الأمثال في السنة
مثل الإيثار
عن إِيَاس بْن سَلَمَةَ - في حديث طويل - قال: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً َلاَ تُرْوِيهَا قَالَ: فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَبَا الرَّكِيَّةِ فَإِمَّا دَعَا وَإِمَّا بَصَقَ فِيهَا قَالَ: فَجَاشَتْ فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ قَالَ: فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ ثُمَّ بَايَعَ وَبَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَسَط مِن النَّاسِ قَالَ: بَايِعْ يَا سَلَمَةُ قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ قَالَ: وَأَيْضًا. قَالَ: وَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَزِلاً يَعْنِي لَيْسَ مَعَهُ سِلاَحٌ قَالَ: فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَفَةً أَوْ دَرَقَةً ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ قَالَ: أَلاَ تُبَايِعُنِي يَا سَلَمَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ وَفِي أَوْسَطِ النَّاسِ قَالَ: وَأَيْضًا. قَالَ: فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ. ثُمَّ قَالَ لِي: يَا سَلَمَةُ أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ عَزِلاً فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الأَوَّلُ: اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي. الحديث(1).
شرح المفردات
(الْجَبَا): بِفَتْحِ الْجِيم وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحَّدَة مَقْصُور وَهِيَ مَا حَوْل الْبِئْر.
(والرَّكِيّ): هُوَ الْبِئْر وَالْمَشْهُور فِي اللُّغَة: رَكِيّ بِغَيْرِ هَاء وَوَقَعَ هُنَا الرَّكِيَّة بِالْهَاءِ وَهِيَ لُغَة حَكَاهَا الأَصْمَعِيّ وَغَيْره.
(بَصَقَ): ويأتي: ( بَسَقَ ) بِالسِّينِ وَهِيَ صَحِيحَة يُقَال: ( بَزَقَ وَبَصَقَ وَبَسَقَ ) ثَلاَث لُغَات بِمَعْنًى وَالسِّين قَلِيلَة الاسْتِعْمَال.
( جَاشَتْ ): أي: ارْتَفَعَتْ وَفَاضَتْ يُقَال: جَاشَ الشَّيْء يَجِيش جَيَشَانًا إِذَا ارْتَفَعَ.
( عَزِلاً ) الذِي لاَ سِلاح مَعَهُ.
( حَجَفَة أَوْ دَرَقَة ): هُمَا شَبِيهَتَانِ بِالتُّرْسِ.
( اللَّهُمَّ اِبْغِنِي حَبِيبًا ) أي: أَعْطِنِي.
شرح الحديث
في الحديث بيان ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من ضيق ذات اليد وأن ذلك لم يمنعهم من أن يؤثروا على أنفسهم كما جرى من سلمة بن الأكوع_ رضي الله عنه_ مع عمه لما وجده بلا سلح حيث بذل له سلاحه وبقي بلا سلاح. وقد أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
فوائد الحديث
1- فيه علم من أعلام نبوة النبي صلى الله عليه وسلم لما جرى من البركة في الماء بدعائه وبصقه في الماء.
2- تفقد النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ونصحه لهم وثنائه على من أحسن منهم.
3- في الحديث بيان ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين من أوصاف حميدة وأخلاق عظيمة من النصرة والشجاعة والتراحم فيما بينهم وغيرها من الخصال الكريمة.
4- فضل سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- حيث آثر عمه على نفسه وقد أثنى الله تبارك وتعالى الأنصار في محكم تنزيله فقال تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [سورة الحشر: 9].
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 22/02/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum-dz.com