الجزائر

مدرعات مرابضة في زوايا استراتيجية تحسبا لأي طارئ العاصمة تحت حراسة أمنية مشددة



عززت مخاوف الانفجار الاجتماعي والمسيرات التواجد الأمني عبر أهم النقاط بالعاصمة، وإن كانت السلطات قد حرصت على عدم المبالغة في نشر قوات الشرطة بالزي الرسمي، فإن صور المدرعات والشاحنات الزرقاء، بباب الوادي، ساحة أول ماي والملعب الأولمبي تشير إلى أن حالة التأهب حقيقة لا يمكن نكرانها.
 تحاول بعض شاحنات الشرطة والمدرعة مركونة بحظيرة ملعب 5 جويلية، استئناس هذه الحظيرة بعد أن غابت عنها سيارات عشاق الكرة لشهور وشهور، حيث اصطفت مركبات الشرطة عند مدخل المرفق الرياضي، اختيار الموقع طبعا لم يكن اعتباطيا، فالمكان يعد مفترق طرق بين عدة مواقع إستراتيجية أهمها الطريق السريع الجنوبي، المدرسة العليا للشرطة والطريق المؤدي إلى باب الوادي، مركز أغلب الهزات الاجتماعية.
فبعد أن التقطنا صور سيارات الشرطة بالملعب، خلسة طبعا، كانت وجهتنا باب الوادي عبر المنحدر المؤدي إلى تريولي، توسط الطريق حاجز أمني إضافي يتسبب في ازدحام الطريق فيستلزم عدة دقائق إضافية للوصول إلى تريولي، أين يستقبلك أيضا حاجز أمني آخر، فبهذا استحقت العاصمة لقب المدينة التي ينتشر بها أكبر عدد من رجال الشرطة، عدد تضاعف منذ الخامس جانفي، يوم اندلاع انتفاضة الزيت والسكر، دون أن يجعل منها هذا مدينة آمنة سلما أو خلال الاضطرابات الاجتماعية.
البحر من أمامكم والمدرعات من ورائكم
وعلى غير العادة حركة المرور لم تكن مختنقة بحي باب الوادي الشعبي، حي اشتهر بكونه ترموميتر الوضع الاجتماعي بالبلاد عامة والعاصمة بالدرجة الأولى. فالسبت الماضي، اندلعت مواجهات خاطفة بين شباب وقوات مكافحة الشغب ساعات بعد إجهاض مسيرة ساحة أول ماي، المواجهات قال بشأنها سكان تحدثنا إليهم في تلك الليلة، إنها كانت محاولة منحرفين للاعتداء على بعض الممتلكات، ليحوّلوا شعاراتهم إلى شعارات ''جزائر حرة ديمقراطية'' وحرق العجلات ليتفرق الجمع ''الكريم'' لحظات بعد تدخل الشرطة.
فليس غريبا عن الحي، خاصة أن مدخله يحتضن مقر الأمن الوطني، أن يحظى بعناية مصالح الأمن، حيث تم تحويل مساحة بالقرب من مقر المديرية العامة للأمن الوطني، لفضاء ركن مدرعات وشاحنات شرطة، فاصطف العديد من أعوان الأمن قبالة أمواج البحر وهم في حالة تأهب، فقد يتحوّل عنفوان نسيم البحر إلى ''كريموجان''. وتواجدهم بالمكان يهدف أساسا لمواجهة أي تحرك بالحي العتيق وحماية مقر المديرية، حيث شهد شارع العقيد لطفي أعنف المواجهات بين الشرطة والشباب الثائر ضد ارتفاع أسعار الزيت والسكر.
بعد أن تركنا أعوان الشرطة يستمتعون بزرقة السماء ونسيم البحر، عرجنا على طريق الميناء، وغير بعيد عن ميناء الصيد، اصطفت أيضا عدة شاحنات ومدرعة إزالة الحواجز أو كما لقبها شباب العاصمة شاحنة ''بوشلاغم''. فالموقع هذا أيضا يعد هاما، ويستوجب التدخل السريع لقربه من مقرات المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة.
فتناثر مصالح الأمن يهدف بالدرجة الأولى للتدخل السريع في حال حدوث أي مناوشات، خاصة أن تقارير مصالح الاستعلامات ظلت تنقل أخبارا عن استمرار ظهور إشاعات عن انفجار قريب. اللافت للانتباه، أن حالة التأهب قائمة ولا يمكن لأحد نكرانها، غير أن السلطات حرصت على ألا يكون التواجد الأمني ظاهرا لدرجة قد توحي أن الوضع على حافة بركان.
 ساحة أول ماي في الاستعداد منذ أكثـر من 20 سنة
فضلنا أن نترك ساحة أول ماي، التي كتب لها التاريخ أن تكون نقطة انطلاق المسيرات خلال العشرين سنة الماضية. فالساحة كانت كعادتها تعج بالناس، تتقاطع خطواتهم في كل الاتجاهات، وحتى لا تظهر الساحة على أنها في حالة حصار غير معلن، فضلت مصالح الأمن إخفاء إمداداتها بالقرب من مقر المركزية النقابية، وهذا منذ نشوب مواجهات الفاتح جانفي الماضي.
فقد اعتاد سكان ساحة أول ماي والمارون يوميا بالمكان على تواجد شاحنات الشرطة والمدرعة التي لا تزال تحتفظ على هيكلها بضربات الحجارة خلال المواجهات الأخيرة مع الشباب. ومن المنتظر أن تتحول ساحة أول ماي إلى ثكنة للشرطة ساعات قبل بزوغ نهار السبت المقبل لإجهاض المسيرة التي دعت إليها التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)