المصدر '' ذو إيقاع بطيء ثم ''البطايحي'' أسرع منه ثم ''الدرج'' ثم ''الخلاص'' الذي هو أسرعهم ايقاعا، وقدم نموذجا في الانصراف ''يا ناس أما تعذروني''، وقد نال إعجاب الحضور كون صوت الشيخ يكاد يتطابق مع صوت الراحل الشيخ المحفوظ.
وعاد الأستاذ بن دعماش بالحضور الى الجانب التاريخي، مركزا على ما جاء في كتابات ابن خلودون، خاصة من حيث انتشار الأندلسي ببلاد المغرب العربي وازدهار شعر الزجل فيه، بعد ان عرفت هذه المنطقة شعر ''عروض البلد'' الذي تطور الى الملحون والشعبي، وعرفت أيضا بـ ''فن المغراوة'' قبل أن يعرف الأندلسي.
وشهدت اشغال الملتقى نقاشا ثريا من الحضور الذي كان منهم الفنانة فلة عبابسة، التي ثمنت اللقاء. مستعرضة تجربتها مع الأندلسي الذي انطلقت منه الى عالم الفن لتتلمذ على يد ''الخزناجية'' و''الفخارجية'' وترافق فضيلة الذزيرية في العزف على آلة البيانو، ولتستعمل الكثير من المقامات الأندلسية حتى في أغانيها في المشرق العربي.
من جهتها، أشارت الدكتورة عايدة عبابسية (مقيمة منذ 25 سنة بالقاهرة)، الى التنوع الغنائي الذي تزخر به بلادنا، في حين دعت الفنانة زكية قارة تركي الى حماية تراثنا بأي ثمن كان.
وقدم شريط مصور آخر لبعض أعمدة هذا الفن في الجزائر، منهم عبد الرحمن منمش المتوفى في نهاية القرن 19 وهو شيخ محمد سفينجة المتوفى عام 1908 والذي يعتبر أول من أعطى لليهود المبادرة لأداء الأندلسي والشعبي في الجزائر، كذلك من الأسماء محمد بن تفاحي وغيره كثير.
بالمناسبة، صرح بن دعماش أن لديه تساجيل نادة تعود إلى بدايات القرن الـ 20 خاصة برواد الأندلسي والأغنية الجزائرية، فالمعلمة يامنة وحدها لها 150 تسجيلا (متوفية عام 1932) وغيرها من التساجيل التي تعد تراثا وطنيا، ولا يزال الباحثون يلهثون وراء هذه التسجيلات النادرة.

صدر مؤخرا عن دار المعرفة كتاب تحت عنوان''مذكرات شهيد لم يمت''، من تقديم الكاتب والإعلامي مراد وزناجي الذي يسرد فيه قصة مسؤول فدائي من العاصمة، جاهد بالولايات التاريخية الثالثة والرابعة والسابعة خلال سنوات 1953-,.1962 إنه المجاهد الحاج ''مسعود جديد'' المعروف باسمه الحركي ''سي علي'' الذي حكم عليه بالإعدام أثناء الثورة التحريرية، ويقول عن نفسه إنه ذاق مرارة السجن والتعذيب بالجزائر وفرنسا.
اِلتقت ''المساء'' المجاهد صاحب كتاب ''مذكرات شهيد لم يمت'' بمدينة بومرداس، وتحدثت معه عن مؤلفه والخلفيات التي جعلته يصدر كتابه عشية الإحتفال بالذكرى 57 لثورة نوفمبر، فقال السيد مسعود جديد: إن أمورا كثيرة شغلته عن فكرة جمع مذكراته في الكفاح لتحرير الجزائر، وقد تمكن أخيرا بمساعدة من الكاتب والإعلامي مراد وزناجي من جمع عصارة مساره الكفاحي في كتاب يبرز عبر صفحاته ملامح عذاب سنوات عديدة، وخصائص نضال أعوام مديدة لشعب أعزل عانى ويلات الفقر والحرمان والهيمنة والجهل واغتصاب الحقوق المادية والمعنوية، تحت سلطة استعمار استيطاني غاشم أهلك الحرث والنسل.
وجاء في مقدمة الكتاب أن الشهيد الذي لم يمت.. هوالعنوان الذي اختاره المجاهد لمذكراته بعد أن استجمع الكلمات المشكلة له من ذاكرته، وقال إن اختياره هذا له دوافع وجيهة تعبر عن مسار مجاهد جزائري وهب نفسه لله والوطن.. ولكن في النهاية، وهبت له الحياة، ''عندما يُلقَى القبض على مجاهد يتلقى أصناف التعذيب، ثم يمثل أمام المحكمة العسكرية التي تنطق في الأخير حكما بالإعدام.. يدخل السجين بعدها في زنزانة وهو مقيد اليدين والرجلين بسلاسل ويلصق صليب على ظهره.. هنا يطلق عليه في الحركة الفدائية اسم شهيد.. ولا ندري بعدها متى يقطع رأسه''، يقول عمي مسعود ويضيف: ''إن الله يقول: إن الذين قتلوا في سبيله أحياء يرزقون، لذلك فإن الشهيد.. لم يمت''.
وينقسم كتاب ''مذكرات شهيد لم يمت'' لـ 12 قسما، يروي القسم الأول منه كيف اكتسب المجاهد مسعود جديد الوطنية من والده الذي كان من جهته مناضلا في صفوف حزب نجم شمال إفريقيا، ثم حزب الشعب الجزائري الذي كانت عناصر منه تجتمع في بيت الوالد، وهناك بدأ ''مسعود'' يسمع المناضلين يرددون كلمات ''استقلال الجزائر''، و''الاستعمار'' ،''تحيا الجزائر'' و''علم الجزائر'' الذي رآه أول مرة وهو ابن 16 سنة، في مؤتمر للحزب انعقد في أوت ,1954 بما كان يعرف حينها بـ''فْوَايِي سِيفِيك'' أو مقر الإتحاد العام للعمال الجزائريين حاليا، يقول صاحب المذكرات عن العلم الوطني في الصفحة 29: ''كانت تلك المناسبة فرصة لي من أجل مشاهدة العلم الجزائري لأول مرة في حياتي والتعرف عليه، لقد كان موضوعا في حُنوّ ورقة على طاولة الوفد الرسمي... لا يمكنني الآن وصف ذلك الشعور الخاص الذي انتابني حينما رأيت العلم الجزائري، علم بلادي، الوطن الذي قررت الإنضمام إلى فئة الشباب المدافع عنه... كم كانت فاتنة تلك النجمة وسطه، ومن حولها هلال أحمر أبهى وأشهى، جزء أخضر يرمز للجنة، وآخر أبيض يعبر عن السلم. تملكني يومها إحساس غريب لم يعرف طريقه إلى قلبي قبل تلك اللحظة، كانت برهة للاعتزاز والرهبة أيضا... إن رؤية العلم الجزائري الذي لطالما أحببته دون أن أراه، كانت بمثابة لقاء حميم طال انتظاره مع شخص عزيز أغرمت به''. 
ويحكي المجاهد في الأقسام الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة عن رحلة اِلتحاقه بركب الجهاد.. عندما بدأ أولا ببيع جريدة ''الجزائر حرة''، وكان رغم صغر سنه أنذاك مدركا أن طريق الكفاح صعب وشاق ويتطلب صبرا كبيرا وحنكة أكبر.. وكانت انطلاقة الثورة التي لطالما انتظرها الجزائريون.. ليلة الفاتح نوفمبر .1954 بعدها يسرد المجاهد في مذكراته وبإسهاب كبير عن الكفاح مع مجاهدين كبار وشهداء عظماء في المنطقة الأولى في الولاية التاريخية الرابعة.. ولاية الجزائر وكيف تجذّر النضال في الحراش والسويدانية ومناطق رويسو، بروسات، لابيشري (السماكة)، صالمبيي (المدنية) ولارودوت (المرادية).. وغيرها من بلديات ومناطق العاصمة التي عاشت كغيرها من مناطق الوطن معارك التحرير لاستعادة الحرية والوطنية.
ويذكر المجاهد عن تجذر النضال في منطقة الحراش بقوله في الصفحة 39: ''إن تجذر الثورة وتغلغلها في مختلف المناطق والأوساط الشعبية بالولاية الرابعة، كان بفضل شباب مخلص من العاصمة والحراش خاصة.. من أولئك الأبطال، نذكر الشهيد حميدوش أحمد الملقب بـ''حميدات البوكسور''، وغيره كثيرون''. كما تحدث المجاهد مسعود جديد أيضا عن عمليات فدائية كثيرة شهدتها ولاية الجزائر، وشارك فيها إلى أن تم إلقاء القبض على العديد من فدائيّي العاصمة، وكان هو واحدا منهم، حيث ألقي عليه القبض ليلة 17 نوفمبر 1959 بالبيت الذي كان يقطن به في حي''لاهوت''، أوحي بوبصيلة. كما تحدث المجاهد بالكثير من التفصيل عما عاناه من ويلات التعذيب البشع على أيدي الجلادين الفرنسيين لمدة أربعة أشهر كاملة، سجن خلالها في زنزانة بسجن برباروس (سركاجي) الذي قبع فيه إلى غاية 09 مارس .1960 وحدد تاريخ محاكمته وعدد من الفدائيين الملقى عليهم القبض في 04 نوفمبر ,1961 ونطق الحكم بالإعدام في حق ثمانية فدائيين، وباقي المجاهدين بالسجن لفترات مختلفة..
ويروي صاحب المذكرات في القسم الثامن فرحة وقف إطلاق النار.. وإشراقة الحرية.. واستقلال الجزائر. ويروي في القسم العاشر عن الحياة المدنية في الجزائر المستقلة. وخصص القسم الحادي عشر والثاني عشر لملاحق ضمنها صورا نضالية من مناطق كفاحه وصورا عن سجنه وأخرى عن المقصلة التي نُفّذ بها حكم الإعدام في حق مجاهدين جزائريين، والتاريخ يشهد أن أول شهيد أُعدم بالمقصلة هو أحمد زبانة، وبقي اسمه خالدا في سجل تاريخ ثورة تحرير الجزائر..

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)