الفاضل العلامة الذي جعل للمحاسن علامة، فاعترف بفضله كل موقن أبو عبد الله سيدي محمد بن عبد المؤمن الحسني الجزائري أتم الله نوره، و ادام سروره بمنه وفضله، و غرة مجد في جبين الجزائر ساطعة ن ودرة فضل في جيد المكارم لامعة، و بحر من السماحة زاخر، أعيا الأوائل و الأواخر، رحل إلى المشرق مرارا، و انتجع للمعارف قطاران وحظي بصحبة شيوخ جلة و أنهله كل واحد منهم و عله ، و ما زال يخطب من عقائل المعاني كل خريدة، و ينظم من جواهر البيان كل فريدة حتى أربى على أهل زمانه، وطاول أخبار أوانه، و توغله في الأدب هو الذي أولاه عالي الرتب، وأهدى إليه السيادة من كل غور، وأرقاه على القعقاع ابن شور، إذا سجع كلاما، أو ضع نظاما، سحر ببيانه أعيانا، و أسكر بسلافه إيداعه أذهانا و إن تكلم في سائر العلوم، نفس عن المكظوم و أحيا قتيل الهموم، وهذا الفاضل ممن يواه الله المكانة العليا، وجمع له بين الدين و الدنيا، فهو ينشد إذا كفا به معا: ما أحسن الدين و الدنيا، فهو ينشد إذا كلفا به معا: ما أحسن الدين و الدنيا إذا اجتمعا، و لم يزل مدة إقامتي بمطافه، يرشفني أعذب نطافه، و يجيش إلي من المكارم بأبحر، و يواليني من المحاسن ما يعمر عمر، حتى شردت في النوى، عن ذلك المثوى.
و من أعظم شاهد على سلامته من الدعوى التي عمت بها البلوى – مع بلوغه في كل فن الدرجة القصوى – أني في بعض الأيام غلبني الضحك بحضرته، فظن لحسن نيته و جميل طويته أن ذلك من عدم معرفته، فكتب إليه معتذرا من تلك الهفوةن مقسما إن ذلك افتنان بإقرائه و صبوة، لا غلطة و جفوة بهذه البيات:
مهلا على القلب إن القلب قد لسبا
إذ قيل: حبر الهدى على قد عـتبا
حبر الجزائر لا تنفك محتجـــبا
عن من يمد إلى تنكيدكم سببــا
بلى و حملك يا ابن الأكرمـين أبى
ما كان ما فات منا عن قلى عجبا
لكن طربنا بما أبديت من نكــت
نفيسة أورثتني ضاحكا طــربا
و قد فهمنا بالذي شربــــت
أفكارنا من عقار أشبهت ضربـا
و من يكن بعقار العلم مصـطحبا
أجدر به أن يرى من سكره طربا
هبا زللنا أما للحــــلم أردية
سابغة ترتديها زلة الغربــــا
إن كان هذا الذي أبــديته كذبا
فلا قضى و طري من علمكم إربا
و لا ركبت جياد العلم مـسرحية
و لا اقتديت بمن هام بها و صبـا
ولا ظفرت بما أرجوه مــن وطر
و لا برحث اعالي الكد و الوصيا
و لا حنت إلى فاس و جبيرتهــا
و لا دعاني إلى تطوان عرف صبا
قال: و لهذا المولى أشعار، أرق من نسمات الأسحار ورسائل آنق من نفخات الخمائل، لو قرأهما على الصخر لتفجر ماء صراحا ، و لو ألقاهما على البحر لصار سلسالا قراحا، شاهدت من ذلك ما تقر برؤيته العيون الباكية، ويحسده نسيب عبد الرحمن بن حسان في رملة بنت معاوية، وقد أخبرني في هذه اليام غير و احد ممن قدم من تلك البلاد، من أهل الانتجاع و الا رتياد أنه تولى قضاءها ن و رد عليها بعدله رونقها الذي فقدهو بهاءها، أبقاه الله يظهر سناها، و ينصر مرآها.
و لما فلاغت من ذلك الطواف و عزمت على الا نصراف، سألته أن يجيز لي ما قرأته عليه و سمعته لديه، فنفث لي بهذا السحر، من غير إعمال الرواية و لا فكر اهـ. و أثبت الإجازة بنصها فانظرها فيه و قال فيها:
و إن ممن ضرب فيه بنصيب وافر، وحصل منه القدر المفيد الظاهر الفقيه النبيه، العالم الوجيه اللوذعي الأوحد جامع الفضائل التي لا تجحد، أبا عبد الله الشيخ محمد بن قاسم بن الواحد بن زاكورالفاسي، حفظه الله و حرسه و بكل المبرات و المسرات آنسه، فإنه لما دخل حضرة الجزائر التي عم أمنها القاطن و الزائر، قرأ معنا صدرا من كتاب "جمع الجوامع" للتاج السبكي و بعضا من "تلخيص المفتاح من باب الفصل و الوصل، وأرجوزه ابن التلمساني في الفرائض، ووقعت المشاركة بيننا و بينه في المشائل العلمية و النوادر الأديبية فألفيته سابق الحلبة و دارك المسائل الصعبة فالتمس مني أن أجيزه فيما قرا معي أو سمعه مني فاعتذرت إليه من التقصير و الباع و اقصير وعدم التاهل لأن أجاز فضلا عن أجيز و لست محسنا للأطناب و لا متمكنا الكلام و الوجيز، فلم يقبل مني ذلك وصادف وقتا لم يمكني فيه إسعافه بإجادة ما هنالكفأجرته بذلك على شرطه المعتبر عند أهله، بإجازة الحافظ الشهير علامة مصرن وحافظ العصر أبي الحسن الشيخ على الشبراملسي، عن الشيخ إبراهيم اللقاني و الشيخ و الشيخ عبد الرحمن اليمني بروايتهما مععا عن أبي النجاة الشيخ سالم السنهوري عن الشيخ الفقهاء و المحدثين أحمد بن خليل السبكي عن النجم الدين، عن الشيخ زكرياءن عن ابن حجر، و كما أجازاني أيضا العالم الماهر العلم نزيل مدينة الرسوالطهر و مدرس حرمه المكرم المنور ابو أبو العباس الشيخ أحمد بن تاج الدبن، عن شيخ الإسلام بالبلد الحرام جمال الدين الشيخ محمد ابن علان الصديقي "الشافعي " عن شيخ وقته شمس الدين محمد ابن احمد الرملين عن الشيخ زكرياء عن ابن حجر،بسنده المتصل و طرقه المعرفة إلى الرسة الله صلى الله عليه و سلم.
و كما أجزته أن يروي عني هذه المنظومة و يشرحها إن أمكنه، أو من أهله الله لذلك، و لهالأجر التام و الفضل السابغ العام اهـ. و أول المنظومة:
يقول راجي رحمة المهيمن
محـمد نجل ابن عبد المؤمن
الحمــد الله وصلى ربي
على النبي و آله و الصحب
و بعد فالقصد بهذا الرجز
جمــع المهم بكلام موجز
من واجب اللهو الرسول
و من فروع لذوي التحصيل
الله مــوجود قديم باقي
مخالــف للخلق بالإطلاق
و هي 79 بيتا بعدها ما نصه:
انتهت الأرجوزة البارعة الواردة موارد الإبداع و مشاعه و كفى بنظامها الغريب دليلا على أن لصاحبها في الأدب و العلم اليد الولى و الباع الرحيب، وبعده الشيخ أبقاه الله: الحمد الله قد اتمها كاتبها محمد بن محمد عبد المؤمن، وفقه اله يمنه، في ضحى يو م الجمعة الثالث و العشرين جمادى الآخرة عام أربعة و ألف اهـ .
ثم ذكر نص إجازة شيخه المولى الشيخ على البراملسي المشار إليها في هذه الإجازة و قال: حسبما كتبتلك من خط شيخنا العلم الذي اربى عبى كل من كتب فيهذا العصر، بقلم العلامة الحافظ الدراكة أبي عبد الله سيدي محمد بن المولي أبي العباس سيدي أحمد عرف بالكماد القسنطيني حفظه الله من غمرات الزمان و أدام النفع به لكل قاص و دانن ولما أتمها قال: انتهت الإجازة المباركة و بانتهائها تنتهي الترجمة مولانا الشريف المحقق الظريف شيخنا أبي عبد الله سيدي محمد بن عبد المؤمن، أبقاه الله في حلل السيادة رافلا و جمعني به عاجلا إنه على ذلك قدير و بإجابة من يدعوه جدير، اللهم يا من نضر مرىه و ألبسه من نور جده صلى الله عليه وسلم و سناه، متعني بصحبته محمد سيد الأبراز صلى الله و سلم عليه و على آله و أصحابه، ما طلعت الأقمار و همعت أمطار.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/10/2010
مضاف من طرف : soufisafi
المصدر : تعريف الخلف برجال السلف