الجزائر

مدار الأسبوع



بينما «الجزيرة» في مدرسة الإبراهيمي وحكومتنا في العسل
قسنطيني يقطع التيار الكهربائي بين نزار وبلخادم
عاد فاروق قسنطيني المحسوب على رئاسة الجمهورية ليثير الجدل السياسي والإعلامي بواسطة آخر تقرير له حول وضعية حقوق الإنسان والفساد في الجزائر، فقد أثار مجددا ملف انتشار الفساد على نطاق واسع وهو الأمر الذي يثير انشغال الرأي العام وسط تفشي الظاهرة بشكل لم يعد محتملا على أكثر من صعيد وجهة. تقرير الحقوقي والمحامي فاروق قسنطيني حمل أيضا إشارات واضحة ومباشرة إلى غياب التعامل الإنساني لمصالح الأمن مع المواطن، وهو ما أثار نقاشا آخر بشأن أنسنة مصالح الأمن إلا أن فاروق قسنطيني عاد من جديد حيث وضع نقطة نظام بشأن تقريره الذي أوضح من خلاله أنه لم يكن يقصد قيادة هذه الأجهزة الأمنية ولكن القضية تتعلق بممارسات وتعاملات الأفراد.
وفي شق آخر من أحداث الأسبوع تواصل جدل الماضي بين اللواء المتقاعد خالد نزار وخصومه منذ أن أقر القضاء السويسري عدم الاعتراف بأي حصانة للجنرال المتابع في جنيف، وانتقل هذه المرة إلى ما بين رموز السلطة ورجالاتها عندما «غلّظ» خالد نزار من لهجته وصعّد خطابه وهو يتحدث عن عبد العزيز بلخادم الذي كان رئيسا للمجلس الشعبي الوطني قبل آخر انتخابات تشريعية مطلع التسعينيات.
عبد العزيز بلخادم ترك لنفسه هامشا من المناورة وهو يرد على سؤال لأحد الصحفيين بشأن تصريحات خالد نزار: «لن أرد عليه في دقيقتين» لكن الرد قد يأتي من منطلق أن حالة نزار لا تتحمّل المزيد من الجدل وأن خروجه إلى الرأي العام قد زاد من تعقيد قضيته»، فقد أشارت بعض الصحف إلى أن لجنة من رئاسة الجمهورية تم تشكيلها مؤخرا مهمتها متابعة ملف نزار مع السلطات السويسرية. وسط النقاشين تساءل الرأي العام عن حالة أسواقنا والتجارة الداخلية التي تتعطل وتتوقف خلال الأعياد الدينية والمناسبات فلا خبز ولا حليب ولا حتى ماء معدني خلال عطلة العيد، الأمر الذي يطرح من جديد مسألة ضرورة وجود نص قانوني أو تشريعي ينظم نشاط التجار في المناسبات الدينية.
سياسيا لاتزال علامة الاستفهام مطروحة بشأن الحكومة ومستقبلها والسلطة وسراياها وكيف تفكر ومتى يتم الإعلان عن حكومة جديدة. ومرة أخرى طالعتنا مصادر إعلامية بتوقعات أزاحت وزيرا وأتت بآخر في سياق تكهنات الحكومة التي طال انتظارها، لكن سونلغاز لا تنتظر أحدا فقد تواصلت موجة انقطاع التيار الكهربائي في العديد من ولايات الوطن وخرج المواطنون في احتجاجات عدة وصلت ولاية خنشلة شرقا. ولم يخل الجانب الأمني من حراك خلال عطلة العيد فقد أشعل الحريق الذي أتى على دار النقود فتيل الجدل والمتابعة الإعلامية المتواصلة لحادث مازال يطرح الكثير من الأسئلة. كيف تم الحريق ولماذا ومن وقف وراءه وهل هو صدفة أم متعمد؟ وما هي إجراءات الأمن التي تضمن لنا عدم تكرار حادث كهذا؟ السؤال مازال ينتظر الإجابة والقضية للمتابعة. أمنيا دائما سجلت مصالح الأمن والجيش الوطني الشعبي ضربات موجعة للجماعات الإرهابية، فقد تمكنت من صيد ثمين وهو واحد من أبرز قيادات القاعدة في الجزائر، كما تمكنت من توقيف والقضاء على عدد من الإرهابيين في مناطق مختلفة من الوطن. دوليا لايزال الوضع في سوريا والحديث عن إمكانية تنحي الأسد يثير انشغال العالم، بينما فصل المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي في التعاطي الإعلامي العربي معه عندما قال إن مهمته لا تحددها قناة الجزيرة أو غيرها أي بمعنى: «خلونا نخدموا بركات منكم»..
عبد السلام بارودي
المعجزة الجزائرية تصنع أي شيء.. إلا وزيرا مستقيلا
قد يعتبر البعض أن الحديث عن استقالة وزير في الحكومات الجزائرية، وخصوصا الحكومات التي أتت بوزراء صار المواطن المغلوب على أمره يحفظ كل زاوية في وجوههم مثلما يحفظ راحة يده، يعد ضربا من الجنون والخيال. وواقع الأمر أن الوزير الجزائري، مهما كان القطاع الذي يتولاه، يعمل ما بوسعه للحفاظ على كرسيه، وإن عصفت بقطاعه مشاكل واضطرابات وإضرابات مثلما حصل ويحصل مع «عميد الوزراء» أبو بكر بن بوزيد الذي يقول عنه البعض تهكما «لم يتأثر ولم يتعثر ولم يتقهقر.. ولم يتكسر». ومثل التربية؛ توجد العديد من القطاعات الأخرى التي تثبت في كل يوم فشلها على غرار الطاقة والمياه والصحة والنقل والتجارة وحتى الخارجية وغيرها. ويبدو جليا أن السنة الحالية كانت الأسوأ منذ عقود بالنسبة للجزائريين، فكانت البداية بفضيحة قارورات الغاز في «أزمة الثلج» نهاية جانفي وطيلة شهر فيفري الماضيين، حيث تسببت الثلوج التي تساقطت على المناطق الشمالية، وهي سابقة نادرة، في شل الحياة ككل، وقطع الطرقات، وحصار قرى بأكملها بقي سكانها يعانون البرد والجوع. ووقتها علقت وزارة الطاقة على الأمر بطريقة تخلي مسؤوليتها وعجزها، وقالت إن المتسببين في أزمة الغاز هم المضاربون، وهو عذر يكشف ضعف الوصاية في وضع حد لهؤلاء الذين تسميهم ب«المضاربين». ورافق أزمة الغاز أزمة أخرى لا تقل خطورة، وهي الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، إذ ظلت أحياء وقرى دون كهرباء، وتعاني البرد وحتى الجوع في ظل تقطع السبل، ليطل مدير عام «سونلغاز» نور الدين بوطرفة كعادته ويطالب المواطنين ب«ترشيد استهلاك الكهرباء» غير الموجودة أصلا. وطبعا سارع التلفزيون العمومي كعادته، ليقول إن كل شيء على ما يرام، والوزراء يقومون بواجبهم وهم في الميدان، ليبرز هنا سؤال كبير «ماذا كانت تفعل آليات الجيش وقواته إن كان الوزراء يشتغلون على قدم وساق؟». وطبعا سجلت تلك الأزمة غيابا مفضوحا لما يسمى عندنا في الجزائر مجازا ب«الأحزاب السياسية» و«المجتمع المدني»، حيث اكتفى هؤلاء بإرسال «فاكاسات شجب وتنديد» إلى قاعات تحرير الصحف حرروها أمام المدافيء والمكيفات، ليصرخ الجزائريون في وجههم «لا تسألوا عنا يوم الانتخابات».
ورغم «الأزمة الفضيحة» لم يستقل أي مسؤول، لا بوطرفة، ولا يوسف يوسفي، ولا بن بادة، ولا أبسط «مير» في قرية من القرى. ومع حلول الصيف، تستمر معاناة الجزائريين، إذ عاش الشعب أقسى فصل حر منذ سنوات طويلة جدا، وتحولت الانقطاعات في التيار الكهربائي إلى شيء لا يطاق، فخرج الناس إلى الشوارع ليغلقوا الطرقات ويشعلوا الإطارات، ليطل السيد بوطرفة مجددا ويقول بكل برودة «أنتم المسؤولون عن الانقطاعات.. فمخططنا الوطني للكهرباء لم يضع في الحسبان مكيفاتكم». ولاحقا قال وزير المياه عبد المالك سلال إن انقطاعات الماء سببها انقطاع التيار الكهربائي وقطاعه بريء تماما. وفي قطاعات أخرى، استمرت المعاناة، فمن ارتفاع أسعار اللحوم بشكل جنوني في رمضان، وغيرها من الأغذية الضرورية، وصولا إلى التأخرات اليومية للقطارات التي تتجاوز النصف ساعة والساعة في بلاد «نورمال».. وبين كل هذا وذلك، لم يستقل أي وزير أو مسؤول رغم فشلهم في تسيير قطاعاتهم، وأكثر من ذلك ترشحوا في الانتخابات التشريعية بشكل عادي جدا.
صحيح أن «المعجزة الجزائرية» تصنع أشياء كثيرة، لكنها لا يمكن لها أن تأتيك بوزير أو حتى مسؤول بسيط مستقيل، لنذكر هنا أمثلة عن استقالة وزير النقل المصري في عهد مبارك محمد لطفي منصور إثر تصادم قطارين خلف 18 قتيلا وعشرات الجرحى في أكتوبر 2009، واستقالة وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي إثر استجوابه 11 ساعة في البرلمان واستقالة وزيرة خارجية فرنسا ميشال أليو ماري سنة 2011 بسبب فضائح ترتبط بعلاقاتها بتونس وغيرها من الأمثلة في بلدان كثيرة.
أيمن السامرائي
محمد لكصاصي محافظ بنك الجزائر وحرق دار النقود
يمكن وصف ماوقع في دار النقود من حرق وإتلاف لمواد تستخدم في طبع العملة، بالسابقة التي لم تحدث في التاريخ. فكل مراكز المال ومنابعها الرئيسية واحتياطاتها من الذهب في جميع البلدان موجودة تحت حراسة أمنية مشددة وفي أماكن آمنة، إلى حد الجزم أن الأمر يصل إلى حد تصنيفها ضمن «صفر مشاكل»، فهل أن الدار التي تصك فيها العملة الوطنية أهون من دار العنكبوت، بعد أن كادت نيران ليلة العيد أن تحولها إلى ركام أشبه بركام البرجين التوأمين في أمريكا في هجمات ال 11 من سبتمبر. سواء أثبتت التحقيقات أن فعل الحريق متعمد للتغطية على تهريب الأوراق الخاصة بطبع النقود، أو كان السبب شرارة كهربائية، كما تشير التصريحات الأولية، فإن مسؤولية محافظ بنك الجزائر ثابتة وأكيدة في ذلك بصفته المسؤول المباشر عن تلك الدار!
فمحافظ بنك الجزائر (سابقا البنك المركزي)، يؤدي دورا خطيرا في ضبط قيمة صرف العملة وتحديد حجم الأموال المطلوب طرحها في السوق، وتحديد الموازنة العامة للدولة قبل تمريرها لوزير المالية، فالحكومة، فالبرلمان، فالرئيس، الذي هو آخر من يصادق على قانون المالية. ولهذا لايخضع محافظ البنك إلا لسلطة وزير المالية ورئيس الجمهورية، وقد يكون أصعب شخصية في البلاد على الإطلاق يمكن مقابلته في إطار العمل. فكيف تصبح دار نقود خرابا إذن إذا كانت بهذه الأهمية، وكانت يده شبه مفتوحة بصفة مطلقة تمكنه من سدّ أي باب يأتي منه الريح. فرضية الحرق المتعمد للدار مطروحة بشكل جدي، وهذه تغذيها شكوك قديمة حول مصدر الأوراق المالية الأصلية (الجزائرية) التي اكتشفت خلال ضبط شبكة مافياوية قبل أشهر في مدينة ليون الفرنسيّة. وظل الجواب إلى الآن غير معروف. أما فرضية الشرارة الكهربائية فتلك مصيبة أكبر، باعتبارها الوجه الفاضح للإهمال والتسيب وقلّة الحيطة والحذر… فبعد حرق دار النقود لايمكننا أن نتصور أن شيئا آخر غيرها يمكنه أن ينجو من لهيب النار (والعار)، بما فيها حرق ملفات في مصالح الجمارك والميناء، وإضرام النيران في عدد من الشركات والغابات… وإن لم يأت ذكر لشيء إسمه حساب لكنه اللاعقاب بالتأكيد.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)