الجزائر

محارب في حقل ألغام


 أدار المحارب البوسني ظهره للاتحادية التي وظّفته، وأتمنها على أسراره وهو يمسك بمقاليد الحكم في المنتخب الجزائري ويقود ''محاربي الصحراء'' في معركة ردّ الاعتبار والوقوف مجدّدا ندّا للكبار.
وانطلق المحارب بمعايير ثابتة تؤمّن له طريقا محفوفا بالمخاطر وتدفع به في مغامرة غير محمودة العواقب، مزوّدا بما يلزم لضمان كسب المعارك الرياضية. فحدّد ''حلفاءه'' و''خصومه'' ووضع خططه في ميدانه ووضّح خطوطه العريضة لـ''جنوده''، ورسم سياسته مع كتيبته، وحشد دعم وتأييد ''الشعب'' ولم يبق سوى ضبط قواعد لعبة ''القط والفأر'' بينه وبين رجال الإعلام.
وخلص ''وحيد'' وهو يلقي بسهامه على ''جموع'' الإعلاميين الجزائريين، بأن ''المصلحة العليا للمنتخب''، تقتضي نوعا جديدا من الإعلام الرياضي، وراح يتحدث بصفة الواثق من نفسه، دون قيود التحفظات ويواجه بلغة تعلوها نظرات ثاقبة ويقول إن ''الصحافة تكتب أخبارا ليست صحيحة''.
ودعا المدرّب البوسني الإعلاميين، بلهجة تميل إلى الأمر أكثر منه إلى الطلب، بأن يتركوا اللاّعبين وشأنهم وألاّ يتحدثوا عنهم بسوء ولا ينساقوا وراء الإثارة والأخبار غير المؤكّدة، مستحضرا نذير بلحاج وقضية تأخره ''المزعوم'' كمثال ليضرب مصداقية من كانوا يواجهونه في ''ساحة'' الندوة الصحفية.
ما بنى عليه وحيد حاليلوزيتش قناعاته من مفاهيم احترافية راسخة في ذهنه وبمكتسبات إرث سنوات من التدريب والتعامل مع الاحترافيين من الإداريين والفنيين واللاّعبين في أوروبا وغيرها، لم تشكّل البتة قاعدة في تعاملات ''قنّاص'' الأهداف الأسبق في الجزائر، وكان ذلك ''الاستثناء'' الذي غفل عنه ''المحارب'' وجعله وسط حقل ألغام وضعتها أياد هاوية متخفية وراء الاتحادية التي جعل البوسني أسوارها أصلا دروع أمان حتى لا يرفع الراية البيضاء.
ما لا يعلمه المدرّب الوطني أن منبع الشائعات والمعلومات الخاطئة وتسريب الأخبار لمصادر إعلامية دون أخرى، ونشر ما هو غير صحيح عن المنتخب بقصد أو من دونه ومحاولة ''التحايل'' في طريقة نشر المعلومات على الموقع، هو الاتحادية دون سواها.. فـ''العدو الخفي'' للمحارب هو كل من ترشّحه وظيفته لأن يجد نفسه قريبا من مصدر المعلومة التي تخص المنتخب ثم يتلاعب.. ولن نفشي سرّا إذا قلنا ''حاميها حراميها''.
ولا يعلم المدرّب الأجنبي المحترف بأن من سبقه في قيادة هذا المنتخب والارتقاء به إلى مصاف الكبار، له تجربة واسعة النطاق مع ممتهني الضرب تحت الحزام.. هؤلاء الذين يجعلون من الإعلام الرياضي مصدر الإزعاج والصداع الدائم لمغالطة من يريدون مغالطته.
وجب أن نذكّر المدرّب الوطني بأن الصحافة ليست جريدة رسمية ينشر فيها ما يقدّم من أخبار رسمية، فالصحفي يتعامل مع نفس الأشخاص الذين يتعامل هو معهم، وحين تغلق الأبواب للوصول إلى المعلومة، يصبح لزاما الاجتهاد لتنوير الرأي العام مع الحرص على تقديم ما هو صحيح وما هو حقيقة أيضا، حسب قناعتنا، وهذه مهنتنا ونفقه قواعدها وندرك نبل رسالتها، مثلما يفقه وحيد الجانب الفني كمدرّب ويدرك دور الانضباط كقائد، وما يجمعنا هو التواجد جنبا إلى جنب في حقل ألغام الاتحادية.
ونقول، أخيرا، للمحارب الذي أسقطه سعدان بالضربة القاضية، إن عدم بقاء صانع ملحمة أم درمان في منصبه، فيه معان كثيرة، ونقول أيضا إن هواية اللّعب على الحبلين هي التي هدّمت ما بني في ثلاث سنوات وعبّدت الطريق نحو ''الخيار الأجنبي''، الذي جعل حاليلوزيتش اليوم مدرّبا لـ''الخضرا''.


rafeec2005@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)