الجزائر

مالي.. بين أحلام فرنسا وانتقام "الهجي"!؟



على من يضحك الجيش الفرنسي عندما يقول في بياناته الصادرة حول الحرب التي يقودها في مالي إنه يتقدم بسرعة نحو الشمال ويسترجع المدن الواحدة تلو الأخرى دون مقاومة؟ وكأنه يواجه جيشا نظاميا بعتاده ومنشآته الثابتة، ناسيا أنه يحارب جماعات متنقلة، عبر الصحاري والكثابين، أما الذين يستقبلون الجيوش الإفريقية والفرنسية في مداخل المدن فليسوا سوى سكان مدنيون، أنهكتهم الحروب والمشاكل وسطوة الجماعات الإرهابية المتشددة على اختلاف هويتها وهوية الجرائم التي تقوم بها ضد سكان عزل.
فهل باستطاعة الجيش الفرنسي أن يعطي لنا حصيلة بعدد الإرهابيين الذين تمكن منهم ونظف مدن غاو وتمبكتو وكيدال من حقدهم؟
أبدا، فحتى الأرقام التي قدمها تبقى مشكوكا في أمرها، ولا يمكن التثبت من هوية القتلى، ما دام هناك تعتيما إعلاميا عن هذه الحرب.
قد يكون القتلى مجرد مدنيين هربوا من جهنم الإرهاب ليسقطوا في جحيم قنابل الجيش الفرنسي. فإلى حد الآن لم نسمع أن الطائرات الفرنسية تمكنت من القضاء على أمير من أمراء الحرب ولا من هم أقل رتبة منهم.
فالجيش الفرنسي لم يحرر شيئا، لأن الجماعات الإرهابية هي التي تكون فرت باتجاه الشمال بعتادها وعدتها، لتحتمي من نيران الطائرات الفرنسية، ودبابات الجيوش الإفريقية. فقد تعودت هذه الجماعات على الضرب والهرب، لأنها تعرف جيدا الدروب الصحراوية وواحاتها، ولها في قبائل البدو حلفاء وموالون.
لكن الجيش الفرنسي لم يتحدث عما يعيشه اليوم قبائل العرب وطوارق مالي من رعب وخوف، بعد أن أصبحوا فريسة من جديد لإرهاب آخر يحمل توقيع العنصرية، وبعد أن سقطوا بين فكي ميليشيات ”قانداكوي” من جهة، ومن جهة أخرى العقيد ”الهجي”، الذي عاد إلى مالي رفقة 1500 جندي من أتباعه كانوا فروا منذ استيلاء أنصار الدين، والجماعات الإرهابية الأخرى على شمال مالي إلى النيجر.
ولكلا الاسمين تاريخ دموي، وفي حصيلتيهما العشرات من المجازر التي اقترفاها باسم العنصرية المقيتة ضد الماليين من عرب وأزواد، وكل من يحمل بشرة فاتحة، ومنها مجازر سنة 2006، وقبلها مجازر التسعينيات، وقد بدأ ”الهجي” ينتقم لأبناء جلدته، من عرب وطوارق في غاو ”المحررة” أكثر بشاعة من الجرائم التي شهدتها ”البورندي” سنوات التسعينيات بين التوتسي والهوتو، والتي كان لفرنسا أيضا يد فيها، والتي خلفت أزيد من مليون قتيل، وما زالت الذاكرة الإنسانية تحتفظ بأبشع صورها.
فمن ماذا حرر الجيش الفرنسي شمال مالي، غير أنه ألقى بسكانه من جديد في حضن إرهاب آخر لا يقل بشاعة عن الإرهاب باسم الدين؟!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)