الجزائر

مُدّرسون يعددون أسبابها: ‏عراقيل تؤثر سلبا على سير محو الأمية



انتقدت السيدة ''يامنة بوزيان'' الأمينة الولائية للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات لبومرداس، الطريقة المعتمدة حاليا في تطبيق الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية، وقالت: إن مواصلة السير بذات الوتيرة لن يُمكّن الجزائر من بلوغ هدف القضاء على الأمية بحلول ,2016 مثلما تقرر. وتضيف في حديث لها مع ''المساء''، بمناسبة إحياء الجزائر لليوم العربي لمحو الأمية، إن اشتراط توفر 40 متعلما في كل قسم يتناقض مع هدف القضاء على الأمية خاصة في المناطق الريفية. ودعت إلى المحافظة على طابع العمل التطوعي في مجال محاربة الأمية.
وأشارت محدثة ''المساء'' لوجود عراقيل وصعوبات ما تزال تعترض تطبيق الإستراتيجية الهادفة إلى القضاء على الأمية بشكل نهائي في أفاق .2016 وبين العراقيل التي تثيرها؛ الإشتراط على المعلم أو المؤطر توفير40 متعلما في كل قسم، وهو ما اعتبرته شرطا تعجيزيا لصعوبة استيفاء هذا الشرط خاصة في المناطق الريفية والمداشر المعزولة، وبالتالي يعد تناقضا مع هدف القضاء على الأمية في المناطق الريفية التي تحتضن النسبة الكبرى من الأمية في الجزائر. ''في أغلب الأحيان، لا نسجل أكثر من 20 دارسة بالقسم في إحدى المداشر، ولكن القوانين النظامية ترفض أمر فتح قسم محو الأمية، وهذا لا يحفز التدريس ومحو الأمية أيضا، لذلك حبذا لو يبقى التدريس بهذه الأقسام عملا جمعويا خيريا''. تقول المتحدثة مضيفة بقولها؛ إن ممارستها الميدانية للتعليم لمدة تزيد عن 30 سنة، بما في ذلك نشاط محو الأمية، تأكد لها أن الهم الكبير المتربص بالمرأة هو الجهل، لذلك فإن تعليم المرأة -بالنسبة لها- يكتسي أهمية كبرى تسعى لجعله أساسيا ومتوفرا لكل النساء. بل تسعى حاليا إلى تحسيس المرأة ليس فقط بأهمية الدراسة، وإنما بأهمية المشاركة في مختلف الفعاليات الاجتماعية والسياسية كذلك، وهذا ما حملها على اختيار موضوع ''المرأة والسياسة'' لإحياء اليوم العربي لمحو الأمية هذه السنة، هذا بعد أن كان التحسيس بالعديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك السكري وضغط الدم وسرطان الثدي، من اهتمامات حملات التوعية للدارسات في سنوات ماضية.
من جهة أخرى، دعت السيدة بوزيان إلى التعجيل بحل مشاكل استيفاء المدرسين لأجورهم، حتى يتمكنوا من تأطير الحصص التدريسية بالمرونة المطلوبة.
جدير بالإشارة أن ولاية بومرداس قد عرفت تحرر ألف امرأة من الأمية خلال السنة الدراسية المنصرمة 2010-,2011 تم دمج 147 امرأة في إطار الدراسة عن بعد أو عن طريق المراسلة لاستكمال المشوار، فيما سجل خلال الموسم الدراسي الجاري 6123 دارسة، وتسجيل 174 مدرسا و11رجلا في أقسام محو الأمية، كلهم من ذوي الإعاقة.

كشف معلمون في أقسام محو الأمية أنه من بين المشاكل التي تعيق سير التعليم في هذه الأقسام، يتعلق أساسا بعدم توفر أقسام للتعليم في بعض المناطق، ما أدى إلى تقليص ساعات التدريس، وبالتالي التخوف من عدم استكمال الدروس بسبب عدم استيفاء ساعات التدريس، فضلا عن مشاكل تقاضي هؤلاء المدرسين لرواتبهم، ما يؤثر على سير التدريس بهذه الأقسام.
تحاورت ''المساء'' مع المعلمة في قسم محو الأمية الآنسة راضية العايب، مدرسة بقسم لمحو الأمية بمدينة بومرداس بالضاحية الشرقية للعاصمة، فقالت؛ إنها تلمس في كل مرة ذات الشغف لدى الدارسات للتعلم وحب القراءة، وأشارت إلى تصرف إحدى الدارسات في الخمسينات من عمرها، و التي اعترفت لمدرستها يوما بقولها: ''غير معقول.. سأتمكن أخيرا من قراءة القران!'' وأخرى قالت لها: ''أنا أقرأ الكلمات لوحدي، هذا شيء رائع!''. وواصلت موضحة أن الدارسات يتراوح أعمارهن ما بين 17 إلى 65 سنة، وأنها اِلتمست حب الدراسة والشغف للتعلم لديهن جميعا، وتشير إلى رغبة الدارسات في طرح الكثير من الأسئلة على أمور وأشياء تسمعنها من المحيط؛ مثل الحديث عن بعض الأمراض المزمنة وعن كيفية الوقاية، حماية لهن ولأسرهن.
أما عن أهم العراقيل المصادفة لسير التعليم في أقسام محو الأمية، فتحدثت السيدة زينب من جمعية ''اقرأ'' والمُدرسة بقسم لمحو الأمية بالجزائر الوسطى عن سير العمل داخل القسم، فقالت: بداية إن إقبال النساء على التعليم يكون كبيرا وملحوظا، بحيث أنه لا يسجل غيابا وسطهن إلا في حالات نادرة. ''إن الدارسات يسعين لتدارك ما فاتهن من سنين دون تعليم وتعلم، لذلك فإنهن حريصات على الحضور، كما أنها ذات الملاحظة بالنسبة للشباب أقل من 35 سنة، تسربوا عن أقسامهم لأسباب أو لأخرى''. إلا أن المتحدثة تشير بالمقابل إلى أمر تراجع نسبة الإقبال بالمقارنة بالسنوات الماضية، لأن هناك مشاكل في توفر قاعات التدريس بالنظر إلى تطبيق نظام الدوامين في المدارس، ورفض بعض مديري المؤسسات التربوية فتح الأقسام أثناء العطل وأمسيات أيام الراحة، مثل الثلاثاء والجمعة''. وتضيف: ''أصبحنا اليوم لا ندرس 24 ساعة في الأسبوع مثلما قُرّر في نص الإستراتيجية، وإنما 12 ساعة في أحسن الأحوال، فبالإضافة إلى مشكل عدم توفر قاعات التدريس، فهناك المنافسة التي طفت إلى السطح مؤخرا بما ينعكس سلبا على تعلم الدارسين بمحو الأمية، بمعنى أن العمل في محو الأمية كان من قبل تطوعيا خيريا، وحاليا بعد تطبيق الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية وفتح مناصب توظيفية للشباب، أصبح هناك تنافسا بين المعلمين، أي أن تعليم الكبار كان يسجل حضوره بالمساجد إذا لم تتوفر قاعات التدريس بالمدارس، أما الآن فاختلف الأمر، فبمجرد الشروع في حلقة التدريس بالمسجد، تتهاطل علينا الأسئلة: من أنتم؟ ومن رخص لكم بالتدريس هنا؟ وغيرها من العراقيل، نفس الأمر يسجل أيضا في دور الشباب، ونتساءل أين الحل في كل هذا؟''.
ويطرح مشكل عدم استفادة مدرسي أقسام محو الأمية لرواتبهم الشهرية بصفة منتظمة، جانبا آخر للمشكلة، فالسواد الأعظم من هؤلاء المدرسين يشتغلون في إطار شبكات تشغيل الشباب، ويتقاضون راتبا قد لا يزيد عن 3 آلاف دينار في الشهر ولكن صرفه يتأخر سنة كاملة، وهي الوضعية التي يقول أصحابها أنها سيئة جدا، وقد طال أمر إيجاد حل لها ما دام المعلمون في أمس الحاجة إلى رواتبهم، قصد مواصلة بذل مجهودات أكبر لتقليص نسبة الأمية في الجزائر

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)