الجزائر

مباهج «سيمون»



قد يكون قدر الكثير من المبدعين من أصول شمال إفريقية أنهم لا يعرفون عند بني جلدتهم إلاّ بعد نجاح كبير في أوروبا وأمريكا.الكثير من المبدعات في المسرح مثلا حدث معهن هذا، وقد لا تكون سيمون بن موسى استثناء مع أن هناك الكثير من المصداقية لأولئك الذين يقولون أن هؤلاء ليس لهم من علاقة ببلادهم إلا الأصل الباهت الذي أتوا منه. عدا ذلك فأي دور لهذا البلد في إذكاء موهبة هذا المبدع وتعليمه وتشجيعه وتقديم أعماله ونشرها للناس؟ يقوم هذا المقال بمهمة واضحة: التعريف بمبدعة من شمال إفريقيا لها تأثيرها الكبير في عالم المسرح أولا، والتنبيه إلى التجاهل الكبير الذي حدث لهذه المبدعة بينما يتم الاحتفاء بها في فرنسا وأوروبا على المستوى الفني والبحثي على حد سواء ثانيا والتعريف بمجموعة كبيرة بالأسماء التي اشتغلت معها بن موسى ولا يعرفها الكثير من العرب أخيرا.
ولدت "بن موسى" في تونس العاصمة في الفترة الاستعمارية الفرنسية في العاشر من تموز/جويلية 1931 بالعاصمة التونسية وتوفيت في الخامس من حزيران/جوان 2001 بباريس، واشتغلت في المسرح كاتبة ومخرجة ومصممة. كما أنها درسَت الفلسفة في السوربون. كانت مستشارة أدبية للثنائي الفني الشهير جان لوي بارول و مادلين رينو وابتداء من 1957 أصبحت رئيسة تحرير مجلة "دفاتر رينو بارو" Cahiers Renaud-Barrault وانطلاقا من عام 1976 بدأت في تقديم عروضها المسرحية. شاركت في عشرات المهرجانات في العالم كمخرجة وصاحبة ثقافة واسعة في المسرح وعضوة في لجان تحكيم الكثير من المهرجانات المسرحية في إيطاليا، فرنسا، كوبا، الولايات المتحدة، وغيرها. تقاسمت حياتها لسنوات طويلة مع صديقتها ومساعدتها إريكا كلاريك التي شاركتها مجموعة من أعمالها قبل وفاتها عاما واحدا على إتمامها العقد السبعين. كان عام 1976 فارقا في حياتها الفنية ففيه بدأت الإخراج، قدمت مع المؤلفة ذات الأصول الجزائرية هيلين سكسوس مسرحية "بورتريه دورا" المقتبس عن قصة لحالة مصابة بالهستريا عالجها فرويد. قُدم العرض مع ناتالي نيل وميشيل ماركيز وبمشاركة الكوريغراف كارولين كارلسون ، وخرج العمل في جولة في العديد من الدول الأوروبية. وهو النجاح الذي يبدو أنه شجع سيمون على تقديم عرضين في السنة الموالية 1977: أولهما: الشاطئ للمؤلف والشاعر والرسام "سيفرو ساردوي" بالاشتراك مع جاني هولت وستيفان فاي وجيرار فالكونيتي، والآخر هو "الحياة الفردية لألبرت نوبس" للكاتب الإرلندي الذي عاش في منتصف القرن 19 والثلث الأول من القرن 20 "جورج مور"، اشتركت في العمل جولييت بيرتو التي لم تقدم سواه عدا ثلاثة مسرحيات أخرى لتخصص جل وقتها للسينما وأكثر من ستين فيلما بحيث تم تقديم الدور من قبل غيرها. نجاح العمل كان كبيرا وواسعا لذلك نجد أنّ عواصم فنية كبيرة شهدت العرض مثل نيويورك ولندن وروما. ونالت جائزتين مهمتين إحداهما جائزة اتحاد النقاد وفي 1979 مسرحية "ظهور" من تأليف الكاتب الأمريكي ذي الأصول البريطانية "هنري جيمس" ومثّلت معها النجمتان: سوزانا يورك الجميلة التي سرقتها السينما من المسرح فقدمت على شاشتها عشرات الأفلام وتوفيت قبل سنوات قليلة بسرطان العظام، و سابين هاودبين النجمة الفرنسية المولودة بمونتريال الكندية (على خلاف سوزانا يورك فإنّها وازنت بين المسرح والسينما وقدمت في كليهما عشرات الأعمال منها ما يشكل بحق علامات مضيئة في المسرح والسينما على حد سواء) والممثل الكبير سامي فراي (الذي أخرج في باريس بداية 2019 مسرحية الحب الأول لبيكيت) ورولاند بيرتين الذي ظهر كممثل في مسرحيات لأهم الكتاب العالميين مثل شكسبير، موليير، ماريفو، وستندبرغ.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)