الجزائر

"مذكرات ديفيد لينش"




«مذكرات ديفيد لينش" تأليف كريس رودلي وترجمة عبد الله ميرزا، الصادرة ضمن سلسلة الفن السابع عن مؤسسة السينما بدمشق، يعطي إضاءة شاملة لإبداع المخرج الأمريكي ديفيد لينش في السينما والرسم، وقد قدمت عبر سلسلة حوارات شملت جوانب الإبداع في حياته وفي كل فيلم من أفلامه المميزة.ولد ديفيد لينش في مدينة ميسولا بولاية مونتانا، الولايات المتحدة، في 20 كانون الثاني 1946. وتنقل في سنوات طفولته الأولى في عدة مدن أمريكية. ومن المثير فعلا أن نمط حياة التجوال التي عاشها ديفيد في أيام صباه، قد ساهم كثيرا في خصوصية سينما لينش، وما تتسم به من طابع مقلق. فقد اكتسب لينش حسا مرهفا تجاه المكان وعكس هذا الجانب في أفلامه على الأشخاص، بمدى تأثرهم بالمحيط حولهم والذي غالبا ما ينصهر في بوتقة واحدة للطبيعة الخارجية لشخصياته الرئيسية .. ويمكن اكتشاف هذا الأثر بوضوح على هنري بطل فيلم رأس الممحاة وجيفري بطل فيلم المخمل الأزرق اللذين يعكسان صورة الذات البديلة لديفيد لينش كرجلين بريئين أو طفوليين يناضلان من أجل فهم محيطهما المباشر، واستيعاب الأحداث التي تجري في حياة كل منهما.
ويشكل عالم الأحلام حجر الأساس في سينما لينش وعن ذلك يقول: "هنا تكمن قوة السينما مع أنه من الصعوبة بمكان تحقيق ذلك، بما أن الحالم قد خص الحلم لنفسه وتراءى له فقط دون غيره، بمعنى أن خصوصية الحلم ترتبط بالحالم. لكن مع إضافة الأصوات والأحداث والزمن تستطيع إلى حد ما عرض ذلك الحلم أمام الآخرين بواسطة الفيلم السينمائي."
ربما أثبت لينش أنه المخرج الأكثر فطنة في السينما المعاصرة، وعندما يأتي الأمر على استعمال الموسيقى الناشئة، حيث قدم قوة موسيقى "البوب والروك" الحالمة ذات الخيال الخصب إلى الفيلم السينمائي. وذلك ليس فقط على شكل صوره متحولة بالأصوات وأحاسيس الموسيقى، بل تعيد هذه الصور اختراع الموسيقى نفسها، تحور معناها أو تعقد نيتها العاطفية البسيطة على الأغلب حتى يصبح الاثنان متلازمين. وعن الحضور المستمر للموسيقى في أفلامه وتقريبا تحت عتبة الشعور والإحساس يقول لينش: "أنا مفتون حقيقي بوجود ما تسميه "نغمة الفراغ". إنه الصوت الذي تسمعه عند وجود الصمت. بين الكلمات والجمل، إنه شيء يتطلب دقة وبراعة، لأنه على ما يبدو في هذا النوع من الصوت الهادئ يمكن أن تحضر بعض المشاعر، ويمكن أن يصنع نوع محدد من صورة عالم أكبر، وكل تلك الأشياء هامة لصنع ذلك العالم."
إن الملائكة الحارسة هامة جدا بالنسبة إلى ديفيد لينش. ففي فيلم "رأس الممحاة" تحب السيدة في المشعاع "هنري" حقا، كما تعود لتهدئته في نهاية الفيلم، ربما في مشهد يعتبر ما بعد الموت. عندما يتلامسان يولدان ضوءا يعمي الأبصار في رؤية مصطنعة ومظلمة بطريقة أو بأخرى. تنقذ الساحرة الطيبة في الدقائق الأخيرة من"قاسي القلب" "سيلر" من نفسه بإخباره أن لا يدير ظهره للحب، ثم تعيد توحيده مع "لولا". وفي نهاية فيلم "توين بيكز" عندما لا تزال "لورا بالمر" عالقة في مسكن ريفي، تتكون لديها رؤية ملاك، تبكي من شدة الفرح، ربما لأنه تم إنقاذها. كما تكون الموسيقى المعنونة ب "صوت الحب" متضخمة ومستمرة في الموسيقى التصويرية. ويشير لينش إلى هذه الملائكة الحارسة بأنها أفكار تجريدية من خلق أذهان شخصياته، أو توضيح حقيقي من مكان أخر، وفي هذه الحالة هو مكان الحب، إنه مكان ما وراء الخوف والعنف والوحدة والظلام.
حقق لينش في عام 1990 نجاحا كبيرا، حيث فاز فيلمه "قاسي القلب" في مهرجان كان، ويقول لينش عنه: "هو فيلم طريق وقصة حب ودراما نفسية وكوميديا عنيفة، إنه مزيج مختلف من كل هذه الأشياء".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)