الشيخ الإمام العالم العلم الركن الملتزم المستلم، العلامة القدوة المشاركالتحرير، ذو البركات الظاهرة و القدر الخطير، أعجوبة الزمان و فريد العصر و الأوان، الداركة الحافظ المتقن المحقق الضابظ الفهامة المدرس المدقق، لفارس المعقول و المنقولو الآتي في درسه بما يبهر العقول، ملحق الأواخر بالأوائل، و علم السراة القادة الأفاضل، الصالح البركة ابو عبد الله سيدي محمد ابن أحمد القسنطيني الشريف الحسني المعروف عند أهل بلده بالكماد قدم رحمه الله على فاس، وتصدر للتدريس بها فأفاد و أجاد و أخذ عنه الجم الغفير من كل بلاد، و كان آية من آيات الله في الحفظ و الإتقان و التحرير العجيب و عزة الشأن، إماما نظارا مطلعان وبنفائس العلوم و دقائقها متضلعان له الملكة في المنطق و علم الكلام، والحفظ التام في علم حديث خير الأيام مرجوعا إليه في الفقه و أدواتهن مقصودا في حل مئكلاته، كبير الباع تام الاطلاع، أذغن له الكافة من علماء عصره، و عظم صيته لدى الرؤساءن وغيرهم من أعيان دهره، وأخبر عن نفسه أنه يحسن اثني عشر علما.
أخذ بحبل زواوة عن أبي عبد الله سيدي محمد المقري، و بالجزائر عن سيدي محمد بن سيدي سعيد قدورة و عن غيرهما، قال في أثناء بعض إجازته لبعض تلامذته: وقد أخذت "صحيح البخاري" وروايته عن الشيخين الإمامين أبي عبد الله سيدي محمد المقري، وأبي عبد الله سيدي محمد بن الإمام الشهير الذكر الطيب النسر سيدي سعيد قدورة، و دراية لبعضه عن الثاني، و إجازة عن الشيخ العلامة الشريف المنيف سيدي محمد بن محمد بن عبد المؤمن قاضي الجزائر، عن شيخه شيخ مصر على الإطلاق أبي الحسن علي الشبراملسي، عن الشيخ المحدثين في زمانه الشيخ إبراهيم اللقاني، عن الإمام النجاة سالم النهوري بقراءته لجمعية عن العلامة رحلة المحدثين نجم الدين القيطي، عن شيخ الإسلام زكرياء الإنصاري اهـ. المراد منها
ثم ارتحل إلى فاس برسم القراءة على مشايخها، يقال: إنه و قف على الدالية لأبي علي اليويسي فاستحسنها و سأل عن ناظمها فأخبر بأنه حي بالمغرب، فأقبل للأخذ عنه، فلما بلغه وجده مشتغلا بزحام الفقراء المتلقين منه، فتصدر بفاس لإقراء "جمع الجوامع" للسبكي فأبدع في إقرائه و رأى الطلبة من حفظه ما لم يكونو يعهدون فأكثرهم الإزدحام عليهن و توجهت عيون أهل الدولة إليه، فارتفعت مرتبته و أجريت له المرتفقات العالية، وشمله درور إحسان السلطان، فمن دونه، وكان مقبلا على ما يعنيه دؤوبا على المطالعة، لا يرى إلا في درسه أو مطالعة كتبه، قليل الكلام الصمت، ذا همة عليه و مآثر سنية لايدع التهجد بالليل حضرا و سفرا، وكان يقرأ في زمان الشتاء و يتفعغ في زمن المصيف لمراجعة ما يليه في زمن الشتاء، واجتمعت الكلمة على أنه أحفظ العلماء عصره، بل ظهر من حفظه نا بهر العقول.
و ممن أخذ عنه الشيخ سيدي محمد بن عبد السلام البناني الأستاذ العلامة سيدي ادريس بن محمد المنجري الحسني، وكان يقول فيه: ‘نه لم تر عيناي مثله.
قال في النشر: وله أجوبة حسنة في نوازل كثيرة دالة على ماهرته و اتساع ملكته، قال: و لملازمته في التدريس لم يتفق له التصنيف و إلا فهو أحق به، و لما دخل تطوان في أول قدومه للمغرب و قع بينه و بين قاضيها الفقيه أبي عبد الله بن قريشي وحشة، فكتب له صاحب الترجمة بأبيات على حفظي منها قوله:
لهف نفسي على كسوف شموس
للعلوم وذلة الغربـــاء
لهف نفسي على زمان عبـوس
قمطرير ذي قسمة ضيزاء
فأنا للعلى سموت و حــزت
رتبة لا تســام بالجوزاء
وورثت العلوم قدما يقينــا
عن آباء قساور نجبــاء
فأنا شمسها و نجم سماهـــا
حافظ العصر سيد النبلاء
وحدث عنه أصحابه قال: بينما أنا جالس بالمشرفة التي بجامع الأرين دخل علي رجل فقال لي: في هذا العام بني ربع دارك، فلم أفهم، مراده، وظني بباب المشرفة، مغلق فتعاهدته فوجدته كما تركته، فلم أدر من أين ولج الرجل علي ثم أتاني في العام المقبل لي: بني في هذا العام نصف دارك، ثم أتاني في العام الثالث فقال لي: بني ثلاثة أرباح دارك، ثم من العام المقبل أتاني فقال لي: بنيت دارك فكان يعلم بقرب أجله، فلم يمض إلا يسر فمرض مرض موته، فأغمي عليه ثم افاق، فقال لي: جاءني ملك فقال لي: تخلق بخلق النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: ما يعني بذلك؟ فقال: أن أختار الرفيق الأعلى.
و توفي رحمه الله عند غروب شمس يوم جمعة الرابع من شهر الحرام فاتح سنة ست عشرة و الف (1116). و صلى عليه إماما الشيخ سيدي محمد بن عبد القادر الفاسي بايصائه بذلك.
قال في "الصفوة": و دفن قريبا من ضريح سيدي أبي غالب، وبنيت عليه قبة اهـ. و هي ساقطة في هذه الأزمان ليس لها أثر.
ترجمة جماعة منهم تلميذه ابو العلاء المجري في "فهرسته" و صاحبا "الصفوة" و "النشر".
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/10/2010
مضاف من طرف : soufisafi
المصدر : تعريف الخلف برجال السلف