الجزائر

محمد بن إبراهيم المشتهر بالأصولي



ابو عبد الله محمد بن ابراهيم المهدي المشتهر بالأصولي الشيخ الفقيه الأصولي المتكلم العالم المجتهد النبيل الفاضل الجليل، من أهل بجاية، رحل إلى المشرق، ولقي العلماء الجلة من أهل العلم، وولي قضاء المدن بجزيرة الأندلس و استخلف بمراكش، و لي قضاة بجاية ثلاث مرات، وصرف عن آخرها سنة ثمان و ست مئة و توفي ببجاية بين عيد الأضحى و الفطر سنة ثنتي عشرين و ست مئة.
له فضل و جلال و تقدم علم رقي فيه إلى غاية الكمال، وكان جلدا صلبا قوي الجأش و كان إذا حضر مجلس أمير المؤمينن ابن عبد المؤمن و تقع المذاكرة بين يديه، ويسامحه الحاضرون من الطلبة في المذاكرة، كان هو لا يسامحه في شيء، و كان بينه و بين القاضي أبي الوليد في كتاب "الحيوان" له حيث قال: رأيت الزرافة عند ملك البربر، و هم أمير المؤمنين بالفتك به، لم يكن سبب نجاته غيره مع موافقة، الفدر، تسبب في ذلك بوجهين: أحدهما: أنه كان جرى في مجلس أمير المؤمنين أن لا عمل بالشهادة على الخط، و لما و جد صك القضية هم بالعمل بها، فحاج أمير المؤمنين، وقال له: منعتم الشهادة على الخط في الدرهم و الدينار، و تجوزونها في قتل المسلمن و الوجه الثاني: أنه قال: إنما الكتاب: ورأيت الزرافة عند ملك البربر، و إنما جاء فيه زيارة و نقص، وهذا أحسن، وكل ذلك من قوة الجأش.
و من طرفه رحمه الله أنه لما وقع الحضور بمجلس أمير المؤمنين، وأحضرت فيه لا لي نفيسه في طبق، وعرضت على الحاضرين في المجلس و استحسنوها، فعدت و فقدت منها واحدة، فهم أمير المؤمنين بتفتيش الحاضرين، فأشار عليه بسوق قلت ماء مملوءة، و يدخل كل إنسان يده سترا على الفاعل، فسيقت القلة و ابتداء بمن عن يمين الفقيه أبي عبد الله، أو من عن يمين أمر المؤمنين، و كان هو يساره، فلما انتهت القلة إليه ليدخل يده فيها امتنع و قال: صبوها فإن و جدتهم حاجتكم و إلا فهي عندي، فصبوها فلخص من الشك فيه، وهذا من عقله و سياسته رحمه الله.
و كان له علم بالفقه و الأصلين، و الخلافيات و الجل، و له في المعقول الحكمي نظر، و سئل في التصنيف فامتنع، وقال: قد سبق الناس بذلك و حسبي أن أتي به، قعد هذا من عقله و سمعت بعض الطلبة يقول: إن له تقييدا على "المستصفى" لأبي حامد، وأظنه صحيحا، و لعله إنما علق عنه، ورأيت بخطه رحمه الله تأليفا في الموسيقا، وقال لي بعض الطلبة: إنه من تصنيفه، وما وثقت بذلكن ويظهر لي أنه كلام أبي علي بن سينا.
و كانت فيه دعابة و فكاهة لا تخل برتبته و لا تحط عن منصبه، ولقد سمعت أنه و قعت بينه و بين أصحابه من الطلبة مشاحنة فقال له: صاحبه تعايني بهذا وأنا أسن منك و أسنى و أجل، فقال له: نعم أسن بموسى و أسنى بسانية و أجل في مطربك، فتضاحكا و اصطلحا.
و كان مؤثرا لأهل الطلب، مقبلا على أهل الأدب، أخبرني الفقيه أبو محمد عبد الحق بن ربيع رحمه الله قال لي: كان القاضي ابو عبد الله بن إبراهيم الصولي ينتابه من يكرم عليه ممن له رتبة عند خلو مجلسه من الطلبة، فيجلس بإزانة فإذا جاء طالب أفسح له بينه و بينه و بينه، ثم كلما أتى طالب فعل ذلك حتى يعود ذلك الحظى عنده القريب المجلس عنده ابعد اللناس مجلسا عنه، فكان لا يرى الخطوة إلا للعلم، وكان شديدا على ولاة الأمر الذين يكنون معه ببلد قضائه، لا يسامحهم في شيء من أمورهمن و يجادهم بما يكرونه في حق الله و في حق المسلمينن وقد جرى يوما بينه و بين والي بجاية كلام كانت فيه غلظة، فقال له الوالي: و الله لقد أصاب سيدنا أمير المؤمنين المنصور فيكم فقال له، إن أصاب أمير المؤنين المنصور، فقد أخطا فينا أمير المؤمنين الناصر، فأحمه و رجع فاسترضاه، و كان أمير المؤمنين المنصور كتب في شأنه و شأن ابي الوليد، وكان من أمرهم ما رايت الإمساك عنه ثم جاء أمير المؤمنين الناصر يعده، وأحسن إليهم و عطف عليهم و لولا صورة استطراد الكلام ما ذكرت هذه لأنني مازالت أنقد على من يذكر فضل أهل العلم، ثم يغمز في شأنهم و يشير غلى القادح فيهم، فلا أريد أن أذكر إلا خيرا {إن يريد إلا الإصلاح ما استعطت و ما توفيقي إلا بالله}.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)