الجزائر

مُتسولو الأسواق يُتاجرون بصدقات المُحسنين


كثيرا ما يستطيع المتسوّل أن يأخذ من المواطنين تلك الصدقة، ليس بمظهره المهترئ فحسب، بل بطلباته، حيث يطلب قارورة حليب، أو خبزا، أو مواد غذائية أخرى، ولا يفعل حينها سوى الوقوف، أو الجلوس بقرب المحلات التي تبيعها، ويطلب من الزبائن أن يشتروا له منها، ولكنه لا يتناولها، وإنما يبيعها بنصف السعر.مصطفى مهدي
يكفيك أن تجلس بالقرب من هؤلاء المتسولين لتلاحظ أنهم في أحيان كثيرة لا يستهلكون، لا هم، ولا أبناؤهم، أو الأطفال الذين يستعملونهم لامتهان التسوّل، لا يستهلكون تلك المواد، وإنما يحتفظون بها لبيعها، وربما بنصف السعر، ولهؤلاء التجّار، أحيانا، ولقد أمضينا اليوم في التنقل بين أحياء الجزائر الوُسطى، خاصّة تلك التي يجلس بها أكبر عدد من المتسولين، والذي اتخذوا، او اتخذ الكثيرون منهم من التسوّل مهنة يقتاتون منها، وهو الأمر الذي حدث مع متسولة في حي "كلوزال" سابقا، والتي كانت ترتدي لحافا، وتحمل طفلا بين يديها، وكانت تستجدي عطف المارّة، وحتى الذين كانوا قد اخذوا موقفا من هؤلاء المتسولين، عطفوا عليها، وعلى حالها، ولكن الأدهى أنها كانت تطلب من الناس أن يشتروا لها علبة حليب أطفال من عند محل مواد غذائية كان بالقرب من المكان، فكان الناس يشفقون على حالها، فاشترى لها أكثر من شخص علب الحليب تلك، ولكنها لم تكن تعطيها للطفل الذي كانت تحمله، وكانت قد جمعت ست علب، أو أكثر، واحترنا في أمرها، وهي التي لا زال تطلب من المارة أن يشتروا لها نفس المادة، وكانت تخفي العلب تحت لحافها، احترنا في ما يمكن أن تفعله بها، ولكن سرعان ما جاءها شاب اخذ منها تلك العلب، وأعطاها نقودا، فتبعنا الشاب، والذي لم يكن إلاّ بائعا للمواد الغذائية، والتي كان يضعها في طاولة في ذات السوق، وعلمنا أنه يكون إما اشتراها منها، او انه يعمل معها بهذه الطريقة، وتكون قد باعتها له بنصف الثمن، خاصّة وأنه كان يبيع تلك القارورات بثمن منخفض، أما المرأة العجوز فبقي تتسول الحليب من المارة، الذين يعتقدون أنهم ينقذون ابنها من الموت بتصدقهم عليها.
والظاهرة، للأسف، صارت متفشية في وقت ازداد حذر المواطنين من هؤلاء المتسولين، ولم يعودوا يتصدقون عليهم، خشية أن يتعرضوا للاحتيال، ولهذا لجأ هؤلاء المتسولون إلى مثل تلك الخطط، وفي سوق "ميسونيي" أيضا هناك تفشي للظاهرة، إلاّ أنّ بعض الباعة الذين يملكون ضميرا لا يشجعونهم على هكذا تصرفات، بل بالعكس من ذلك يفضحونها، مثلما فعل الخباز الذي أتته متسولة لتبيعه خبز البريوش كان احد المواطنين اشتراها لها للتو، فطردها البائع، وفضحها أمام الناس، وأبناء الحي، والمارة، حتى هربت المتسولة، ولا شكّ أنها لن تعود إلى نفس المكان الذي افتضحت فيه.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)