الجزائر

مُوضة " مقاهي المُثقفين " تكتسحُ الشارع الجزائري في رمضان



مُوضة
كرد فعلٍ على تراجُع دورها الريادي الذي كانت تقُومُ به الفضاءاتُ التقليدية الثقافية ، من خلقِ حراك ثقافي بالمُدن والأحياء الشعبية أوساط الشباب والمُهتمين ، عادت ظاهرة " المقاهي الأدبية والفنية " ، تكتسحَ الشارع الجزائري "مكاناً " يلتقي فيه النُشطاء بمجال الثقافة ، الفكر والفن ، يتبادلون به الحديث عن واقع الوسط وآفاقه التي هي في الغالب مُحتشمة الظُهور وإن إختلفت بين مُؤيدٍ ومُعارض .وعلى غرار العدد القليل الذي ينشطُ بفترات منتظمة ، كجمعية الجاحطية الأسبوعي ، ومُؤسسة فنون وثقافة التي تفتحُ أبوابها للمثقفين والشباب على مدار السنة ، أطلق مجموعة من المُثقفين بادرة إنشاء مقاهي أدبية وفنية بقلب العاصمة لرمضان هذه السنة ، من أجل إحياء وبعث لقاءات الزمن الجزائري الجميع ، هذه الفكرة بدأت من قِبل شبابٍ مُبدع لا يجمعهُ بالضرورة الإنتماء لأي من الأطراف الثقافية والسياسية المعرُوفة ، لكنهم يعتبرُون هذه الخطوة إتجاهٌ نحو الحد من فتور المُؤسسات الثقافية ومواجهة نفورالأوساط من الفعل الثقافي في ظل تراجع الفاعلين المعروفين عن مسؤولياتهم في تأطير الشباب ثقافيا وفنياً ، لذلك فهي تهدفُ إلى إخراج هذه الفضاءات من إطارها الإعتيادي الذي جعلها فرصة لتمضية الوقت فيما لا يفيد، حيث ينصرف أغلب الرُواد إلى الثرثرة والنميمة وما إلى ذلك ، وبذلك يكون إقتحام هذه الفضاءات لهدف إشراك رُوادها في بعض قضايا الأدب والفن والإبداع.ولعل خطوة الجزائر في هذه السنة الجديدة سترجع لنا حتى ماضينا أين كان يلتقي الكثيرون من الكُتاب والأدباء بأسماء لامعة من الشرق الأوسط على غرار الراحلين محمود درويش ونزار قباني، ومهما نستذكر ما فات نتمنى أن لا تكون المبادرة لأسابيع فقط ثم تتحوّل إلى ذكرى، فكل مُبدع أدبي ووفيّ للثقافة و الفن يحتاج إلى ملاقاة القراء والجمهور وقياس حجم قبول إنتاجاتهم في الكتابة والتصوير عندهم . ونتجت ظاهرة شيُوع المقاهي الأدبية بعد إكتشاف حاجة الناس للتعبير، وتأثيثِ فضاءاتهم المألوفة بنقاشات ثقافية وقراءات شعرية وقصصية ، وأخرى فنية . فمُبدعوا اليوم من الشباب ، كانوا قد لمسُوا منذُ سنوات قليلة ماضية ، رغبة العديد من رُواد المقاهي في التعبير عن ذواتهم وأفكارهم ومُقترحاتهم في شؤون الثقافة والإبداع والإعلام والتعليم وغيرها ، وهناك تجارب كثيرة أخرى في عدد من المدن كقسنطينة ، بسكرة وتلمسان وغيرها حيث تحولت المقاهي إلى فضاءات ثقافية لاقت إستحسان روادها كثيراً ، فهذه الجُهود والمُبادرات التي تهدف لإضفاء الصبغة الثقافية على المقاهي ، حتى الآن هي نموذجٌ فريد على مستوى التجربة الجزائرية .وعلى الرغم من إستحسان الكثيرين لها ، تبق هناك تخوفات من المُمكن أن تشكل عقبة في طريقها ، كتغليب المصالح الذاتية ، وبحث أرباب المقاهي عن الربح المادي مع تحفظهم من الإنخراط في العمل الثقافي، وتشويش كثير من الرواد على الأنشطة التي تطرحها تلك الأخيرة ، خاصة فيما يتعلق بعدم الإنسجام بين الأعضاء وسعي البعض إلى إفشاله ببعض الطرق.بالنهاية ...هذه المقاهي ليست بديلاً عن الفضاءات الثقافية التقليدية ولكنها مُكملة لها ، وهي فضاء لتصالح المثقفين مع متابعين ، وجسر تواصل بين مُستجدات الإبداع والمُبدعين وكُل ما يحصل بالحقل الثقافي الجزائري .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)