الجزائر

مادام دليلة في دار السبيطار



 وفرت أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لمشاهدي قناة ''نسمة'' التونسية متعة كبيرة، لا تختلف في كثير من جوانبها عن المشاهد المضحكة للفيلم الجزائري الشهير ''كارنافال في دشرة'' الذي روج لـ''مادام دليلة'' التي لا يرفض لها المسؤولون طلبا. وكشفت السيدة سها عرفات للعالم الجانب الذي لا يعرفه عامة الناس مما يجري في القصور الملكية والرئاسية في العالم العربي، وحتى في الجمهوريات الأوروبية والغربية ''المحترمة''، التي دخلتها في حياة زوجها الراحل وبعد وفاته. ويعرف العرب بفضل شهادة السيدة عرفات أن رؤساءهم وملوكهم، الذين لم يتردد كثير منهم في إراقة دماء شعوبهم ومازال بعضهم يفعل، لم يكونوا أبطالا. أية بطولة هذه التي تدفع رئيس دولة إلى تسخير كبير حرسه لتعقب سيدة أرملة في بلدان أجنبية ؟ أين البطولة حين تدخل الشعوذة والسحر إلى المقامات التي من المفروض أن تحكمها العقلانية والحكمة ؟ مقامات لا يترك الذين يغادرونها وراءهم إلا الفضائح وتداول حكايات عن ممارسات وسلوكات لا يمكن أن يمارسها أناس أسوياء. وإذا كان حديث أرملة ياسر عرفات انصب في غالبه حول مشاكلها مع السيدة الأولى السابقة لتونس، فإنها لخصت ما كان يحدث في قصر قرطاج وما شابهه من قصور في غير تونس من الدول. وبينت بالبرهان أن العلاقات في تلك القصور لا تختلف كثيرا عما صوره الأديب الجزائري محمد ديب في روايته الدار الكبيرة، والتي تحولت إلى مسلسل تلفزيوني شهير بعنوان ''دار السبيطار''. في ''دور السبيطار'' العصرية ينشغل الرؤساء وأفراد أسرهم وحواشيهم المتفرعة، بغير ما أقسموا على أدائه، خدمة الشعوب. ويسخرون الضباط السامين، الذين من المفروض أنهم تجندوا بمحض إراداتهم لحماية البلاد والناس، للسطوة والسطو على الضعفاء. ولا يترددون في ابتزاز متعامليهم من رؤساء الدول الأوروبية بتصوير مرؤوسيهم الذين يخالفونهم الرأي بأنهم إرهابيون، وجب التضييق عليهم في سبيل استمرار ''علاقات الصداقة والتعاون''. وقالت سها عرفات إن بن علي فعل ذلك معها. ولا شك أن رؤساء وملوكا آخرين فعلوا أبشع، فقط لم تهرب ''ليلى'' أو ''دليلة'' التي كانت تأمر، لتكشف عدواتها ما فعلته بهن. الأكيد أن تاريخ البشرية مليء بالقصص المشابهة لما روته السيدة سها، عند العرب والعجم على حد سواء، وليست ليلى بن علي أول ''دخيلة'' على القصر في التاريخ، وليست الوحيدة أيضا، ولا شك أنها لن تكون الأخيرة.  


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)