ما إن أطل اليوم الأول من شهر رمضان المرادف للرحمة والتقاسم والتقوى، حتى تَشكل زخم تضامني كبير بوهران لمساعدة الأسر المحتاجة؛ لقضاء شهر الصيام في ظروف لائقة, ويجمع هذا العمل النبيل عدة مجموعات من الشباب بالولاية، يساهمون، بعفوية، في جمع وتوزيع المواد الغذائية الضرورية لتزيين مائدة رمضان.إنهم شباب يأتون من آفاق متنوعة وينتمون إلى مختلف الفئات الاجتماعية ولكنهم يتقاسمون نفس الإرادة لمساعدة الغير، لديهم هدف مشترك، يتمثل في إدخال الفرحة ورسم الابتسامة على وجوه المعوزين.
وتجتمع باستمرار أربع مجموعات من المتطوعين الشباب، وهي “ناس الخير” و”ابتسامة” و”هالبيست” و”خير الشباب”؛ من أجل التشاور وتنسيق أعمالها حتى يتسنى إضفاء فعالية أكبر على أرض الواقع والوصول إلى أكبر عدد من العائلات المحتاجة.
وقد اجتمع أعضاء هذه المجموعات للحديث عن قفة رمضان والطريقة التي يُفترض أن يتم بها توزيعها. وقد عرض كل واحد أفكاره ورؤيته، واتفق الجميع على إنجاح العملية بتوحيد الجهود والمشاركة التامة من أجل إسعاد الآخرين.
وقد سُلّمت مؤخرا المئات من قفف رمضان تشمل مختلف المواد الغذائية الأساسية؛ (زيت، سكر، قهوة، شاي، أرز، عجائن ومصبرات الطماطم ومياه معدنية) للعائلات المعوزة عبر العديد من الأحياء والبلدات بوهران، على غرار سيدي معروف والسانيا وڤديّل، بالإضافة إلى ذلك تم تخصيص 24 قفة للمتسولين والأشخاص بدون مأوى.
وأشار المبادرون بهذه العملية التضامنية إلى أنه لا تتوفر أي مجموعة تشارك في هذا العمل، على صفة جمعية؛ “نحن مجرد متطوعين من الشباب الوهراني، الذين تَشكلوا في مجموعة واحدة لهدف وحيد، هو رسم الابتسامة على وجوه أفراد العائلات الفقيرة بمدينتنا”، كما قال الشاب حاج صحراوي رضا عضو في مجموعة “ناس الخير”، “نريد إعادة الأمل للعائلات الفقيرة، نريد أن نُظهر أن الجزائري رجل سخي ويحب الخير على الرغم من تقلبات الحياة”، أضاف نفس المتحدث.
وأوضح رضا حاج صحراوي أن القفف الموزعة تأتي من هبات ذوي البر والإحسان، مبرزا أنه “يوجد الكثير من المحسنين إلى درجة أن التبرعات تأتي من كل حدب وصوب؛ فكل فئات المجتمع تريد أن تساهم سرا في هذا العمل الإنساني، ومهما يقال فإن الجزائري كريم جدا، وقد أثبت ذلك في مناسبات عديدة”.
وبغية الوصول إلى المتبرعين وإطلاق حملتهم لجمع المساعدات، يلجأ هؤلاء الشباب إلى شبكة الأنترنت وخاصة موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، كهمزة وصل بينهم، فضلا عن الصفحات الرسمية لهذه المجموعات، فعلى سبيل المثال صفحة “ناس الخير” تعد أكثر من 11 ألف شخص. ويواصل رضا قائلا: “إننا نريد إثبات أن الخير موجود في أعماق كل واحد منا، يكفي فقط المبادرة بأعمال تضامنية مثل هذه ليتجسد هذا الخير”، مشيرا إلى أن هذه العملية هي الثانية من نوعها منذ بداية رمضان، ويتم التحضير لعمليات مماثلة أخرى طوال هذا الشهر الفضيل وعشية عيد الفطر أيضا, وبالنسبة لأمينة التي تُعد موظفة شابة بمؤسسة جامعية وعضو بالمجموعة التطوعية ”ابتسامة”، فترى أن “المشاركة الواسعة من المتطوعين الشباب في هذا النوع من المبادرات، تعكس نضجهم ووعيهم”؛ “يجب أن يشارك الجميع في هذه العمليات التضامنية. وكشباب، نحن نريد بالإضافة إلى الإعراب عن رغبتنا في تقديم يد المساعدة، إعطاء صورة إيجابية عن الشباب... صورة الشباب الذين يساهمون ويرغبون في أن يفيدوا ويقوموا بأعمال بنّاءة”، تضيف أمينة.
ووزعت مجموعة “ابتسامة” المتكونة من 20 متطوعا، 36 قفة من مختلف المواد الغذائية؛ “إننا نخطو خطواتنا الأولى في هذا الحقل الخيري التضامني، ولا يهم عدد القفف الموزعة... الأهم أن نشارك في هذه الحملة ونجسّدها على أرض الواقع”.
وتشارك مجموعة “هالبيست” التي تستوحي اسمها من فعل “يساعد” باللغة الإنجليزية، في هذه العملية، بتوفير 50 قفة؛ حيث يجمع أعضاؤها المتطوعون المقدر عددهم بحوالي خمسين، التبرعات، ويبحثون بأنفسهم عن المحسنين.
وأبرز صدوق رياض مصطفى المنتمي إلى المجموعة، وهو طالب في السنة الأولى ماستر في الإعلام الآلي بجامعة العلوم والتكنولوجيا محمد بوضياف لوهران، أن وجوده في ميدان التضامن تعكسه الرغبة الجامحة بأن يفيد الآخرين، يقول: “إنها الرغبة في القيام بشيء ما للغير، التي توجهني في هذه العملية كمتطوع، “لا شيء يساوي عندي صورة ابتسامة ترتسم على وجه طالما عانى من صعوبات الحياة اليومية”.
واعتبرت زميلته أمينة، عضو في مجموعة “هالبيست”، وهي طالبة في البيوتكنولوجيا، بأنه بالإضافة إلى الدعم المادي المقدم للعائلات المعوزة، فإن “الدعم المعنوي لهذه الأسر ضروري جدا؛ لأنها تحتاج إلى مؤازرة لكي تشعر بأنها ليست وحدها”. وأضافت: “أن نكون متطوعين هو أن نفكر في الآخر؛ إنه أنبل تفكير”، مؤكدة أن بهذه
العمليات “نبين لمن أفقر منا بأننا معهم في كل الظروف؛ وبإمكانهم الاعتماد علينا”.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/07/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : المساء
المصدر : www.el-massa.com