صادق أعضاء مجلس الأمة، أمس، بالإجماع، على نص قانون المالية لسنة 2013 خلال جلسة علنية ترأسها السيد عبد القادر بن صالح رئيس المجلس، وعرفت إشادة أعضاء المجلس بالسياسة الاقتصادية ذات التوجه الاجتماعي التي تنتهجها الدولة في ظل المخاوف الدولية من آثار الأزمة العالمية التي دفعت الكثير من البلدان إلى توزيع الفقر من خلال التقشف، واصفين هذه السياسة بالشجاعة والحكيمة.
وتميزت جلسة التصويت التي حضرها 72 عضوا، بينما صوت 48 عضوا آخر بالوكالة، بعرض لجنة الميزانية والمالية بالمجلس في تقريرها التكميلي لسلسة من التوصيات المستمدة من النقاشات التي جمعت أعضاء الغرفة العليا للبرلمان حول النص المعتمد المتضمن لقانون المالية لسنة 2013، أبرزها الدعوة إلى ضرورة مواصلة ترشيد استعمال المال العام وتعزيز آليات الرقابة، البحث عن مصادر أخرى لتمويل الاقتصاد الوطني للتخلص من التبعية لموارد المحروقات وكذا تشجيع الاستثمار ولا سيما في ولايات الجنوب، حيث دعت اللجنة إلى تعمير المناطق المعزولة في هذه الجهة من الوطن، مع دعم الوكالات السياحية ماديا وتأمين المناطق المستقطبة للسياحة من أجل استقطاب أكبر عدد من السياح.
كما طالب أعضاء مجلس الأمة بإعادة النظر في ارتفاع تكلفة الرحلات الجوية من وإلى المناطق الجنوبية وخاصة بالنسبة لفئات المرضى والمعوزين، ودعوا إلى فرض رقابة صارمة على وكلاء استيراد السيارات ووضع دفتر شروط تراعى فيه المواصفات العالمية للسلامة والأمن مع ضمان توفير قطع الغيار الأصلية ومراقبة آليات الدفع، فضلا عن المطالبة بفتح مكاتب صرف العملة من أجل محاربة السوق الموازية، إيجاد صيغ مرنة في مجال توزيع الأراضي الموجهة للسكن الفردي في مناطق الجنوب الكبير، والدعوة إلى إيجاد آليات للتخفيف من عمليات إعادة التقييم للمشاريع.
وشملت التوصيات أيضا اقتراح إعادة النظر في القروض الممنوحة لدعم السكن، وخاصة ما تعلق منها بشرط السن ونسب الفوائد، الدعوة إلى التخلي عن تعديل قانون الجمارك عن طريق قوانين المالية، دعم حظائر البلديات بالوسائل المادية ورفع ميزانية مخططات التنمية للبلدية وكذا منح تحفيزات أكبر للأطباء الأخصائيين للعمل في بعض الولايات الداخلية والجنوبية.
وكانت جلسة مناقشة مشروع قانون المالية مساء أول أمس عرفت تدخل رؤساء وممثلي المجموعات البرلمانية الذين طالبوا بضرورة تعميق إصلاح النظام المالي والمصرفي المبني على ترشيد الإنفاق العام وإيجاد آليات لفك تبعية الاقتصاد الوطني لقطاع المحروقات، مثمنين بالمناسبة استمرار الدولة في تطبيق النظام الاجتماعي التضامني من خلال المشاريع الجارية لتحسين ظروف معيشة المواطنين.
كما ركز بعض المتدخلين خلال هذه الجلية على ضرورة ايلاء اهتمام اكبر للبعد المحلي في التسيير المالي، من خلال توزيع البرامج التنموية بشكل متوازن على مختلف مناطق الوطن وإشراك المجالس المحلية في تسيير المشاريع.
وفي سياق رده على انشغالات أعضاء مجلس الأمة، كشف وزير المالية السيد كريم جودي عن إنشاء مرصد للطلب العمومي متخصص في إحصاء وتحليل المعطيات الاقتصادية المتعلقة بالصفقات العمومية في نهاية سنة 2013، مشيرا إلى أن هذا المشروع الذي تم التفكير في تجسيده منذ عدة سنوات، يندرج ضمن سياسة الإصلاح التي تهدف إلى تسهيل إجراءات إقرار الصفقات العمومية وزيادة الشفافية في تسيير الأموال العمومية وترقية مساهمة المؤسسة والإنتاج الوطني في تلبية الطلب العمومي.
كما أعلن الوزير عن الشروع في دفع الضرائب عبر الانترنت قبل نهاية السداسي الأول من السنة المقبلة، وأوضح بخصوص قرار الجزائر شراء 5 ملايير دولار من سندات صندوق النقد الدولي بان الأمر لا يتعلق بعملية قرض وإنما بإجراء يتعلق بتسيير احتياطي الصرف الجزائري.
وحول إمكانية العودة إلى القرض الاستهلاكي ذكر المتحدث أن تلك القروض تعود بالفائدة فقط على الواردات، مجددا التأكيد على أن العودة إليها ستبقى مشروطة بتطور الإنتاج الوطني الذي يوفر مناصب الشغل في الجزائر وليس في الخارج. وذكر ممثل الحكومة بالمناسبة بالانجازات المحققة في مجال تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وأشار بشكل خاص إلى ارتفاع قيمة التحويلات الاجتماعية بسبع مرات في ظرف 10 سنوات، وإلى أهمية الغلاف المالي المخصص لدعم أسعار المنتجات الأساسية كالقمح والحليب والسكر والزيت، الذي انتقل من جهته من 7 ملايير دينار في 2006 إلى 215,6 مليار دينار في 2012.
وبخصوص المنتجات المالية المطابقة للشريعة التي طالب أعضاء مجلس الأمة بوضع إطار تشريعي لتشجيع اعتمادها من قبل البنوك ذكر الوزير بأن البنوك الناشطة في الجزائر تمنح منذ سنوات هذا النوع من المنتجات دون وجود عراقيل تنظيمية، ورد على الانشغال المتعلق بضرورة العمل على تنويع الاقتصاد الوطني وتخليصه من التبعية للمحروقات، بالتأكيد على أن تنويع الاقتصاد الوطني أضحى يشكل التحدي الأكبر بالنسبة للحكومة، في حين عاد السيد جودي في تصريحه للصحافة على هامش جلسة مناقشة قانون المالية 2013 بمجلس الأمة إلى ما أصبح يعرف بقضية "جازي" ورد فعل الحكومة الجزائرية حول الطعن الذي قدمه المالك السابق ل«أوراسكوم تيليكوم الجزائر" ضد الجزائر أمام التحكيم الدولي، موضحا بأن "الجزائر قد باشرت إجراءاتها أمام التحكيم الدولي باللجوء إلى مكتبين، أحدهما داخلي والآخر خارجي".
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/11/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : م بوسلان
المصدر : www.el-massa.com