الشيخ الولي الصالح العارف بالله القطب أبو عبد الله كان كثير السياحة شرقا و غربا و برا و بحرا.
أخذ بفاس عن موسى العبدوسي و القباب و ببجاية عن شيخه أحمد ابن إدريس و عبد الرحمن الواغليسي و كان يثنى على أهل بجاية كثيرا لمحبتهم الغرباء و الفقراء و محافظتهم في معاملتهم على الحلال وسافر من فاس للشرق للحج فدخل مصر فلقي بها الحافظ العراقي و غيره و أخذ عنهم و جاور مدة بالحرم الشريف بين مكة و المدينة ثم سافر للقدس وجال ببلاد الشام و كان في جامع بني أمية يأوي سياحته لغيضة ملتفة فتأوي إليه السباع و الوحوش العادية ثم استقر أخيرا بوهران مثابرا على العلم و العمل و الصدق في الأحوال و انتفع به جمع و عند قرب أجله كان أكثر كلامه في مجالسه في التبشير بسعة رحمة الله و عفوه قال بعضهم: كان مقطوعا بولايته و عنه أخذ الإمام إبراهيم التازي كما تقدم في ترجمته و هو صاحب "التنبيه" المتقدم قال الشيخ أبو عبد الله بن الأزرق: وقفت لبعض العصريين أن الشيخ الولي الشهير الهواري نزيل وهران لما ألف "السهو" الذي عمل عليه"التنبيه" أخذ الفقيه أبو زيد عبد الرحمن المغراوي المقلاشي فوزن فيه أشياء و أعرب فيه أشياء فأتى به الشيخ و قال له: يا سيدي إني أصلحت سهوك فقال له الشيخ: هذا السهو يقال له: سهو المقلاشي و أما سهوي فهو.
الفقراء إنما ينظرون فيه إلى المعنى و من أين العربية و الوزن لمحمد الهواري بل سهوي يبقى على ما هو عليه اهـ.
قال ابن الأزرق: و في مراعاة هذا المعنى على الجملة أنشد غير واحد:
و ما ينفع الإعراب إن لم يكن تقى
و ما ضر ذا تقوى لسان معجم
و ذكر أبو عبد الله الملالي أن شيخه أبا الحسن التالولي كان كثير المطالعة لكتاب "السهو و التنبيه" للهواري كل يوم و رأيت بخطة ما نصه: ضمن مؤلفه رحمه الله لكل من قرأ سهوه و اعتنى به أن لا يجوع و لا يعري و لا يعطش و أنه ضامنة في الدنيا و الآخرة كذا نص عليه في "التنبيه" الذي جعله في فضل السهو و سمعناه من سيدي إبراهيم التزي و ألايناه يختم السهو بالنظر في كل يوم للتبرك مرة اهـ.
و ذكر أيضا هذا السهو جعله المؤلف للأولاد و لم يتعرض لوزن شعر و لا عربية فإياك و الإعتراض تأمل و قرأ تنتفع كذا سمعناه من سيدي إبراهيم التازي اهـ. وقال بعضهم كان الشيخ آية الله في فنونه و مكاشفاته و من كراماته أن بعض العرب و مفسديهم أخذ المال بعض أصحابه فبعث فيه الشيخ إليه فأخذ رسوله فقيده و حبسه حين أغلط القول فبلغ الخبر الشيخ فقام من مجلسه و قد اسود وجهه لشدة غضبه قال سيدي إبراهيم التازي: فلما دخل خلوته سمعته يقول: مفرطخ يكرره مرارا ففي الوقت قام الظالم يلعب بخيله في بعض عرسهم فلما حرك خيله و الناس ينظرون فإذا الرجل أبيض الثياب أخذه على أسفله و ضرب به الأرض أشرع من طرفة عين فإذا هو ميت بلا روح مفرطخ دخل رأسه في جوفه من شدة ضربه منكسا فأطلقت أمه رسول الشيخ و قالت لولدها الميت: حذرتك دعوة الشيخ و شوكته فأبيت فلا حيلة لي فيك اليوم اهـ.
و توفي بوهران سنة ثلاث و أربعين و ثمان مئة (843) و قد استوفي كراماته مع صاحبه إبراهيم التازي و الحسن أبركان و أحمد بن الحسن المغراوي الشيخ ابن صعد في "روضة النسرين في مناقب الأربعة الصالحين" فلينظر فيها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/10/2010
مضاف من طرف : soufisafi
المصدر : تعريف الخلف برجال السلف