جاءت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969م، وعام 1986م لتؤسس لإلزامية المعاهدات على ثلاث مبادئ أو قواعد أساسية كانت عرفية فيما سبق، وانتقلت من دائرة العرف غير المكتوب إلى دائرة القانون الدولي المكتوب "المعاهدات" ولكن لم تفقد هذه القواعد صفتها العرفية، فهي ملزمة باعتبارها عرفا دوليا، وملزمة باعتبارها قانونا مكتوبا ولا تناقض بين الوضعين، والأمر يتعلق بمبدأ "العقد شريعة المتعاقدين"، ومبدأ "حسن النية"، وأخيرا مبدأ "سمو أولوية الالتزامات الدولية على الالتزامات الناشئة عن القانون الوطني.
ويعتبر هذا المبدأ الأخير أي سمو المعاهدات الدولية أو الالتزامات الناشئة عن المعاهدات الدولية وأولويتها في التطبيق على ما عداها، لاسيما تلك الناشئة عن قانون داخلي متعارض معها، مبدأ ثابت وراسخ في القانون الدولي نادى به الفقه واعترف به الدول وحكمت به المحاكم الدولية منذ زمن بعيد في جميع القضايا التي عرضت عليها، وكان التعارض قائما بين معاهدة دولية وقانون داخلي، حتى لو كان هذا القانون هو دستور الدولة.
لهذا لم تعد القاعدة الاتفاقية محصورة في المجالات التقليدية المعروفة في السابق، وهي المجالات المحددة الاختصاصات ذات الطبيعة الدولية، بل اتسعت بشكل متسارع في الآونة الأخيرة تحت تأثير العولمة، لتسهيل مجالات جديدة وبمفاهيم جديدة كذلك حيث اكتسحت المجال الوطني للدولة، لتعالج مسائل من صميم اختصاص الدولة وأصبحت بمقتضى هذا الوضع تشكل دفعا قويا لتأكيد وترسيخ مبدأ سمو القواعد الاتفاقية الدولية على حساب القوانين الوطنية، لهذا فالإشكالية التي يمكن طرحها إلى أي مدى يمكن تجسيد أحكام المعاهدة الدولية على حساب القانون الداخلي؟
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/05/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - توركية عبو
المصدر : مجلة الدراسات الحقوقية Volume 4, Numéro 2, Pages 185-197 2017-06-30