الجزائر

ماذا بعد العاصفة؟



ماذا بعد العاصفة؟
أموال الدنيا كلها لا أهمية لها، في غياب تماسك الدولة والإحساس بأهمية الحياة وحتمية الدفاع عنها. ليبيا والعراق على سبيل المثال. أعترف بأهمية دفتر الشيكات ولكن تجارب المنطقة الأخيرة، أثبتت أن الأموال بحد ذاتها لا تعني الاستقرار والسلامة وأنه لا بد من وجود أرضية في قلوب الناس وعقولهم جاهزة لاستقبال هذه الأموال، وتحويلها إلى أفعال نافعة لكل الناس.فكرة ”مشروع مارشال” الذي كان بداية لبناء أوروبا من جديد بعد أن خربتها الحرب العالمية الثانية، تبدو واضحة هذه الأيام عند كتاب كثيرين بوصفها العلاج الذي لا بد منه لإعادة إعمار اليمن. الفكرة جيدة وضرورية، غير أني أطلب من القارئ الكريم أن يسمح لي بالتوقف قليلا ليس لأعترض بل لأنبه إلى أنه من الممكن أن يتولى ألف مارشال ضخ مليارات الدولارات طوال النهار والليل على أرض اليمن، ولا ينتج عن ذلك الإعمار المنشود لليمن، لغياب الأرضية الفكرية والذهنية المنشغلة بالإعمار. في الحرب العالمية الثانية فقدت الشعوب مدنها ومصانعها وملايين الأرواح من شبابها، غير أن الأفكار الأساسية، وأخطرها فكرة الدولة، لم تستطع الحرب أن تقتلعها من عقول البشر، لذلك كانوا في حاجة للأموال فقط ليواصلوا مسيرة الحضارة. أما نحن فعلينا أن نعترف بما نحن عليه دون أن يشعرنا ذلك بالألم. في العواصف بشكل عام يعجز المثقفون عن الحركة ويقل تأثيرهم ربما إلى درجة الصفر. غير أنه بعد سكون العاصفة تبدأ نسائم الفكر والحرية، ومعها يبدأ عمل المثقفين - في حالة اليمن بالتحديد - لإعداد عقول مواطنيهم لتقبل فكرة الدولة، وأن بلدهم - اليمن - هو أكثر قداسة من كل القبائل والعشائر والأحزاب. وأن فكرة الوطن - الدولة ليست مجرد فكرة مثالية رومانسية، بل هي أكثر الأفكار واقعية في التاريخ. إنها الطريقة الوحيدة التي تضمن السلامة للمواطن. وأن التنمية من المستحيل أن تحدث عن غير طريق الدولة. وأن الدولة هي المحتكر الوحيد للعنف، وأنه ليس من حق مخلوق أن يحمل سلاحا إلا من ترخص له الدولة بذلك للحماية الشخصية لظروف تقدرها أجهزة الدولة.أمر مدهش وغريب ومحزن ومخجل أن نفاجأ بالجيش اليمني وقد تحول إلى أجزاء بعيدا عن سلطة الدولة. أجزاء توزعت بين فرقاء تولوا هدم الدولة، ليظهر على الساحة شياطين الإنس يمتطون المدرعات ليمارسوا قتل الشعب اليمني بدافع من الجهل والعدوان والرغبة المرضية في السيطرة على البشر الذين لا حول لهم ولا قوة. الدور القادم هو دور المثقفين لشرح المفاهيم الأساسية الأولية للناس مع التركيز على الشباب مع عدم إغفال التوعية الدائمة داخل القوات المسلحة. لا تمجيد لقبيلة، لا تمجيد لعشيرة، لا تمجيد لزعيم، التمجيد الوحيد يجب أن ينصرف إلى الشعب اليمني وحده، ووحدة مؤسساته.يا أعزائي المثقفين في اليمن.. لقد بدأ دوركم لصنع وحدة الشعب اليمني.. أرجوكم اتفقوا على ذلك الآن ثم اختلفوا غدا.. مستقبل الشعب اليمني في أعناقكم.. هيا أثبتوا للعالم كله أن المثقف العربي يحارب من أجل مفاهيم الحضارة.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)