الجزائر

ماذا ربحنا من ليالي الغضب ؟



ماذا جنينا، خلال ثلاثة أيام من الاحتجاجات، غير التدمير والتخريب؟ ماذا جنينا غير عودة هاجس اللاأمن الشامل كلما حل الليل في كل شبر من الجزائر العميقة؟ أولى التقديرات غير الرسمية للخسائر المالية تتحدث عن 50 ألف مليار سنتيم، أما الأرقام الرسمية فتتحدث عن ثلاثة قتلى وما لا يقل عن 800 جريح، أغلبهم من الشرطة، وهؤلاء في النهاية هم جاري وجارك وابن عمي وابن عمك وهكذا.
إذن، هل كان لزاما المرور بحالة طوارئ لمدة ثلاثة أيام أو أكثـر حتى نعود إلى المربع الأول وتقرر الحكومة تأجيل تطبيق الرسوم على الزيت والسكر وبعض المواد الاستهلاكية الأخرى إلى شهر أوت المقبل.
وحتى هذا الموعد الذي اختارته الحكومة لتطبيق الرسوم الجمركية يتزامن للأسف مع شهر رمضان المعظم، الذي يعرف دائما زيادة تاريخية في الأسعار.. لنغلق هذا الملف مادام أمامنا ثمانية أشهر قبل أن نعرف ماذا سيحدث، ونفتح ما يدور في الشارع من كلام حول وجود توظيف سياسي وتحريك مقصود للشارع.
في الحقيقة، أثبتت ملاحظات جهات عديدة للحراك الاجتماعي الذي عاشته الجزائر، خلال الأيام الثلاثة الماضية، أن تحريك الشارع غير مأمون الجانب على الإطلاق، لأنه من المستحيل أن تستشرف طريقة تفكير 35 مليون جزائري، خصوصا فئة الشباب والمراهقين. فقد ثبت بالدليل أن وقود الاحتجاجات الأخيرة كان في الأغلب شباب الأحياء والمناطق الفقيرة، الذين اعتادوا على السهر خارج منازلهم كل ليلة حتى ساعات متأخرة، إما بسبب الضيق في البيوت أو بسبب ضيق في الأفق والمستقبل. والنتيجة أن هؤلاء الشباب وجدوا في الحرق والتخريب رياضة مثيرة تنسيهم إلى حد ما الروتين اليومي. والمصيبة أن أمر الاحتجاجات تطور إلى قضية إثبات وجود ، وفق منطق المهم المشاركة في التخريب .
وبعيدا عن التنكيت في مقام يستلزم البكاء، يبدو مهما الانتباه إلى المطالب المتناثرة هنا وهناك على لسان من سمعناهم وشاهدناهم على شاشات التلفزيونات العالمية يتحدثون: إنهم يريدون مناصب شغل تحفظ كرامتهم، ويريدون أيضا فضاءات أوسع للتعبير عن اهتماماتهم.. ومن أطرف ما سمعت من حلول مبكية قول أحدهم: يجب بناء مدينة في الصحراء يتم فيها توفير هياكل ووسائل التنفيس والصراخ والتخريب حتى تسلم المدن والقرى من تخريب مكاسب لم تتحقق إلا بشق الأنفس.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)