الجزائر

مئذنة جامع المشور



أمر ببناء هذه المئذنة كملحق بمسجد المشور السلطان أبو حمو موسى الثاني، وأول ما يميز هذه المئذنة عن المآذن الزيانية بتلمسان تلك النقلة التي عرفتها زخرفة واجهاتها. تشبه المئذنة في زخرفتها مئذنة مسجد أولاد الإمام التي بنيت في نفس الفترة (نهاية القرن 8 هـ/ 14 م)، وتعتبر نقطة تحول في العمارة الزيانية من حيث أساليب وأشكال الزخرفة.
الوصف المعماري للبرج الرئيسي للمئذنة:
لا يختلف هذا البرج عن غيره من الأبراج في المآذن الزيانية فهو ذو مسقط مربع، شيد في الواجهة الشرقية من مبنى المسجد وينقسم إلى ثلاثة أقسام بواسطة صفان من الآجر وله قاعدتان.أما طول البرج فيبلغ 19.20م.
يختلف الوصف الزخرفي لمئذنة جامع المشور كونها لا تحتوي على مجمعة شبكة المعينات التي عادة ما توجد في زخرفة المآذن الموحدية والزيانية ، وهذا ما يجعلها تنفرد بشخصيتها الفنية بعيدا عن التأثيرات الموحدية والمرينية 1.
ويعود سبب هذا التحول في مسار العمارة الدينية الزيانية إلى السلطان أبو حمو موسى الثاني الذي يعتبر باعث الدولة الزيانية والآمر ببناء المسجد. ولعله أراد أن يحدث قطيعة مع مختلف مظاهر فترات الضعف التي عرفتها مملكة الزيانيين وفي كل المجالات، بما في ذلك المجال العمراني. ومن ذلك أنه جعل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مناسبة مميزة. وقد أبدى شارل بروسلار، الباحث الأثري الفرنسي الخبير في الآثار العربية الإسلامية بتلمسان، إعجابه بهذا النموذج للهندسة المعمارية في عهد هذا الأمير الزياني بقوله: "...وهي تكون لوحدها قطعة هندسية جديرة بالملاحظة، وأصالة زخرفتها يجعلها متميزة عن كل العمائر من نفس النوع، والتي لا تزال قائمة في تلمسان..." 2.
تقوم زخرفة واجهات المئذنة على استعمال إطارات مستطيلة متتالية بدل الزخرفة التي تقوم على شبكات المعينات المتشابكة التي زينت بها المآذن الزيانية الأخرى بتلمسان. فالواجهة الجنوبية للمئذنة تحتوي على ثلاث إطارات مستطيلة ، اثنان في الأعلى وتحتهم ثالث مستطيل الشكل بعقد رخو برأسين، زينت قاعدته بزهرة ثلاثية الفصوص نصف دائرية. ويعلوه إطار آخر مكون من مربعات الخزف ذي البريق المعدني. وهذه المربعات تحمل الكتابات التالية:
" اليمن والإقبال، يا ثقتي يا أملي، أنت الرجا أنت الولي أختم عملي " 3
أما الواجهتان الشمالية والشرقية فقد زخرفت بإطارين مستطيلين أحدهما فوق الآخر. فالإطار العلوي مزخرف بسلسلتين من البائكات موضوعة إحداهن فوق الأخرى، وحين تتشابك فيما بينها تعطي شكل ستة عقود منكسرة، وداخل العقود قطع من فسيفساء الخزف ذات ألوان مختلفة. أما العقود التي تشغل القسم الأسفل من الإطار فإنها أطول مرتين من العقود التي تعلوها، بينما زين كورنيش هذا الإطار بمربعات صغيرة من فسيفساء الخزف.
يحتوي الإطار الداخلي على عقد مفصص متشابك، زواياه مفروشة بفسيفساء الخزف ولها زخرفة من المعينات جهتها الأفقية على شكل عقد رخو برأس واحدة. كتبت على أحد إطارات الواجهة الشرقية كتابة غامضة يصعب إيجاد معناها، وهو مربع الشكل يبلغ طول ضلعه 2.40م. أما الكتابة فهي بخط أندلسي وتشكل نتوءا طلاؤه من الخزف الأزرق البارد يفترش أرضية مطلية بالخزف الأبيض، وتتكون الكتابة من ثلاثة أسطر اثنان منها عمودية وواحدة أفقية.
الوصف المعماري للجوسق:
بني جوسق المئذنة من الآجر كذلك ويبلغ ارتفاعه حوالي 5.90م وعرضه 2.5م، وهو أطول جوسق بناه الزيانيون ويختلف عنها في كونه خاليا من الزخرفة التي عرفتها المآذن في تلمسان. وينتهي المبنى المستطيل بقبة صغيرة يخترقها صار كان يحمل في نهايته تاجا مستديرا وفوقه تفاحتين ولا أثر لهما اليوم 4.
زين الجوسق بقوس نصف دائرية وفوقه لوحة مستطيلة مزخرفة بعقد منكسر ، وفي مجمله يكاد يكون الجوسق خاليا من الزخرفة، ولم يستعمل في التزيين إلا الآجر واستغني عن شرائط فسيفساء الخزف التي زخرف بها الجامع الكبير.
1 : Charles BROSSELARD : « Les inscriptions Arabes de Tlemcen », Revue Africaine, 1859, 2ème ed., Alger :OPU, 1984, p.246.
2 : نفس المرجع، ص241.
3 : Georges MARCAIS : Collection les villes d’art célèbres: TLEMCEN, Paris : Laurens, 1950, p.83.
4 : غوتي بن سنوسي: الزخرفة في مساجد منطقة تلمسان، رسالة ماجستير، قسم الثقافة الشعبية،جامعة تلمسان، 1990، ص.314.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)