الجزائر

ما هي الاستحاضة



ما هي الاستحاضة

الاستحاضة

جاءت أحكام في الإسلام تامّةً كاملةً بكل تفاصيلها وجُزئياتها وبكل ما يتعلّق بها، فالإسلام لم يترك شاردةً ولا واردةً، صغيرةً ولا كبيرةً إلا ذكرها وبيَّن أحكامها وتفاصيلها، وذلك إنّ دلَّ على شيءٍ فإنّما يدلُّ على عِظَم وشموليّته وصلاحيّته لكل زمانٍ ومكان.


معنى الاستحاضة

لغةً مصدر استحيضت المرأة فهي مُستحاضة. أمّا الاستحاضة اصطلاحاً فهي سيلانُ الدّم في غير أوقاته، من مرضٍ وفسادٍ، من عرق في أدنى الرّحم يُسمّى العرق العاذل.


عرّف الحنفيّة الاستحاضة بأنّها عِرق انفجر ليس من الرّحم. وعرّفها الشافعيّة بأنّها ( علّة يسيلُ من عرقٍ من أدنى الرّحم يُقال له العاذل).


ذكر الدّكتور وهبة الزحيليّ تعريفاً شاملاً للاستحاضة، فقال: (سيلان في غير أوقاته المُعتادة (غير الحيض والنّفاس) من مرض وفساد، من عِرْق أدنى الرّحم يُقال له العاذل، فكل نزيف من الأنثى قبل مُدّة الحيض (وهي تسع سنين)، أو نقص عن أقّل الحيض، أو زاد على أكثره أو أكثر النّفاس، أو زاد عن أيّام العادة الشهريّة وجاوز أكثر مدّة الحيض، أو ما تراه الحامل (الحُبلى) في رأي الحنفيّة والحنابلة، هو استحاضة).


أحكام المُستحاضة

حكم دم الاستحاضة

الاستحاضة حَدَث دائم باتّفاق الفقهاء، أو كالرُّعاف الدّائم، أو كالجرح الذي لا يتوقّف دمه ولا ينقطع عند الحنفيّة والحنابلة، فلا يمنع شيئاً ممّا يمنعه والنّفاس من صلاة وصوم ولو كانت نافلةً، وطوافاً، وقراءة قرآنٍ، ومسَّ مُصحف، ودخول المسجد، والاعتكاف، والوطء ، وقد دلَّت على ذلك الأحاديث الثّابتة عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام في ذلك، منها:

  • ما روت أم المُؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (إني امرأة أُسْتَحاض، فلا أطهرُ، أفأدع الصّلاة؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنما ذلك عِرْق (أي ينزف)، وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها (قدر عادتها) فاغسلي عنك الدم، وصلِّي).
  • عن عكرمة قال: كانت أم حبيبة تُستحاض وكان زوجها يغشاها.
وهذا جاء في إباحة وطء المُستحاضة هو ما قرّره الفقهاء، وقد ورد عن الإمام أحمد روايتان: الأولى وهي إباحة وطء المُستحاضة، والثانية وهي الرّاجحة في المذهب بأنّ المُستحاضة لا توطأ إلا أن يخاف على نفسه الوقوع في محظور، واستدلوا بقولهم أنَّ المُستحاضة بها أذىً، فيُحرَم وطؤها كالحائض، قال الله عزَّ وجلَّ في الحائض مُعلّلاً منع وطئها بالأذى: (قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض)، لكن إذا انقطع أباح الحنابلة وطء المُستحاضة من غير غسل؛ لأن الغسل ليس بواجب عليها كما هو في سلس البول.


طهارة المُستحاضة

ذهب المالكيّة إلى استحباب المُستحاضة لكلّ صلاة، ويُستحَبّ لها أيضاً الغسل بعد انقطاع دم الاستحاضة.


ذهب الحنفيّة والشافعية والحنابلة (الجمهور) إلى أنَّه يجب على المُستحاضة أن تتوضّأ لكل صلاة بعد أن تُطَهِّر فرجها، وتتحفّظ وتحتاط من نزول الدّم في الصّلاة بما تيسّر لها لأجل ذلك، لقول النبي عليه الصّلاة والسّلام لحمنة بنت جحش حين شكت إليه كثرة الدّم: (أنْعَت لك الكُرْسُفَ، فإنه يُذهب الدمَ)؛ والدليل على أنّ المُستحاضة تتوضأ لوقت كل هو أنّ النبي عليه الصّلاة والسّلام قال في المستحاضة: (تدع الصّلاة أيام أقرائها (حيضاتها)، ثم تغتسل، وتتوضّأ عند كل صلاة، وتصوم وتُصلّي).


حكم ما يسيل من دم المُستحاضة على الثّوب

ذهب الحنفيّة إلى أنّه إذا أصاب الثّوب من الدّم مقدار مَقعِر الكفّ فأكثر وجب غسله إذا كان الغسل ذا فائدة، وإذا تنجّس الثّوب مرّةً ثانية قبل أن تُنهي صلاتها جازلها ألا تغسل الثّوب؛ لأنّ في إلزامها التّطهير مشقّةً وحرجاً. ذهب الشافعيّة إلى أنَّه إذا تحفّظت لم يضرّ الطّهارة خروج الدم، حتّى لو لوَّث لباسها في تلك .


ما تراه الحامل من الدّم أثناء حملها

اختلف الفقهاء في الدّم الذي تراه هل هو دم حيض أم لا، فذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّ دم الحامل دم علّة وفساد؛ أي أنَّه دم استحاضة وليس بدم حيض، وأنّ الحامل لا تحيض، وقد استدلّوا بما رواه أبو سعيد الخُدريّ رضي الله عنه أنَّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام قال في سَبي أوطاس: (لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض)، ووجه الاستدلال أنّه جعل الحيض دلالةً على براءة رحم المرأة، وبناءً على هذا لا يجتمع مع الحمل، أي أن تكون المرأة حاملاً وحائضاً في نفس الفترة، وعلى هذا يكون الدم دم استحاضة، واستدلّوا أيضاً بقول النّبي عليه الصّلاة والسّلام في حق ابن عمر - لما طلّق زوجته وهي حائض-: (مُره فليراجعها ثم ليُطلّقها طاهراً أو حاملاً)، فجعل وجود الحمل علماً ودلالةً على عدم الحيض كالطّهر؛ أي كما أنّ الطّهر دلالة على عدم وجود الحيض، فالحمل أيضاً دلالة على عدم وجود الحيض.


وقد ذهب المالكيّة والشافعيّة إلى أنّ دم الحامل حيض، وقد استدلّوا بعمومِ الأدلّةِ ومنها قول النبي عليه الصّلاة والسّلام: (دم الحيض أسود يُعرَف)، واستدلّوا أيضاً أهل المدينة عليه.


أحوال المستحاضة

للمُستحاضة ثلاث حالات:

  • أن تكون مدّة الحيض معروفة للمُستحاضة قبل الاستحاضة، وفي هذه الحالة تُعتبر المدّة المُتعارف عليها هي مدّة الحيض، والباقي استحاضة، كأن تكون مدّة حيض المرأة المُعتادة ستّة أيام وما زاد عليها يُعتَبر استحاضة، فتتوقّف عن الصّلاة مدّة حيضتها، وما زاد على أيام الحيضة تتوضّأ لكل صلاة.
  • أن تكون المُستحاضة ممّن اعتادت الاستحاضة لكنّها لا تستطيع تمييز دم عن دم الاستحاضة، وعندها يكون حيضها ستّة أيام أو سبعة كأغلب النّساء، لحديث حمنة بنت جحش قالت: (كنت أستحاض حيضة شديدة كثيرة، فجئت رسول الله عليه الصّلاة والسّلام أستفتيه وأخبره فوجدته في بيت أختي زينب بن جحش، قالت: فقلت: يا رسول الله إني أستحاض حيضةً كثيرةً شديدةً، فما ترى فيها وقد منعتني الصّلاة والصّيام؟ فقال: أنعت لك الكرسف فإنّه يُذهِب الدّم. قالت: هو أكثر من ذلك، قال: فتلجَّمي. قالت: إنّما أثج ثجاً، فقال: سآمرك بأمرين أيهما فعلت فقد أجزأ عنك من الآخر، فإن قويت عليها فأنت أعلم، فقال لها: إنّما هذه ركضة من ركضات الشّيطان، فتحيضي ستة أيام إلى سبعة في علم الله ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلّي أربعاً وعشرين ليلةً، أو ثلاثاً وعشرين ليلة وأيّامها، وصومي، فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي في كلّ شهر كما تحيض النّساء وكما يطهرن بميقات حيضهنّ وطهرهنّ، وإن قويت على أن تؤخّري الظّهر وتُعجّلي العصر فتغسلين ثم تُصلّين جميعاً، ثم تُؤخّرين المغرب وتُعجّلين العشاء وتجمعين الصّلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر وتُصلّين، فكذلك فافعلي وصلّي وصومي إن قدرت على ذلك. وقال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: وهذا أحب الأمرين إليّ).
  • أن لا تكون لها عادة، ولكنّها قادرة على تمييز عن غيره، وفي هذه الحالة تعمل بالتّمييز، لحديث فاطمة بنت أبي حبيش: (أنّها كانت تستحاض، فقال لها النّبي عليه الصّلاة والسّلام: إذا كان دم الحيض فإنّه أسود يُعرَف، فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصّلاة، فإذا كان الآخر فتوضّئي وصلّي فإنّما هو عرق).





سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)