لا شك أن تنوع الطبخ الجزائري مرتبط بتنوع سكان البلاد حيث لا تزال العائلات تطهو تلك الأطباق التقليدية في منازلهم و هم جد فخورين بهدا التراث الذي لم يضع سدىفكل منطقة تفتخر بأشهى طبق و أجود منتوج لها. هل يمكننا حقا اختيار طبخ معين لتمثيل الوطن ? وما هو أكثر طبق قد يجمع عليه? سنحاول أن نجد الجواب في قاع القدر الجزائري....
 
" الكسكس السطايفي" لا بل "الكسكس القبائلي" " في الشرق يحضر كل الأطباق بصلصة حمراء و لهدا لا اعتبره أفضلها" "لم تتذوق بعد الطبخ الصحراوي" هكذا احتدم النقاش بين موظفين في شركة خاصة بالجزائر العاصمة الدين سئلوا حول ميولهم في الطبخ وكل منهم مدح ما يعتبره أفضل طبخ تبعا لجذوره
و لكن بات الاختيار صعب عندما تعلق الأمر ببلد كثيف و يمتاز بتعدد ثقافي هائل و في الطبخ على وجه الخصوص فمن أفضل الطهاة في الجزائر? لعلنا لن نجد جوابا عن هدا السؤال... فأكثر الأفراد تعلقا بمنطقتهم جاوبوا "بمدينتي" قال الوطنيين منهم "إن الجزائر ككل تحظى بأحسن طبخ بالمقارنة مع بلدان المغرب الأخرى" أما البعض الآخر الذي يعتز بعائلته فقال "طبخ أمي". إنما يجعل الطبخ الجزائري طيب هو و بكل بساطة تنوعه و تميزه في كل منطقةلا يجوز لأي مدينة أن تجزم بلقب أفضل موروث في الطبخ لكن لها أن تفخر باختصاصها المحلي. نلاحظ أن الطبخ الجزائري لا يتعدى ما وراء حدود البلاد أو بعض المدن الجزائرية بعض الأطباق لا يعرفها أغلبية الجزائريين الدين لا يتراءى لهم انه يمكن لطبق أن يعرف على مستوى آخر و يبقى فن الطبخ جد متجزئ عبر الوطن.
 
الوصفات السرية في الجزائر:
تحاول شهرزاد المسؤولة عن موقع الطبخ المسمى بجواهر شهرزاد الذي يقرأ من قبل ملايين الأشخاص كل يوم في العديد من البلدان أن تعرف بالتنوع الجزائري هدا و قد صرحت بالتالي: "مشكلتنا في الجزائر أننا لا نعرف كل النوعيات و التشكيلات للمناطق المجاورة لنا مع العلم أنه يوجد ثراء كبير فقد اكتشفت وصفات مدهشة ككسكس الاغواط و كسكس الشلف الذي لا يحتوي على غلوتين هل كنتم تعلمون بهدا?. يقترح هدا الموقع الكثير من الوصفات الجزائرية و يعتبر وسيطة تربط كل الجزائريين في كل أنحاء العالم الدين يريدون مشاركة أسرار طبخهم وطريقة لنقل عادات الطبخ حسب ما ذكرت شهرزاد مدافعة عن هدا التراث " لقد آن الأوان لكي نعيد إحياء وصفاتنا يجب على الجزائريين أن يكونوا أكثر فخرا بطبخهم و يفهموا أنها لفرصة أن يكون بهدا التنوع أن شهرزاد تتأسف أن ينسب الطبخ الجزائري لطبخ الشرق الأوسط . و هي بصدد تحضير كتاب حول أطباق كل المناطق الجزائرية التي لها ذاتيتها فكيف تمكن المغرب الأقصى من التعريف عن طبخه? لأنهم لا زالوا يقدمون الأطباق التقليدية و يتحكمون في طريقة التواصل و التسويق لوصفاتهم رغم أن طبخنا أكثر غنا فنجد بعض الوصفات و الحلويات الجزائرية التي تعرف على أنها مغربية و هدا غير صحيح و إنما هدا راجع إلى تأثير الحضارة الأندلسية على كلى البلدين مما ولد تشابها بينهما.
 
نرى الفرق من خلال الطبخ:
إن هدا التنوع الذي نجده في الجزائر يستمد من التاريخ و الحضارات المختلفة التي شهدتها البلاد منها التركية و الأندلسية و الرومانية و العربية و الأوروبية فكل هده الأخيرة أثرت على طبخنا من العهد النوميدي إلى الاستعمار الفرنسي علينا أن نتقبل موروثنا و ليس هناك ما يدعو للخجل إن تحدثنا عن طبخ المستوطنين الفرنسيين بالجزائر على سبيل المثال بل على العكس علينا أن نعتبرها ثقافة لان كل وصفة تحمل تاريخا معها لهدا يصبح من الصعب أن نصنف الطبخ الجزائري و لكن علينا الإقرار بان كل مدينة تزخر بوصفات خاصة.
 
الكسكس :
يعد الكسكس طبق العائلة ليوم الجمعة و هو أهم الأطباق في تراث فن الطبخ الجزائري فقد وجد مند ألف سنة ادخل من طرف الموحدين حسب المؤرخة" لوسي بولنس". فان البربر هم أول من طبخ هدا الطبق و دمك في عهد الملك البربري "ماسينسا" و دلك بين 149 و 238 ق .م. فهدا الطبق التقليدي يمكن طبخه بألف طريقة إلا انه اشتهر في سطيف و بلاد القبائل. فالكسكس السطايفي و المدعو بالبربوشة معروف بمرقه الأحمر ذي الألف توابل منها الطماطم و الخردل و البصل و الجزر و القرنفل و عصير الليمون و بدقيقه المفتول بتميز كما أن الفلفل الحار هو اللمسة المتمة التي تجعل الكسكس يختلف من مدينة إلى أخرى. يتميز الكسكس القبائلي باستخدامه الفاصولياء و البازلاء و حتى الفول المبخر. و هكذا يعد "الامقفول" من الأطباق الجد صحية في فن الطبخ الجزائري فالخضر تحتفظ على قوتها و مذاقها دون إضافة التوابل التي قد تغير الدوق. يتقن القبائل طبخ الكسكس و يتفنننون فيه فهم يعدونه بعشرة طرق معينة. كما يجب أن نعطي كسكس الجنوب مكانته و الذي يعد بطريقة مختلفة فتاغيت و بشار و الاغواط و ادرار من المدن التي يختل لديها هدا الطبق دو الأصل البربري مكانة راقية ففي الجنوب يتميز الكسكس بدقيقه السميك و مرقه الأحمر و كثرة الخضر.
 
حريرة الجنوب و مشؤي الاغواط و الشخشوخة البسكرية :
فن الطبخ في الجنوب هو كذلك غني و متنوع إلا انه غير معروف دلك أن بعد هده المنطقة يجعلها مجهولة لدى كثير من الجزائريين و لو أن الاغواط مشهورة بلحم خروفها الذي يعد الأفضل في الجزائر و المشوي الكبير حيث يطبخ اللحم بدقة و إتقان و يقدم بالخضر و أنواع البصل. فجزائريو الجنوب يتقنون طهي الحوم تحت الرمل و الذي يعطي دوقا متميزا كما أن حريرة الجنوب هي من أصل أندلسي حيث عرفت مند 902 في الجزائر و تعد بحق الطبق الرئيسي في شهر رمضان فهي غداء صحي كامل و لا بد من ذكر الشخشوخة البسكرية و العجائن المقدمة بأنواع الخضر و المرق الأحمر شدة حرورها لا تفقدها دوق القرع و الجزر و البطاطا و الحمص المقدمة على أوراق المسمن.
 
الطبق الأبيض العاصمي :
حتى العاصمة تمتاز بخصوصيتها في فن طبخها المتوسطي حيث تتنوع فيها الطماطم و الفلفل و البصل إلا انه يغلب عليه المرق الأبيض فالرشتة و المثوم و الكسكس الابيض و الضولمة لها أسرار لا يحسن تقديمها إلا العاصمة فهده الأخيرة بضواحيها تجيد تزيين الأطباق بالقرفة لأنه كان التابل الوحيد المتواجد في القديم.
 
طاجين الغرب :
يعرف الغرب بمرقه و توابله المختلفة المتوارثة من بلاد الأندلس أكثر ما يميزه هو أنواع الحساء كالحريرة التي تعد من أشهر الأطباق في الغرب و يليها الطاجين إن المنطقة المجاورة للمغرب الأقصى تتميز بتمرسها في فن الأطباق المالحة و الحلوة منها. نذكر المحمر الذي يطهى بالليمون و اللحم و الزيتون و البصل و القليل من القرفة لتعطي دوقا حلوا و حادا في آن واحد. إن "الشلاشم بالفليو" هو أيضا من اختصاص المنطقة و يعد بخضر جافة كالحمص و الفول و العدس و الفاصولياء و القمح بقليل من الزيت و لحم الضأن أما تلمسان فإنها تبدع في تحضير " البركوكس" الذي يطهى أساسا من حبيبات القمح و الشعير المنقوعة في مرق احمر حاد مصحوب باللحم و الذي يقدم عادة للاحتفال "بيناير" رأس السنة البربرية.
 
مذاق الشرق اللاذع و الحلو:
يشتهر الشرق الجزائري أيضا بطبخه و تعد كل من سطيف و باتنة و قسنطينة القوة المهيمنة في هدا المجال لأطباقها و حلوياتها التقليدية.إن "المقرطفة" أو "التريدة" و "الشخشوخة" هي اطباق محلية تتكون من عجائن تطهى في مرق احمر و بصل و طماطم و حمص مصحوبة بلحم الضأن و الدجاج و تقدم هده الأطباق في الحفلات الكبيرة كالأعراس و المناسبات العائلية كالعيد. تشتهر قسنطينة بصنع الحلويات التي تبرع فيها مثل المقروط و البقلاوة و القطايف و طمينة اللوز و الغريبية و تحضر عشرة أيام قبل انتهاء شهر رمضان. إن الذي يميز حلويات الشرق هو أيضا العطر الدائم لماء الورد و الزهر.
لا يقتصر المطبخ الجزائري على طبخ واحد معين بل يتعدى لكل الأذواق ولكل ما تشتهيه النفوس من الصعب أن نختار أحسن وصفة أو أفضل طبق لأن كل منهم يمتاز بقيمة فنية تاريخية أو عائلية. لتستطيعوا الجزم فعليكم بالتجول عبر التراب الوطني و التذوق.
 
تاريخ الإضافة : 13/07/2014
مضاف من طرف : litteraturealgerie
صاحب المقال : Rédaction