الجزائر

مؤرخون يؤكدون



مؤرخون يؤكدون
خلصت مداخلات عدد من المؤرخين والأساتذة خلال ندوة "موعد مع التاريخ"، نظمت يوم الثلاثاء بقاعة السيلا، إلى أن عام 1956 كان منعطفا مفصليا في مسار العمل التحرري، ونقلت القضية الجزائرية إلى مرحلة أشمل وأكثر تنظيم، حيث شهد انعقاد مؤتمر الصومام وإضراب الطلبة وانتقال الحرب إلى المدن.تكلم المؤرخ محمد القورصو عن دور عبان رمضان وتأثيره القوي بعد مجيئه بمفهوم جديد يقوم على التنظير وضبط مفهوم جبهة التحرير بأنها ليست امتدادا للأحزاب السابقة، بل تمثل مشاغل الشعب، مطلبها الاستقلال، وراءها قاعدة شعبية تنصهر فيها كافة الأطياف.واعتبر القورصو سنة 1956 منعرجا هاما في الثورة الجزائرية فيها نظمت صفوف جبهة التحرير ليكون ذلك عاملا لنجاح الثورة، وقال "عبان رسخ فكرة ضرورة مواصلة الكفاح مع فتح المفاوضات، الحرب النفسية التي انتهجتها الجبهة لعبت دورا هاما، رغم أن العديد من المؤرخين يغفلون ذلك".البروفيسور مليكة رحال تحدثت عن موقف اليسار الفرنسي سنة 1956 الذي كان يضم أطرافا داعمة للجزائر الحرة، معلقة "لم يكن صوت المناهضين للاستعمار كبيرا داخل الأحزاب الفرنسية... لكن الفترة تعتبر انتقالا في الحرب التحريرية، حيث استثمر الجانب الفرنسي أكثر في الحرب والقمع، بالموازاة نضج الجانب الجزائري بظهور الحرب الشاملة التي غذتها العمليات داخل المدن".واعتبر الدكتور رابح لونيسي مؤتمر الصومام عاملا في توحيد الصفوف، وأنه النواة الأولى للدولة الوطنية، وقال "عبان فتح الباب أمام الكفاءات والعلماء، لقد كان يقول دائما أنها ثورة امة".وأوضح لونيسي أن دلالة عبارة الأولوية للسياسي على العسكري لا تقصد الأشخاص وصفاتهم، بل للفعل وأن الأسبقية هي للعمل السياسي قبل المسلح.حرب المدن والانفتاح على الكفاءاتوشرح المتدخل فكر الشهيد عبان رمضان المبني على مبدأ "عملية واحدة في المدينة خير من مائة في الجبل"، وأضاف: "رغم الخسائر العسكرية التي وقعت في المدينة، كان عبان محقا لأن هذه الأخيرة فرضت على ديغول التفاوض".واعتبر الأستاذ عامر محند أعمر سنة 1956، زمن انتقال القضية الجزائرية إلى العالمية، ومرحلة انفتاح جبهة التحرير على الكفاءات.المحامية ماري كلود تقدم شهادتها شهادة مؤثرة قدمتها المحامية الفرنسية ماري كلود رادزيفسكي، خلال ندوة "موعد مع التاريخ" التي احتضنتها قاعة السيلا، هذه المرأة التي حملت مشعل الدفاع عن السجناء الجزائريين، ودخلت معركة حقيقية مع المحاكم العسكرية الاستعمارية لتعطيل تنفيذ الإعدامات في حق متهميها، أملا في أن تستقل الجزائر ويتحرر هؤلاء.وعادت ماري كلود إلى نهاية سنة 1961 حين تولت مهمة الدفاع عن12 شابا جزائريا، ألحقوا عنوة بالجيش الفرنسي، هؤلاء عرضوا على المحكمة العسكرية، بتهمة الفرار من أداء الواجب، وأوضحت أن الفترة كانت مرحلة مفاوضات بين الجزائر فرنسا، ما خلق إحساسا بالارتياح، قائلة "نظرا لظرف، كنا متأكدين أن الحكم النهائي سيكون سنتان سجن أو أربعة على أقصى تقدير".لتواصل شهادتها حين صورت الصدمة التي تشكلت لما نطق القاضي حكمه بالإعدام ضد إثني عشر شابا جزائريا بتهمة الخيانة العظمى، "أدرت وجهي من الصدمة والدموع في عيني... بعد انتهاء المحاكمة قصدني أحد الحراس، وأعلمني أن المتهمون يريدون لقائي لشيء مهم".ووصفت كلود لقاءها بموكليها، الذين سألوها عن سبب بكائها في المحكمة، ليعلق أصغرهم "نريد أن نخبرك أنه لو استقلت الجزائر فأكيد سيطلق سراحنا، إذن الحكم غير مهم، أما إذا لم تتحرر الجزائر فنحن لا نريد أن نعيش تحت وطأة الاستعمار، فالإعدام هنا أيضا لا يهم، ما أثر فينا حقا ويهمنا هي دموعك في المحكمة".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)