الجزائر

ليبيا بين عبث الجماعات المسلحة وإستراتجيات القوى الغربية



بقلم: فوزي حساينية
إن مراقبة ما تقوم به الجماعات المسلحة من عبث وضرب لاستقرار ليبيا وبالتالي إطالتها لأمد ومعاناة الشعب الليبي تثير في نفسية المرء ألاماً مُمِضَّة ويزداد عمق ودائرة الألم عندما نعلم أن كل جماعة من هذه الجماعات تتبع جهة أجنبية تتلقى منها الدعم وتنفذ أجنداتها على حساب أمن واستقرار ومستقبل الشعب الليبي ووسط عدم مبالاة ما يُسمى المجموعة الدولية التي تعمل العديد من أطرافها في الحقيقة على استمرار وعلى إطالة عمر الأزمة في ليبيا لأن ذلك يخدم مصالح إستراتيجية لأوربا - وقوى أخرى- فإضعاف ليبيا والمنطقة المغاربية ككل يندرج ضمن الأهداف الأساسية لعدد من القوى الأوربية على وجه التحديد...
- ولنلاحظ جيدا أن أهم ما تهتم له الولايات المتحدة هو استمرار تدفق النفط في حين تتصارع كل من فرنسا وإيطاليا على تنفيذ مشاريعهما التي لا نعرف عنها إلا القليل ففرنسا مثلا تعمل من أجل التأسيس لمشروع انفصالي في الجنوب الليبي على غرار ما حدث في جنوب السودان والغاية هي تعميق الشرخ بين إفريقيا ومحيطها العربي وهو مشروع عزيز على مُخططي ودهاقنة الاستعمار الجديد كما أن فرنسا ترمي بالتحديد إلى ضمان أن يندرج الجنوب الليبي مستقبلاً في دائرة نفوذها الواسعة في الصحراء الكبرى..
- ولكي نفهم ونتأكد من أن القوى الغربية تعمل على إبقاء الوضع في ليبيا مضطرباً لأطول مدة ممكنة يكفي أن نلاحظ عدد الدول التي تجندت للعدوان على ليبيا سنة 2011 والسرعة التي عملت بها مختلف الهيئآت الدولية والإقليمية مثل مجلس الأمن والحلف الأطلسي والجامعة العربية وعدد آخر من الدول الأوربية والعربية في سياق الحرب على الدولة الليبية...أما الآن فإن الدول أو الهيئآت الدولية والإقليمية التي تتظاهر بالعمل على مساعدة الليبيين على الخروج من الأزمة تعمل ببطئ شديد وتأخذ كل وقتها لأن حل الأزمة الليبية من وجهة نظرها ليس بالأمر المستعجل فتبا ثم تبا لما يُسمى بالربيع العربي الذي أتاح لقوى البغي والعدوان الدولية أن تدمر الدولة في ليبيا وأن تقود هذا البلد الشقيق إلى أن يصبح تحت رحمة ثلاث حكومات متصارعة وعشرات الجماعات والعصابات المتقاتلة.
ولا يجب أن ننسى أولا أن أحد أهم الأسباب التي عجَّلَتْ بالعدوان على ليبيا هو مشروع البنك الإفريقي والعملة الإفريقية التي كانت بصدد التأسيس كبديل لإفريقيا عن العملات الأجنبية وخاصة الدولار أما فرنسا فإنها أرادت القضاء على التوسع الاقتصادي والمالي الليبي في إفريقيا وهو الأمر الذي كان يهدد بزعزعة أسس الاستغلال والنهب الفرنسي الدائم لثروات عشرات الدول الإفريقية كما لا يجب أن ننسى ثانيا أن الحرب الأطلسية على ليبيا سنة 2011 كانت في جوهرها ومراميها حرباً حضاريةً والباقي كله تفاصيل تتكرر في كل مراحل التاريخ وتقلباته.
- والواقع أنه دون القضاء - بالمعنى العسكري والسياسي- على الجماعات المسلحة ابتداء بقطع صلاتها مع القوى الأجنبية التي تُمولها لن يكون هناك حل في ليبيا وهذا يتطلب قبل كل شئ ظهور قوة وطنية ليبية مستقلة في قراراتها عن قوى الشر من العرب والعجم هنا يكمن التحدي ومن هنا تكون البداية الصحيحة للحل المأمول.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)