قال في النشر "نشر أزهار البستان": و ممن لقيته بها أبي، الجزائر، ووجهت خطابي إليه إلا أنه أخترمته المنية إثر سقوطي عليه و قبل أن يخبرني فيما لديه، الشيخ المسن البركة الحائزقصب السيق في فنون مشتركة شيخ المشايخ، الذي له في تحقيق العلوم قدم راسخ أبو عبد الله محمد بن خليفة لا زال رضوان الله حليفه.
هو و إن شرست أخلاقه، ولم يحل مذاقه، و ضاقت أكنافه، و لم ترد بحار الكمال أوصافه، فاضل علامة صحب في تحصيل العلم الصالح والطالح، وركب في تطلبه العذب و المالح، و ما برح يكابد لأجله حرة تحتها قرة، ويسيغ من أشربة الاغتراب المزة و المرة حتى ظفر بما يذكر به ما اختلفت الدرةو الجرة، فتوشح بيضه أيام جولانه في الآقاق.
دخل مصر و هو غلان لسلسبيل البيان، فكرع في غديره حتى تضلع من نميره، واحرم بعطافه حتى تروى، من نظافة، فآب إلى الجزائر بعد أن ألحم من أسراره و أشحم، و اقتبس من |أنواره ما ينجلي الليل الأسحم، و جيدة بعقوده محلى، وقد فاز من قدحه بالرقيب و المعلى، فتضيع بين جداولها بحرا، و طلع في سماء معارفها لين دراربها بدرا، و تصدى للتدريس و التصنيف.و تردي بحيلتي التقديس و التشريف، و تمييز بين أولائك الأعيان بحمل الراية البراعة و البيان، وصال على الجميع بألوية محسنات البديع، فاقتطفته المنية إثر بلوغ الأمنية، وتاقت نفسه إلى التنعيم في رياض الجنة بإجتناب و قطف يوم الأربعاء في عقب ربيع الثاني من شهور الأربعة و تسعين و ألف (1094).
وحدثني في حياته بعض الإخوان الملازمين له في غالب الأزمان: أنه ففجع يموت ولده، وخيف عن ذلك تصديع كبده، فلم يجزع لمماته و لم يضجر لفواته، و استعان على رزينة بالصبر ابتغاء الثواب و حصول الأجر، و ما كان إلا و ما حسبه عنها أوار حرقته، فقيل له في ذلك تعجبا من فرط صبره على ذلك الهالك، فقال رضي الله عنه: لا اصطلي نار حرقتين، و لا أجمع بين مصيبتين فجعل من عزائه ترك أقرانه، وسوى ثكل بعدم الإفادة في ذلك اليوم بعينه و قال:
إذا كنت أعلم علما يقينا
بأن جميع حياتي كـــاعة
فلم لا أكون ضنينا بهـا
و أجعلها في صلاح و طاعة
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/10/2010
مضاف من طرف : soufisafi
المصدر : تعريف الخلف برجال السلف