مخطوطات محمد بن يوسف السنوسي المحفوظة في الخزانة الحسنية بالرباط - قراءة في بعض المعطيات الكوديكولوجية

ملخص المداخلة: تعتبر تلمسان من أهم الحواضر الإسلامية، التي أسهمت بإشعاعها الحضاري في بناء الحضارة الإسلامية، خاصة في الغرب الإسلامي، ولا أدل على ذلك كثرة علمائها وعظمائها الذين طبعوا تاريخ الإسلام بطابع خاص. ونذكر من هؤلاء العلماء، أبا عبد الله محمد بن يوسف السنوسي (ت. 895 هـ / 1489 م) الذي انطبعت مرحلة تاريخية طويلة، ما زالت مستمرة إلى الآن، بفكره الكلامي، حتى إنها انتسبت إليه، وهي " المرحلة السنوسية ". ومن هنا، كثر الاهتمام بكتب السنوسي، لاسيما الكلامية منها، وطارت شرقا وغربا، وعكف الناس على حفظها ونسخها، فكثرت منتسخات عقائده التي قضت على السلطة المعرفية التي كانت تتبوَّؤها بعض العقائد قبله، خاصة "العقيدة البرهانية" لأبي عمرو عثمان بن عبد الله السلالجي (ت. 574 هـ / 1178 م). وبسبب الاهتمام الكبير بمصنفات السنوسي، حِفْظا، وفَهْمًا، وشرحا، وتعليقا، انكب الناس على نَسْخها، مما يجعل هذه الظاهرة تحتاج إلى الدراسة والتحليل، من خلال النظر فيما حملته أوعية منتسخاتهم من حقائق معرفية مفيدة ونادرة قد لا توجد في أي مصدر آخر. وهذا ما يستدعي التوسل بــ "الكوديكولوجيا" للكشف عن هذه الحقائق واستخراج دفائنها. ونعني بــ "الكوديكولوجيا" مفهومها الحديث، الذي يعني "دراسة المخطوط باعتباره قطعة مادية"، أي: نوع الورق، والتجليد، والخط، واسم الناسخ، وتاريخ النسخ، والتملكات، والمعلومات المكتوبة في الأغلفة وأوراق الوقاية، مما لا علاقة له بالنص، إلخ. وعليه، فإن عملنا في هذا البحث سيسلط الضوء على نماذج من مصنفات السنوسي، وهي المحفوظة في الخزانة الحسنية بالرباط، لاتخاذها مادة دسمة لاستنباط بعض المعلومات والمعارف التي ما زالت بكرا، وتنتظر من يكشف عنها الغطاء، مع الأخذ بعين الاعتبار أنها تجربة جديدة يمكن تعميمها بدراسة النسخ المخطوطة لكتب الرجل، المحفوظة في سائر خزائن ومستودعات المخطوطات في المغرب والجزائر وغيرهما. هذا، وإن تقديم المحاضرة، سيحتاج إلى عرض نماذج مخطوطة على الشاشة الإلكترونية، لتقديم أمثلة من المعارف والحقائق المتوصَّل إليها من خلال البحث الكوديكولوجي.